كشفت دراسة أنجزتها وزارة التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي أن 6 آلاف شركة فقط من بين 600 ألف مسجلة بالمغرب صدرت منتجاتها ولو مرة واحدة للخارج. وقالت الدراسة إن الشركات الكبرى، وعددها 400، تستحوذ على حصة تفوق 50 في المائة من قيمة الصادرات.
وأوضحت الدراسة، والتي أنجزت في إطار شراكة بين البنك الأفريقي للتنمية ومعهد البحر الأبيض المتوسط والمنتدى الأوروبي المتوسطي للدراسات الاقتصادية والمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن عدد الشركات المغربية المنخرطة في التصدير ضعيف جدا، فيما سجلت أن العديد من الشركات لا تمارس نشاط التصدير إلا بشكل عرضي.
ووقفت الدراسة على أهم معوقات ممارسة نشاط التصدير من قبل الشركات المغربية معتمدة على نتائج استجوابات مع رجال أعمال ورؤساء شركات وهيئات مهنية أخرى،
مسجلة مشاكل الرشوة والفساد والمنافسة غير الشريفة من طرف القطاع غير المهيكل وارتفاع الضغط الجبائي وصعوبة الولوج إلى التمويلات.
كما ركزت الانتقادات على القطاع البنكي، حيث تحتكر ثلاثة أبناك حصة الأسد من سوق الإقراض، إضافة إلى مطالبة الشركات بضمانات.
ورغم تسجيل المستجوبين لما حققه الاقتصاد المغربي من نتائج جيدة في مجال إصلاح مناخ الأعمال، الشيء الذي مكنه من الصعود من المرتبة 128 في 2011 في سلم البنك الدولي لممارسة الأعمال إلى الرتبة 69 في 2018، غير أن مشاكل عديدة ما زالت عالقة.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة القيمة المضافة المنتجة محليا في الصادرات المغربية لا تتجاوز 74.4 في المائة، غير أن هذه النسبة تتفاوت كثيرا من قطاع إلى آخر، وتتراوح بين 92 في المائة في قطاع الفلاحة والصيد البحري و41 في المائة بالنسبة لقطاع صناعة السيارات.
في هذا الإطار تحدثت سمية العلمي، رئيسة لجنة المقاولات الصغرى والمتوسطة في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، عن المشاكل التي تعاني منها الشركات المغربية، خاصة في مجال الانخراط في التجارة الدولية، مشيرة على الخصوص إلى ضعف الاقتصاد المحلي في بعض مناطق المغرب والذي لا يمكن شركات هذه المناطق من تجاوز محيطها.
كما أشارت إلى المنافسة غير الشريفة للقطاع غير المهيكل وللشركات الأجنبية التي استغلت إبرام المغرب لاتفاقيات التجارة الحرة مع بلدانها الأصلية. كما دعت العلمي إلى تطوير منتجات مالية خاصة لتعزيز رأسمال الشركات الصغرى والمتوسطة وتحريرها من الارتباط القوي بالتمويل البنكي.
وكان التقرير الصادر أخيرا عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول موضوع « تغيير النموذج المعتمد من أجل بناء صناعة دينامية في خدمة تنمية مطردة ومدمجة ومستدامة »، قد شخص مكامن الخلل في النموذج الصناعي المعتمد في المغرب منذ سنوات، مؤكدا أن قطاع الصناعة غير مستعد بما يكفي لمواجهة التغير الجذري الناجم عن الثورة الصناعية الرابعة، التي يتحكم فيها أساسا التحول الرقمي وتغيير مفاهيم الشغل وموقع العنصر البشري في الإنتاج رغم النمو القوي للناتج الداخلي الخام الصناعي في بعض المجالات، خاصة في قطاع السيارات والطيران، وترحيل الخدمات على مدى العِقد الماضي. واعتبر المجلس أن النسيج الصناعي الوطني لا يزال ضيقا ومشتتا وقليل المرونة وضعيف الابتكار. مشيرا إلى أن المخططات الثلاثة الخاصة التي وضعها المغرب، مند 2005 ، بالرغم من التقدم الذي أحرزته والنتائج الملموسة التي حققتها، إلا أن تنفيذها كثيرا ما واجه ولا يزال يواجه صعوبات تتعلق بضعف التجانس والانسجام مع السياسات العمومية الأخرى.
كما شدد التقرير على ضرورة إحداث قطيعة جذرية مع الماضي في ما يتعلق بعملية التصنيع في المغرب، سواء على مستوى صياغة الاستراتيجيات أو حكامتها أو تنفيذها.
عبد الحق ديلالي