إنّ المجموعة القصصية ” يا ليتني كنتُ غُراباً ” هي المجموعة العاشرة للقاص حسن برطال بعد مجامعه القصصية: أبراج 2006، قوس قزح 2009 ، صورة على نسق 2010، سينفونية الببغاء2012، مغرب الشّمس 2014، الماء والبنون 2015 عائد إلى فيفا 2016، صورة من الأرشيف 2016، فارسة الأحلام2017 . وبذلك يكون أغزر قاص في مجال القصة القصيرة جدا، في المغرب .
فماذا عن المجموعة العاشرة ” يا ليتني كنتُ غُرابا “؟
تضم المجموعة مائتين واثنين من القصص القصيرة جداً صمّم الغلاف ولوحته عبد المجيد بطالي، واحتفى القاص بابنه بدر كمقدمة قصيرة جداً:”إلى الذين يشكّون في نزول (البدر) يوماً ما من السّماء، أقول ها هو ابني بدر يعانقني الآن ..”
اللافت في هذه المجموعة أنّها اعتمدت الاختلاف والتّنوع شكلاً و مضموناً، و هي خاصية اتّبعها القاص في كلّ مجموعاته السّابقة ،بشكل أو بآخر.إلاّ أنّها في هذه المجموعة جاءت أوضح و أبين.
فعناوين كلّ المجموعات السّابقة كانت اسماً أو جملة اسمية،خلافاً لكلّ ذلك جاءت المجموعة الأخيرة تحمل عنواناً يتصدره حرف تنبيه (يا) يليه ( ليتني) حرف مشبه بالفعل مقرون بنون الوقاية، و الياء اسمها . و العنوان يحيلنا على ما يشبههُ في القرآن الكريم مثلا: » و يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً « 40/ النّبأ.وقوله تعالى أيضاً:» يا ليتني كنتُ معهم فأفوزُ فوزاً عظيماً«النساء/73 و يقول أبو القاسم الشّابي في قصيدة ” النبي المجهول” :
أيّها الشّعب ليتني كنتت حطّــــابا
فأهــوي على جذوعي بفأسي !
ليتني كنتُ كالسّيول إذا ما سالت
تهُـدّ القبورَ رمساً برمسِ
لقد جاءت المجموعة الجديدة “ليتني كنتُ غراباً “حافلة بعدّة سياقات مختلفة ومتنوعة، منها:
1 ــ السّياق التناقضي:
و فيه يلعبُ التناقض أسّ البناء القصصي. و هو من خصائص القصّة القصيرة جداً، الذي يُعمّق دلالة القفلة ، و يعطيها بُعدها الفكري و الفلسفي و يسمحُ بالرّؤية التّأويلية كالذي نجده في نص ” بيض الرّماد ” ص/4 : البطل اشتاق لأكل اللّحم الأبيض فأضرب عن أكل البيض ليفقس كتاكيت،ولكن نسي أنّه ذبح الدّيك منذ زمن.
تناقض بين الرغبة و الإرادة. والمسألة في حكمها التّأملي التّأويلي ليست بهذه البساطة، و لكنّها أعمق في سلوكنا وتفكيرنا. قد نندفع برغبة بَحثاً عن نتيجة في الوقت الذي لا نهتم بالأسباب والعدّة اللازمة.فلا الهدف المراد تحقّق، ولا النّتائجُ تمّت و اكتملت.و يبقى الطلب في حدود الاشتياق والرّغبة فقط. ومن ذلك نص” التّلاص”ص/20 و”القصيرة جداً ” ص/21 و”سجال الشّعر” ص/60
2 ــ سيّاق الرّبط:
و يُرادُ به أنّ الشيء يُذَكِّرُ بغيره ، و تكون بنية القصّة وفق هذا المنحى، و يؤطر ذلك القفلة، بل تكون هي الشّيء الآخر الذي جاء نتيجة الرّبط الدّلالي، ما يشكل محوراً استبدالياً Paradigmatique كالذي نجده في نص”عالم الشّهادة ” ص/5 : المعلم يخبر التّلاميذ بـأنّ الآخرة دار جزاء و ليست دار عمل . التلميذ الذي أبوه مهاجر عاطل، يعيش على تعويض البطالة “Chômage ” سأل أمّه : ( هل أبي رجل مَيّت يا ماما ؟ )
ففي ذهن الطفل أجريت عملية ربط الآخرة ← المهجر، الجزاء ← تعويض البطالة ، الرّبط سؤال الطفل لأمه . و مسألة الربط تقنية في الكتابة عامّة و في القصّة بخاصّة تجعل الحبكة تومئ إلى أشياء ربّما لا تخطر على بال المُتلقي . كسؤال الطفل عن أبيه هل هو ميت ؟ و من ذلك أيضاً نص”طلاق الخلع”ص/9 و “عارضة الأزياء ” ص/44 و ” إقامة جبرية ” ص/88
3ــ سياق التناص:
حجم الق الق جداً ، لا يتّسع لكلّ ما يريد القاص، و من الأشياء الجميلة التي تغني النّص، و تعمّق دلالته و إيحاءه: التناص ” intertextualité ” ، وفي هذه المجموعة وظف القاص حسن برطال التّناص بالقرآن أو الإسلام في نصوص مختلفة مثل: نص”ضربة ترجيحية” ص/7و جاء ب ( منافعه ) و( بأس شديد ) و ذلك من سورة الحديد [.. و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للنّاس..] الأية/25 و”رقصة الزّنوج” ص/ 16و الإشارة للغراب و قابيل و دفنه لأخيه هابيل و”اليقين”ص/39 (إنا لله وإنا إليه راجعون) وذلك من سورة البقرة الأية / 156 [ و الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون ] و هكذا في باقي الأمثلة والشواهد من النصوص:”خنزب” ص/ 46 و”عدة من رواتب أخر” ص/ 48 و “عباد الشمس” ص/55 و “جائزة المجاز الكبرى ” ص/56 , “الروح الرياضية” ص/59 و ” الضريبة على النظافة” ص/79و “رب العالمين” ص/86 و ” رائد فضاء ” ص/84 و ” مناضلة” ص/88 و ” مسيلمة” ص/91 نجد هذا حتى على مستوى عنونة النصوص ” Titrologie “: (عالم الشّهادة ، طلاق الخلع، و في السّماء زرقكم ، اللّهم إنّي صائم، ربّ العالمين )
4 ــ سياق المصادفة :
المصادفة ” coïncidence” في السّرد القصصي لا تخلو من مباغتة و فجاءة، وأحسنها ما يأتي كاحتمال وارد، يقبله العقل ، كأن يكون البطل يفكر في شيئ يغيب عنه حله وفجأة يرى مشهداً من مشاهد الحياة العامّة، فيبرق في ذهنه الحل ، كالذي وقع بين هابل و قابل مثلا : حين قتل أخاه و احتار ماذا يصنع بجثته؟! و إذا به يرى غرابا يواري التراب خصمه بعد أن قضى عليه. نفس الشيء ورد في قصة :” حلم اليقظة “ص/11 السارد دخل عليها فوجدها نائمة فوق سرير خشبي، و اكتشف تأويل حلمها المزعج ، فهي ترى في كلّ ليلة أنّها تحمل رأسها في كفها و جسدها في تابوت .
و من خلال قراءة متفحصّة للنّص ، نلاحظ فضلا على أنّه بُني على سياق المصادفة إلا أنّه يتضمّن أيضاً سياق الرّبط: فالنّائمة تقابل ← المرأة الحالمة ،والسرير الخشبي يقابل ← التابوت ، وَضعُ يدها تحت رأسها يقابل ← حملها لرأسها في كفها ..
و من ذلك نص ” التنين” ص/54 و”عبّاد الشّمس” ص/55 و “الكاتب الظاهرة ” ص/74
5 ــ سياق الاستعارة و الكناية:
لعلّ من الأفيد الإشارة إلى أنّ لغة القصّ تختلف اختلافاً بيناً عن اللّغة المعيارية.و أنّ لغة القصّ تعتمد المجاز و ضروب البلاغة من استعارة و كناية و تشبيه..و كلما كان القاص ملماً بقواعد البلاغة إلا و حظي بنصّ فنّي بليغ في سياقه وتركيبه، و في غرضه ودلالته…
لنتأمل هذا النّص القصير : ” صياد البحر” ص/14
“مجموعة من الأطفال (ابتلعهم ) الموج ..خيوط دلت المحقق على أناس يستعملون البشر طعماً لصيد (البحر) “
فالقاص وظف استعارة مكنية :[ ابتلعهم الموج] و التّقدير [ ابتلعهم الموج كالوحش] فالقاص حذف المشبه به وكنّى عنه بذكرإحدى خصائصه الدّالة عليه.
و كذلك وظف الكناية [أناس يستعملون البشر طعماً لصيد (البحر)] ” لصيد البحر” تحتمل معنيين أحدهما قريب والثاني بعيد ، فالقريب أن بعض الناس يستعملون البشر كي يصيدوا البحر، و بطبيعة الحال هذا لا يستقيم في الذّهن ، إذاً يبقى المعنى الأخر البعيد و هو المراد أنّ صيد البَحر يُراد به السّمك. و هي كناية موصوف، أي أنّ السّمك موصوف بصيد البحر. و ليس المهم الاستعارة أو الكناية أو هما معاً.أو الوقوف عندهما، إنّما المهم معرفة مدى خدمتهما الفنّية لفكرة النّص، و قد تحقّقت .ونجدُ هذا في نص ” ربّ العالمين ” ص/86
6 ــ سياق المقارنة :
إنّ بناء حبكة جيّدة، و إعداد قفلة فنّية مفيدة يتطلب ممارسة سياقية أسلوبية باستمرار، للحفاظ على رونق النّص القصصي القصير جداُ في حلّة مثيرة، تنبض بالحياة و الحيوية، و من ذلك سياق المقارنة.فحين يلجأ القاص حسن برطال لهذا النّوع من السّياق، فلا يهدف للمقارنة من أجل المقارنة، و لكن لتمرير خطاب، أو الوصول بقارئه إلى فَهمٍ و مَعنى، و حقيقة.. كانت غائبة أو مُغيبة، أو مجرّدة ” Abstraite” وهذا ما نلمسه في نص ” التّخطيط ” ص/57 :
»الرّجل الذي يعيش مع امرأتين ، واحدة في الطابق العلوي و الثّانية في السّفلي ،حياته بين الصّعود و الهبوط هو رجل (حي) ..هكذا يكون تخطيط القلب النّابض. «
لقد قارن النّص بين صعود وهبوط الزّوج بألة تخطيط القلب التي راسِمُها في صعود وهبوط.، و ما دام الرّجل بكلّ حيوية وقدرة دائم الصّعود و الهبوط فهو(حي) و ما دام راسم آلة التّخطيط مُستمر في الصّعود والهبوط فهذا مؤشرعلى الحياة. ولكن الذي يمكن استنتاجه ليس هو الحياة في حدّ ذاتها ، و إنّما السؤالان اللّذان يطرحان :
ــ ما نوع الحياة التي يعيشها زوج المرأتين (صعودا/ هبوطا )؟
ــ والرّاسم إنْ سجل حياة المريض، لتَوالي النّبض.. فأيّ حياة هي حياة المُغمى عليه
(و هو بين الحياة و الموت)؟ نلمس هذا أيضاً في نص ” نوستالجيا” ص/61 و ” سوابق
عدلية” ص/76
7 ــ سيّاق الجناس :
كما ألمحنا سابقاً أنّ لغة القصّ مختلفة، و غنية و فنّية فكما اسْتغلت الاستعارة و الكناية، قد يستغل القاص مكوناً بلاغياً أخر لخدمة فكرة النّص كاستغلال الجناس التّام في نص” النّقيب والنّقابة”ص/58 فهونص قصيرجداً من اثني عشر كلمة،و لكن لعب فيه الجناس دوراً حاسماً
لنتأمل : ” هو يبحث عن (القرار) النّاجع، لكن الدّولة عميقة جداَ ليس لها (قرار).. “
كلمة (قرار) الأولى تعني مَرسوماً حكوميا/سلطوياً تتعهد فيه الدّولة، أو السّلطة العليا بحقوق العمّال ، فهذا ما ينتظره النّقيب و من ورائه النقابة . و لكن الاستدراك المخيف و المقلق و المزعج.. جاء في كلمة (قرار)الثانية: ” لكن الدّولة عميقة جداً ليس لها (قرار) ” القرار لغةً: المستقر الثّابت، و لكن الدّولة العميقة ليس لها قرار، أي مُستقر ثابت. و هذا يعني أنّ كلّ جهود النّقيب و النّقابة لن تجد أذناً صاغية، و ستبقى تطالب بقرار لا قرار له . و هكذا ببساطة شديدة مرّر القاص رسالة دارت حولها مَقالات،و خطب، و تجمعات، ومظاهرات، و اضرابات.. و لا تزال الأمور مستمرة .
8 ــ سياق المجاز اللّغوي:
و هو من السّياقات الكثيرة الاستعمال شعراً و نثراً، و لقد استفادت منه الق الق جداً. ما أضفى عليها فنّية تستر المعنى ، و احتجاب الحقيقة إلا بوجود قرينة مانعة تكشف الضّوء الذي هو في آخر النّفق .كما هو في نص ” السّوق السوداء” ص/69
فإذا علمنا أنّ المجاز اللّغوي: هو استعمال اللّفظ في غير ما وضع له لعلاقة ما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي. يكون الاستعمال لقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي وقد تكون حاليّة أو لفظية.
فإنّ النّص برمته مجاز لغوي : ” [تكلمت عن مَعرض صدره الواسع،] و [ العدد الهائل من صورها(المعلّقة) هناك ] و [ نسيت معاناته مع (المسامير) التي دقتها في جدار القلب ..] “
لو وقفنا عند القفلة لوجدنا أنّ المسامير لا يمكن دقها في جدار القلب ، إذا هي ليست بالمسامير الحقيقية، لأنّ المراد بها ذكريات حبّ و أثرها التي تغور في القلب كالمسامير فتتترك ألماً و معاناة ، لا تشعر بها الحبيبة ، بقدر ما تلهيها المظاهر و الشّكليات..نفس الشّيء نجده في نص ” مجلس النّوام ” ص/75 و ” سيزيف العربي ” ص/84
9 ــ سيّاق السّخرية :
و قد جُبل على ذلك القاص حسن برطال . إذ لا تخلو مجموعة من مجموعاته السّابقة من لمحة ساخرة. و هو سيّاق ليس من السّهل صياغته، أواقتناص لمحته اللاسعة، أو لحظته الممتعة المؤثرة .. إذ أحسنه و أقربه إلى النّفس ما جاء عفوياً، غير مصطنع أو متكلف، و لقد أجاد في ذلك القاص، و لو عدنا إلى مجامعه التّسع السّابقة و انتقينا منها النّصوص السّاخرة لكانت أضمومة رائعة، تشكل حدثاً في القصّة القصيرة جداً، في نطاق سياق السّخرية ” Ironie ” و نقف عند نص ” رخصة السّياقة ” ص/96
“صديقتي علّمتها الطرقات إشارات المرور بكل أشكالها.. الدّوائر ، المثلثات، علامات المنع .. و لما سألتها عن ممرات الرّاجلين ،تكلمت عن ( انتباه الحيوان ) “
فالصديقة عن قصد أو عن غير قصد، بدل أن تتحدث عن ممر الراجلين و تحدّد و ظيفته و وجوب احترام السّائقين له..تحدّثت عن علامة أخرى: (انتباه الحيوان). بسخرية مباشرة تقصد المارين،أو المجتازين عرض الطريق، غير أبهين بممرات الرّاجلين،و كأنّها وُضعت كديكور في الطريق . فإذا كان على السّائق أنْ ينتبه لحيوانات المزارع . فعليه أن ينتبه إلى (حيوانات ) المدينة ، التي لا تحترم ممرات الرّاجلين. و ما يشبه هذا و على هذا السيّاق : “يقودها عتروس ” ص/6 ،” الشبكة العنكبوتية” ص/15، ” الروماتبزم “ص/29، ” اللهم إني صائم” ص/52، ” مجلس النوام ” ص/75، ” سوابق عدلية” ص/ 76 ، “زواج فايسبوكي” ص/83 ” سزيف العربي ” ص/85، ” ربّ العالمين ” ص/86، “ابن الخنزير”ص/99
10 السيّاق الأسطوري:
فعلى عكس السّياق الواقعي كالذي نجده في نص “البؤساء” ص/64 فإنّ القاص حسن برطال يهتمّ بالسّياق الأسطوري العجائبي الذي يتمازج و يتماهى فيه الواقع والخيال، بغية نسج الحدث الذي يلمّح لفكرة النّص. وغالباً ما يكون هذا السّياق خارج إطار المألوف والمُعتاد، إذ نصادف شخصيات تتميّز بأفعال غير مألوفة، كما نطّلع على أحداث خارقة لا نظير لها في الواقع المعيش..الشّيء الذي جعل علماء المثيولوجيا يجعلونها مرادفة للخرافة والحكاية. وليس المهم البحث عن صحّة النّص ودلالته، وهل وقع أم لم يقع..؟ إنّما المهم في الأمر، إيصال ووصول الرّسالة/الخطاب.. ومن ذلك في هذه المجموعة: “زوابع رملية” ص/30 ، ” محاولة صيد فاشلة ” ص/34 “حورية البحر” ص/37، “الحيوان الناطق” ص/40،
“الراعي و الغناء” ص/50، ” ممول الحفلات “ص/62،” انفلونزا الطيور” ص/66 ،” الحيض المرجاني” ص/70
فإن كان من ملاحظات، فأخص اثنين منها في نهاية هذه المقالة:
1 ــ عنوان المجموعة، لو أخِذ من المجموعة كان أفضل، وقد وردت عناوين جيّدة، ومعبّرة، أو جيء بعنوانٍ عام يتضمّن إشارات وتلميحات لما ورد في النّصوص، يُمَكّن من قراءة مفيدة، تربطُ بين ما في وجه الغِلاف وما خَلفه. فالنّصوص الأربعة الذي ذكر فيها الغراب: “رقصة الزّنوج”، “المكان المناسب”، ” سجال الشّعر”، “المسافات القصيرة ” لا تسمحُ أو تسوّغ عنوان المَجموعة: (لو كنتُ غراباً) لأنّ لا صلة لها بصيغة التّمني.
2 ــ وعلى ذكر الغلاف، فأرى أنّ لوحته لو كانت معبّرة على اتّجاه النّصوص و دلالتها أو دلالة بعضها على الأقل، لكانت أحسن، حقاً بُذل فيها مجهود فنّي من حيث التّشكيل وتمازج واختيار الألوان بين حارّة و باردة/ فاتحة و داكنة.. ولكن ليس أيّ لوحة وإن كانت جميلة، تصلح أن تكون لوحة غلاف، لأنّ بعد ذلك هناك متابعة وبحث ودراسة للعتبات، كما هناك دراسة خاصّة بالعَنونَة. وفي مثل هذا، يُستحسنُ أن تكون الاستشارة والتّفاهم بين القاص والفنّان التّشكيلي.
وأخيراً، وكما أسلفنا آنفاً، فالقاص حسن برطال حاول وكعادته تنويع أنساقه القصصية، بحثاً عن الجدّة والتّجديد، ومحاولة ترسم خطى التّجريب في هذا المجال الذي مازال بكراً. لقد انتهينا إلى مجموعة من السياقات كنماذج فحسب. وإلا سيجد الدّارس سياقات أخـرى مثل: السّياق السّردي، والسّياق الصّامت، والسّياق التّلفظي، والسّياق الإحالي، والسّياق الإخباري، والسّياق التّأمّلي..كلّها تدلّ على مدى اهتمام القاص حسن برطال بالاخْتلاف والتّنوع شكلا ومضموناً .
بقلم: مسلك ميمون