عندما عين منصف بلخياط سنة 2009 وزيرا للشباب والرياضة خلفا لنوال المتوكل التي لم تكمل ولايتها، أعلن في أول لقاء إعلامي له وكان بإحدى فنادق مدينة الدار البيضاء، عن مشروع طموح أسماه “ملاعب القرب”، وعدد في اللقاء الإعلامي المذكور فوائد ومحاسن مشروعه، ومدى أهميته بالنسبة للشباب واستفادتهم المباشرة من تواجد ملاعب بالأحياء ومختلف مناطق المملكة.
كلمة الوزير الذي استهل عهده بانفتاح إعلامي غير مألوف، تركزت حول الفلسفة التي يكرسها مشروع “ملاعب القرب”، والتي ستساهم في تنمية الملكات الرياضية لدى الأطفال والشباب، ومحاربة ظواهر الانحراف وتمكين هذه الفئات المستهدفة من الإدماج السوسيو-رياضي من خلال ولوج أوسع للتجهيزات والخدمات الأساسية، وبناء ملاعب للقرب مجهزة بفضاءات عمومية وعشب اصطناعي تكون رهن إشارة الممارسين طيلة السنة.
هذا هو الهدف والمغزى من إنشاء مثل هذه الملاعب التي انتظرنا أن تعزز واجهة “الرياضة الشعبية” بتمكين الشباب من ممارسة حقهم في الرياضة كما ينص على ذلك الدستور، لكن وبمجرد دخول التجربة حيز التنفيذ، تحولت الوعود والتصورات التي جاء بها السيد الوزير، إلى مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي ليس إلا …
فهذه الملاعب التي مولت من المال العام، ومن أموال التنمية البشرية وأنشئت لأهداف واضحة ومددة، أصبحت تقدم خدمات لغير الفئات الواسعة المستهدفة، ألا وهم الأطفال والشباب.
وزارة الشباب والرياضة اشترطت مقابلا ماليا لكل من يريد دخول هذه الملاعب، مقابل غير متوفر لدى الأغلبية الساحقة من هؤلاء الأطفال والشباب الذين تعودوا ممارسة كرة القدم مثلا بساحات وأزقة توجد بالقرب من الأحياء السكنية التي يقطنون بها، لكنهم حرموا منها بعد أن أنشأت فوق هذه الساحات ملاعب سميت ظلما بـ “ملاعب القرب”، لكنها أصبحت بعيدة عنهم كل البعد.
فبعد اشتراط مقابل مادي لاستغلال “ملاعب القرب”، أصبح المستفيد الأول هم مجموعة من الموظفين الذين يرغبون في الحفاظ على اللياقة البدنية أو إزالة “الكرش”، صحيح أن هذه الفئة من حقها هي الأخرى ممارسة الرياضة التي تحبها، لكن ليس على حساب أصحاب الحق الذين أنشأت هذه التجهيزات من أجلهم، وهم الفئة الأولى المتضررة من إزالة الساحات الفارغة التي كانت رهن إشارتهم بالقرب من منازلهم.
وعليه، فإن ما يسمى ظلما بـ “ملاعب القرب” أصبحت مع مرور السنوات ملاعب بعيدة كل البعد عن متناول الفئة المستهدفة ولا تقدم لها أي خدمة، وبالتالي فإن كل الأهداف التي وعد بها الوزير لم تتحقق نهائيا.
فمن يزيل هذا الظلم الذي يشعر به الأطفال والشباب؟