أسدل الستار الجمعة الماضي بخشبة مسرح محمد الخامس بالرباط عن المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية في نسخته الثانية، وذلك في حفل ختامي بهيج، وزعت فيه الجوائز على المعاهد الفائزة وعلى المشاركين الفائزين، بناء على قرارات لجنة التحكيم التي ترأسها «مولاي أحمد بدري»، والذي كان الحفل الختامي مناسبة لتكريمه والاعتراف له بالجميل من قبل تلامذته باعتباره الأستاذ الأكاديمي للمسرح وأول مدير للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي..
بيان اليوم انتزعت مولاي أحمد بدري من زحمة الاحتفال وأجواء التكريم لتجري معه حوارا سريعا واطلعت معه على عمل لجنة التحكيم التي ترأسها وكذا إحساسه وهو يكرم على يد تلامذته الذين أصبحوا اليوم قامات فنية ومسرحية معروفة على الصعيد الوطني والدولي.
> أستاذ أحمد بدري، باعتباركم رئيس لجنة تحكيم هذه الدورة، ما تقييمكم الإجمالي للمشاركات هذه السنة؟
< تميزت المشاركات هذه السنة بتنوع وغنى كبيرين طبعا الأداء والتجسيد المسرحي، وتعددت الأساليب والكتابات المسرحية وغير ذلك بفضل التنوع واختلاف جنسيات المشاركين باختلاف المدارس والمعاهد المسرحية، فقد كانت هناك أساليب مختلفة أغنت أيام المهرجان، مثلا العرض البولوني تميز بأسلوب اندمجت فيه الثقافة البولونية مع تقاليد المجتمع البولوني، في علاقتهم مع التراث البولوني وتأثير الدين مثلا في محيطهم مع أداء المشاركين عن هذه المدرسة، وهو ما أغنى عرضهم المسرحي، بالإضافة كذلك إلى ألمانيا التي جاءت بنمط آخر وأسلوب مغاير، وساحل العاج التي قدمت عملا جبارا على نص فرنسي لجون جوني وأعطته نفسا إفريقيا من خلال إعادة كتابة المسرحية وإعدادها على الخشبة، الشيء الذي جعله نصا مسرحيا قويا وجد مهم، وإذا ما قارنا الاشتغال على نفس المسرحية التي تم إخراجها بالعديد من المدارس الفرنسية وغير الفرنسية، سنجد أن هذا النص بالنفس الإفريقي متميز بخصوصية فريدة ملموسة وهو الشيء الذي أعجب الجماهير وخلف فرجة أيضا، الأكيد أن مشاركات هذه السنة هي مشاركات قيمة تتميز بمجموعة من الأشياء الجميلة وهي الاختلاف الذي طبع الأعمال كما ذكرت آنفا، فالمشاركات كانت من عدة قارات وليست واحدة، وهذا هو السبب الذي جعل العروض والمشاركات كلها غنية ولها نفس خاص وأسلوب مختلف عن بعضها البعض.
> ما هي أهم المعايير التي اعتمدتموها في نقاشاتكم ومداولاتكم في لجنة التحكيم، التي تم على إثرها اختيار الفائزين عن كل تخصص، وكذا الجائزة الكبرى؟
< أولا، أشير إلى جانب مهم وهو أن اللجنة كانت مكونة من تخصصات متعددة يعني أنها تنطلق من متخصصين في المسرح و»البالي»، حتى المتخصصين في السينما واللغة السنيمائية وعلاقتها مع اللغة المسرحية مرورا بطبيعة الحال بالدراماتورجيا والإخراج الفني وغير ذلك، وهذا ما أضفى على اللجنة اتجاهات متعددة.. والنتيجة كانت إيجابية حيث أغنت الحوار والنقاشات بزوايا مختلفة، والمبدأ الذي أخذناه كمقياس أساسي هو أننا واعون بأن العروض التي نراها هي عروض معاهد ومدارس تكوين وليست عروض من إنتاج فرق محترفة أو شيء آخر، لذا فالمعيار الرئيسي هو معيار بيداغوجي، وبحكم أن تخصصاتنا كانت متعددة، فإنها أغنت النقاشات والمداولات، حيث كانت هناك إفاضة في النقاش، لكننا لم نصل إلى خلاف لنلجأ للتصويت، وهذا جعل مهمتنا يسيرة بعض الشيء في اختيار الفائزين عن أصناف الجوائز بدء من جائزة الملابس وصولا إلى جائزة الإخراج. أما الجائزة الكبرى، فالعرض الفائز تميز بتحكم في اللغة المسرحية والفضاء المسرحي، خصوصا وأن العرض لم يكن مبرمجا في المكان الذي تمت إقامته فيه، بل كان مبرمجا بقاعة الكنفاوي، لكن متطلبات الرؤية الإخراجية للمخرج الألماني جعلته يبحث عن فضاء آخر ووقع اختياره على بهو مسرح محمد الخامس واستطاع أن يخلق فضاء سينوغرافيا من أشياء واقعية أعطت جمالية وقوة في التعبير، وهذا ما جعله يتوج كأحسن عمل خلال هذه السنة، حيث أن النقاش والمداولة أعطته الأفضلية في مجموعة من التخصصات، أي من الكتابة المسرحية إلى الفضاء المسرحي والملابس والديكور وغير ذلك، وهذا ما قلته سابقا، أي أن كل عضو في لجنة التحكيم إلا ويكون ملما بجانب من الجوانب المتعلقة بالعرض المسرحي ككل أي من الكتابة والإلقاء مرورا بالملابس والديكور والفضاء وصولا إلى الرؤية الإخراجية.
> سي أحمد بدري شهدنا في ختام هذا المهرجان، تكريما خاصا لك، ما هو شعورك وأنت تكرم اليوم على يد فنانين وطلبة تخرجوا على يدك قبل 30 سنة؟
< (متأثرا)، صراحة لا أستطيع أن أعبر عن شعوري، فقد خانتني الكلمات، حتى فوق الخشبة أحسست بصعوبة في التعبير عن هذا التكريم، لكن بغض النظر عن الشخص، أقول فقط أن هذه هي التقاليد التي توارثناها، هذه هي تقاليد التربية والمسرح، وهذه هي الاستمرارية، فالأجيال تمر، لكن لابد أن يكون هذا الانتقال التدريجي من جيل لجيل، وكما حاولت التعبير عنه قبل قليل، فهذا التكريم سعدت به كثيرا وأعتز به وأعتز كذلك لمسيرة المعهد الناجحة والمتواصلة.