احتضنت مدينة مراكش، خلال الفترة 20 إلى 24 نونبر الجاري، أشغال الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية “أفريسيتي”، بمشاركة أزيد من 3 آلاف منتخب من مختلف البلدان الافريقية، لمناقشة موضوع “الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة: دور الجماعات الترابية الإفريقية”.
والتأم في هذا الحدث الهام، الذي نظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أكثر من 5 آلاف مشارك، من ممثلي تدبير الشؤون المحلية بإفريقيا، وشركاء ينتمون لمناطق أخرى من العالم، ووزراء مكلفون بالجماعات المحلية والسكنى والتنمية الحضرية والوظيفة العمومية، إلى جانب السلطات والمنتخبين المحليين والمسؤولين عن الإدارات المحلية والمركزية، ومنظمات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص.
وشكل تكريس المكانة المحورية لإفريقيا المحلية في تحديد وتفعيل سياسات واستراتيجيات التنمية، والاندماج والتعاون بإفريقيا، الهدف الأساس لهذه القمة، فضلا عن اقتراح آفاق جديدة من أجل مساهمة أكبر للجماعات الترابية بالقارة.
وفضلا عن كونه فضاء مفتوحا لكل من يرغب في العمل، بمعية الجماعات الترابية الإفريقية، على وضع لبنات سياسات بديلة تمكن من تحقيق الاستدامة البيئية والاندماج الاجتماعي بإفريقيا، فإن لقاء مراكش جاء بهدف تعبئة الجماعات الترابية وشركائها لإنجاز تنمية شاملة ومستدامة لإفريقيا، باعتبارها القارة التي تزخر بموارد هامة ومقومات كبرى تؤهلها لتكون محركا للنمو في العالم.
وهكذا، انخرط المشاركون في “أفريسيتي” 2018، الذي يشكل أكبر تجمع في القارة الإفريقية، في نقاش محوري حول مختلف أشكال الانتقال وانعكاساتها على مستقبل إفريقيا، بل حتى على مستقبل العالم أجمع.
ويتعلق الأمر، في المقام الأول، بالانتقال الديموغرافي والتعمير، مع التركيز على مكانة النساء والشباب في دينامية التنمية والاندماج بالقارة .
ومثل هذا الحدث القاري الهام أيضا فرصة لإثارة النقاش حول الانتقال الإيكولوجي، مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار المتزايدة للتغيرات المناخية على مستقبل المجالات الترابية والساكنة التي تقطنها.
كما لامست الورشات المبرمجة في إطار هذا الموعد الإفريقي الهام مسألة الانتقال الديمقراطي والسياسي في القارة، وذلك في ظل البحث عن حلول لأزمة ديمقراطية القرب.
وتناولت قمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية كذلك موضوع الانتقال الإقتصادي والاجتماعي، في أفق دعم تنمية اقتصادية محدثة لمناصب شغل لائقة، ومكافحة الفوارق والاختلالات التي تعاني منها إفريقيا، فضلا عن التطرق لانعكاسات الانتقال الثقافي والتواصلي، بما في ذلك تبني مرجعيات ثقافية وعلمية وفلسفية جديدة، اعتمادا على التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال.
كما عمل المشاركون في هذا الحدث القاري من أجل تحديد ميزات وخصوصيات مختلف أشكال الانتقال هاته، بما يتماشى مع سياق وخصوصيات بلدان إفريقيا، فضلا عن تحديد دور الجماعات الترابية في تفعيلها.
تفعيل أهداف التنمية
وفي هذا السياق، أكد عمداء مدن إفريقية وخبراء خلال ورشة نظمت يوم الخميس الماضي ضمن فعاليات القمة، أن الجماعات الترابية الافريقية مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيل أهداف التنمية المستدامة 2030.
وأبرز المتدخلون في هذه الورشة المنظمة حول موضوع “تفعيل أهداف التنمية المستدامة 2030 “، ضرورة تعزيز قدرات الجماعات الترابية المحلية والجهوية بإفريقيا لتحقيق تطورات جديدة من خلال التركيز على أهداف التنمية المستدامة ومواكبة الحكومات المحلية في تفعيل أفضل لهذه الأهداف تماشيا مع السياسات القطاعية.
وذكر الفاعلون المحليون أن على الحكومات المحلية ترجمة الأهداف ال 17 للتنمية المستدامة ل2030 على أرض الواقع ، مشددين على دور الحكومات المحلية في انجاز هذه الأهداف للقضاء على الفقر والتقليص من أثر التغيرات المناخية وضمان حياة كريمة للساكنة.
ودعا المتدخلون إلى الأخذ بعين الاعتبار انشغالات مختلف الشرائح الساكنة والسهر على تطبيق الشفافية في مجال تدبير الشؤون العمومية على المستوى المحلي.
وأكد عمدة الجماعة الحضرية لبوغنديب (بوركينافاصو ) ماكس أدولف لانكوندي، على ضرورة تأطير وتكوين الطبقات الاجتماعية المهمشة وتقديم دعم خاص للشباب والنساء ووضع ميزانية تشاركية لسد الخصاص على مستوى الموارد والاعتمادات المالية.
وشدد على حاجة الحكومات المحلية إلى تطوير قدراتها وتفعيل مبدأ الحكامة الجيدة على مستوى أنظمتها المالية والتدبيرية.
وتطرق في هذا الصدد، إلى تجربة الجماعة الحضرية لبوغنديب في مجال التخطيط وتفعيل أنشطة التنمية من خلال المخطط الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2020 -2016 والذي يشكل مرجعا في تطوير الجماعات ببوركينافاصو ، مشيرا إلى أن الأهداف الاستراتيجية لهذا المخطط تروم مواجهة التحديات المتعددة التي تعيق تفعيل أهداف التنمية المستدامة 2030 من لضمان تماسك اجتماعي وتحقيق النمو الاقتصادي اللذين يعدان عاملين مهمين بالنسبة للمدن والجهات المستدامة.
من جهته، أشار المدير العام المساعد للمرصد الاقتصادي والإحصائي لإفريقيا جنوب الصحراء بول هنري نغوما ميي، إلى أن تحليل المعطيات يعد أمرا ضروريا لتحديد الفوارق والاستجابة لمسألة الولوج للخدمات الأساسية.
وأبرز أن هذا المرصد يسعى إلى تقديم طريقة عمل مشتركة للدول الأعضاء بشأن تحسين تجميع ومعالجة ونشر المعلومة الاحصائية الأساسية من خلال تنظيم بنوك المعطيات التي يلجها مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بالمنطقة.
وأشار في هذا الصدد، إلى أنه في سنة 2017 تم اعتماد 103 مؤشرا ببورندي و192 بالكاميرون، مضيفا أن هذا البلد أضاف مؤشرات أخرى تكميلية.