أثار غياب الروائيين المغاربة عن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، المعروفة اختصارا باسم البوكر، ردود فعل كثيرة ومتباينة، من هذه الردود ما اعتبر أن النتيجة المعلن عنها تعكس المستوى الهزيل للإبداع الروائي المغربي، ومنها ما اعتبر أن غياب مغاربة عن لجنة التحكيم، ساهم في إضعاف حظوظ مرور أي رواية مغربية إلى قائمة التنافس.
***
مما لا شك فيه أن الإبداع الروائي المغربي حقق تراكما كميا ونوعيا، بالرغم من أنه لم يظهر إلى حيز الوجود، استنادا إلى المفهوم المعاصر لهذا الفن الأدبي، إلا في فترة متأخرة، بداية القرن العشرين، هناك من يؤرخ لزمن ظهور أول رواية مغربية بمطلع الأربعينات من القرن الماضي، وهي رواية “الزاوية” للتهامي الوزاني، فيما البعض يعتبر أن أول رواية مغربية حقيقية لم تظهر إلا في منتصف الستينات، رواية “دفنا الماضي” للمرحوم عبد الكريم غلاب، باعتبارها عملا أدبيا ناضجا تتوفر فيه خصائص الرواية المعاصرة.
غير أن الأساسي هو أن الرواية المغربية قطعت مراحل عديدة وحققت قفزات نوعية على مستوى الأسلوب والبناء واللغة والعنصر الجمالي والفني.. إلى غير ذلك.
وخلال العقدين الأخيرين على وجه الخصوص، ارتفعت وتيرة طبع الروايات، وبات يصدر خلال السنة الواحدة أضعاف ما كان يصدر على امتداد عقد من الزمن في بدايات ظهور هذا الفن ببلادنا.
وبرزت ظاهرة خلال المدة الأخيرة، تتمثل في تخلي شعراء عن كتابة الشعر والتفرغ لكتابة نصوص روائية، ومنهم من حقق تراكما لا بأس به على هذا المستوى.
وكانت هذه الظاهرة ملفتة للانتباه، وأثارت كثيرا من التساؤلات حول مستقبل الشعر المغربي، سيما وأن أسماء أساسية في هذا الجنس الإبداعي قررت في نهاية المطاف أن تدير ظهرها له.
لا نستطيع الحسم في الدافع الرئيسي الذي جعل شعراءنا يتجهون نحو كتابة الرواية، وإن كان هناك من يعتقد أن تراجع نسبة مبيعات الدواوين الشعرية، في مقابل احتلال الإبداع الروائي مكانة رفيعة، خصوصا مع تعدد الجوائز العالمية المغربية التي رصدت له، كان حافزا رئيسيا للاهتمام بتأليف الرواية أكثر من غيرها من الفنون الأدبية.
مع ذلك؛ فإن كل فن أدبي، لا شك أنه سيحتفظ بمكانته ووجوده، اعتبارا لأن له استقلاليته وخصائصه وسحره.
القصة القصيرة والقصيدة والنص المسرحي والنص المفتوح ووو.. كلها أجناس إبداعية، لها شرعيتها، بطبيعة الحال، وليست موضة، سينتهي عمرها الافتراضي، بمجرد أن تهب رياح جديدة.
****
لا ينبغي التهويل من عدم حضور ولو رواية مغربية واحدة ضمن قائمة الجائزة العالمية للرواية العالمية، أو غيرها من الجوائز، كبرها شأنها أم ضؤل. غير أنه من الضروري التحفيز على طبع الروايات التي يؤلفها روائيون حقيقيون، وعدم ترك الساحة فارغة للمتطفلين الذي يؤلفون روايات لأغراض لا علاقة لها بالإبداع.
عبد العالي بركات