أفاد محمد الساسي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط ، والقيادي في حزب الاشتراكي الموحد، خلال الندوة التي نظمت بمقر حزب التقدم والاشتراكية بالرباط، أن تفعيل الدستور تتم بطريقة رئاسية وليس برلمانية، على خلاف ما دعا إليه جلالة الملك الذي أكد على التنزيل الديمقراطي للدستور، مشيرا إلى أن الطبقة السياسية الحالية لازالت مشبعة بثقافة سياسية تعود لدستور 1996، وليس دستور 2011، الذي كان محور مستوى من النقاش لم تشهده الدساتير السابقة.
وقال الساسي، معلقا بخصوص تشكيل الحكومة، “إن ما يسمى بمرحلة “البولكاج الحكومي”، وضعنا أمام إشكالات دستورية لم يكن الفاعلون السياسيون مهيئون لها، معتبرا أن عبد الإله بنكيران الذي عينه الملك لتشكيل الحكومة، أساء التقدير خلال هذه المرحلة.
وأوضح أن الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، تصور أن الملك يحتاج إلى حزب العدالة والتنمية وهو بذلك يحتاج إلى بنكيران الذي كان يعتبر نفسه هو الحزب والحزب هو بنكيران، حسب تعبير الساسي.
واستغرب الساسي، سوء التقدير الذي طبع سلوك بنكيران، الذي لم تخنه الحكمة في تقدير رياح الربيع العربي، ومنع أعضاء حزبه من المشاركة في الاحتجاجات الاجتماعية، مشيرا إلى أن تصرف بنكيران خلال تشكيل الحكومة أملته ربما اعتبارات من ضمنها أن الانتخابات مرت في ظروف ديمقراطية ولم يطلها أي تزوير، فضلا ما اعتبره إشارات بكونه لن يتم التخلي عنه عبر ما سجله خلال جنازة والدته من الحضور الوازن واللافت لكبار المسؤولين بمختلف مستوياتهم وأطيافهم السياسية .
وأشار إلى أن عجر بنكيران عن تشكيل الحكومة ضمن ما عرف بمرحلة “البلوكاج الحكومي” شكل شذوذا سياسيا، وتضارب ما بين سلطة النص وسلطة الاستمرارية، ضمن دستور أظهر تنزيله أنه يحمل الكثير من البياضات، أو الفراغ، والتي ترتبط بعدد من القضايا على رأسها هذه الحالة المتعلقة بالعجز عن تشكيل الحكومة من الشخصية المعينة بناء على النتائج المحققة في الاستحقاقات الانتخابية.
من جانبه، وصف عبد العالي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن مؤلف “آراء ومواقف وتحليلات دستورية” يعد تجربة فريدة في التأليف السياسي بالمغرب تشجع الكثير من الباحثين على الاهتمام بتصريحاتهم وتعليقاتهم وتجميعها في مؤلف واحد.
وأشار حامي الدين، خلال قراءة في كتاب “آراء ومواقف وتحليلات دستورية” أن المؤلف الذي يحتوي على محاور يوثق لعدد من الأحداث المؤثرة التي طبعت بعض القرارات السياسية في المغرب، مستطردا بالتأكيد على أن الكاتب كان عليه أن ينهل من المنهج العلمي في تعليقه وتحليله لتلك الأحداث والسياقات التي ترتبط بها، مسجلا أن مضمون التصريحات والتعليقات طبعه بعد صحفي أكثر مما هي تحليلات تنهل من منطق القانون الدستوري و علم السياسة.
وأشار في هذا الصدد، ضمينا إلى عدم حيادية الباحث، أمين السعيد، الذي قدم تصريحات قد تصدر عن سياسيين، واستعمل في مؤلفه بعض العبارات الصحفية التي لا يصلح استخدامها في سياق البحث العلمي كـ “الجيش الإلكتروني” كما استعمل بعض العناوين التي تميل إلى الإثارة.
ومن جانبه أوضح الباحث أمين السعيد، في كلمة ألقاها في ختام اللقاء، أسباب نزول مؤلفه، والذي يرتبط بتصريحت أدلى بها للصحافة تدور حول قضيا دستورية، مشيرا إلى أن هذا المؤلف يسعى إلى تحليل كثير من إشكاليات العلاقة بين النص الدستوري والممارسة السياسية، في محاولة لبرط الفعل السياسي بالأسس الدستورية.
واعتبر ما وصفه بـ”المساحات الرمادية” في دستور 2011، بأنها ظاهرة عادية في الدساتير الصلبة وأن من خصائص دستور 2011، أنه ينتمي إلى جيل الدساتير الصلبة غير المكتملة التي تفرض على المشرع التأسيسي كتابة الجزء الأول من الدستور بترك بياضات وفراغات من أجل ملئها في الجزء الثاني ممثلا في القوانين التنظيمية والقوانين العادية المنصوص عليها في المتن الدستوري.
< فنن العفاني