دعا المشاركون في ندوة بالدار البيضاء، الجمعة الماضي، حول ” دور القضاء في تكريس حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية”، إلى تطوير سبل التعاون بين اللجنة الوطنية والجهاز القضائي لاسيما من أجل تفعيل العقوبات في حق المخالفين للقانون، مع مناشدة مكونات المجتمع المدني للانخراط في هذا الورش من أجل المشاركة الفعلية والفعالة في حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية.
وأكد المشاركون في هذه الندوة، المنظمة من طرف اللجنة الوطنية للمراقبة وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بشراكة مع الودادية الحسنية للقضاة؛ على ضرورة تنظيم ندوات تحسيسية مماثلة في باقي جهات المملكة، مع ضمان يقظة دولية في مجال تتبع الاجتهادات القضائية من أجل حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ووضعها رهن إشارة القضاء.
وفي هذا الصدد، قال الحسين أنيس، الكاتب العام للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، في مداخلة له في الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة، إن اللجنة قامت، منذ سنة 2012، بتنشيط 112 ندوة تحسيسية، ما دفع المؤسسات العمومية والخاصة إلى التقدم بطلبات إلى اللجنة قصد مواكبتها في ورش الملائمة مع مقتضيات القانون 09.08، كما تعقد اللجنة سنويا ما يناهز 215 اجتماع مواكبة وتتلقى يوميا حوالي 20 مكالمة هاتفية للاستفسار حول مقتضيات القانون المذكور.
وشرعت اللجنة، يضيف المتحدث، في البداية بالحملات التحسيسية ومواكبة المسؤولين عن المعالجة لملائمة أنشطتهم مع أحكام هذا القانون، قبل أن تقوم بأول عملية مراقبة سنة 2014 وتوجيه أول إنذار سنة 2015، لتقوم بعد ذلك في السنة الموالية، بتنسيق مع السلطات القضائية، بإنجاز أول مسطرة حجز لمعدات تستعمل لمعالجة المعطيات الشخصية، وإحالة أول ملف على القضاء قصد تفعيل العقوبات.
وأكد أيضا أنه تم إحالة 13 ملفًا على القضاء، قصد تفعيل العقوبات خلال السنتين الأخيرتين. كما وجهت اللجنة، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، 54 إنذارًا في الإطار نفسه، كما قامت، منذ سنة 2014، بـ 638 عملية مراقبة.
وحسب المتحدث دائما، وبلغة الأرقام، توصلت اللجنة بحوالي 6 آلاف طلب تصاريح بمعالجة المعطيات الشخصية، جزء منها يخص قطاعات مهيكلة كالأبناك والتأمين، إضافة إلى الشركات الناشطة في قطاع ترحيل الخدمات، وكذا القطاع العام خاصة الشركات والمؤسسات العمومية.
وبخصوص الأفراد، كشف الكاتب العام، أن اللجنة توصلت بـ 1600 شكاية من الأفراد، وأن عدد متتبعي حسابات اللجنة على مواقع التواصل الاجتماعي فاق 1400 متتبع، وذلك منذ أن برمجت اللجنة 775 وصلة إشهارية بصرية وسمعية منذ سنة 2014، ساهمت في الرفع من وعي الأشخاص بأهمية حماية معطياتهم الشخصية، وإدراكهم بتوفرهم على الآليات نفسها المعروفة على الصعيد الدولي في مجال حماية الحياة الخاصة.
وأشار أيضا، أن المغرب شرع في وضع نواة فقه خاص به في مجال حماية المعطيات الشخصية حيث أعدت اللجنة 24 مداولة فقهية وأدلت برأيها في عدة مشاريع قوانين واتفاقيات دولية في مجال تخصصها.
ومن جهته، أبرزعبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، أن القانون الخاص بحماية المعطيات الشخصية، الذي تمت المصادقة عليه في نونبر 2008، يكتسي أهمية خاصة لكونه مصدرا لطمأنة الأشخاص الذاتيين وحمايتهم من خطر سوء استعمال واستغلال معطياتهم الشخصية.
وبعد أن نبه إلى أن هذا القانون يشكل جزء من المنظومة الحقوقية الشاملة، بحسب كل المواثيق والمعاهدات الدولية التي ذهبت جميعها نحو تعزيز الحماية القانونية للمعطيات الشخصية والحياة الخاصة للأفراد، أوضح أن الدستور المغربي أعطى هذا القانون نفسا جديدا وفتح الباب أمام تطويره وإغنائه بما يناسب الاتفاقيات والمعاهدات الحقوقية الدولية.
وأشار، بالمناسبة، إلى أن العمل القضائي، خاصة في الشق المتعلق بالاجتهادات، يعتبر آلية محورية لتنزيل مقتضيات القانون رقم 08- 09 ، بما يتناسب وطبيعة التحولات المجتمعية والقانونية على المستويين الوطني والدولي، خصوصا وأن الدستور المغربي سمح باعتماد الاتفاقيات الدولية في التعاطي مع القضايا المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية.
في حين أكد محمد رضوان، رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء، على ضرورة مواكبة المستجدات في مجال القضايا المتعلقة بحماية البيانات الشخصية، مشيرا بالمناسبة، أنه رغم الاجتهاد القضائي في حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية مازال ضعيفا من حيث التراكم، معتبرا أن المغرب يظل أول بلد عربي يتوفر على قانون متكامل يحمي البيانات والمعطيات الشخصية.
ومن جهته، قال الأستاذ محمد الخضراوي، نائب رئيس الودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء، إن هناك مشاورات بين اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والقضاء من أجل العمل على إيجاد سبل التنسيق قصد تفعيل العقوبات المنصوص عليها في القانون 08-09 وردع المخالفين لمقتضياته. واعتبر الأستاذ الخضراوي في عرض له حول “كيفية التنزيل الفعال للعقوبات المنصوص عليها في القانون 08- 09 ” أن حماية البيانات الشخصية من المعايير التي تعتمدها الدول في الارتقاء في عالم المال والأعمال، مؤكدا أن المغرب قطع خطوات كبيرة في هذا المجال.
وفي تصريح لبيان اليوم، أكد الأستاذ الخضراوي، أن هذه اللقاء يندرج في إطار تحسيس وتعبئة جميع الفاعلين بأهمية الحماية للحياة الخاصة والمعطيات الشخصية، معتبرا أن الموضوع يهم الجميع، وقد يكون أي مواطن ضحية استعمال معلوماته الشخصية من طرف جهة ما.
واعتبر الخضراوي، أن عدم احترام القانون 09.08 قد يعرض صاحبه لعقوبات مالية أوحبسية أو إدارية، داعيا إلى إضفاء نوع من المرونة في تحرير المحاضر للمخالفين من طرف موظفي اللجنة الوطنية للمراقبة وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، حتى يتم تنزيل المقتضيات القانونية بصفة عامة ومقتضيات القانون 08 – 09 بشكل سلس.
وتضمن برنامج الندوة التي قام بتسييرها، الأستاذ عبد المجيد غميجة، عضو باللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، تقديم عروض، تتعلق ب “حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية بالمغرب بعد خمس سنوات من إجبارية تطبيق القانون 08- 09 “، للأستاذ ادريس بلماحي، ، وعرض ثان حول “رقابة القضاء في مجال حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة” للأستاذة لبنى الوزاني، محامية عامة بمحكمة النقض.
حسن عربي