تواصل جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بمدينة شفشاون تنظيم مهرجانها السنوي الدولي لأفلام البيئة بنجاح وتميز، حيث بلغ هذه السنة دورته العاشر التي أسدل عليها الستار مؤخرا بالإعلان عن فوز أفلام جميلة وفرز مواهب توفقت في التعبير بدقة عن مختلف الظواهر البيئية بمقاربة فنية راقية ولمسات مبدعة جمعت بيت اللمز والرمز وقوة وجمالية الصورة، خاطبت حواس الجمهور ونهلت من المخزون الاجتماعي والمشهد الطبيعي والبيئي من مختلف الزوايا والرؤى. وتبارى المشاركون بأفلام احترافية طويلة وقصيرة وأفلام الهواة وأفلام المؤسسات التربوية
وأعلنت لجنة التحكيم عن فوز شريط “على خط الجبهة” (ON THE FRONT LINE) من موزمبيق في المرتبة الأولى للأفلام الاحترافية الطويلة، والذي يتحدث عن منتزه “غورونغوسا” الوطني بالموزمبيق حيث يوجد فريق شجاع من الحراس في الخطوط الأمامية يحمي المنتزه من مجموعة من التهديدات من قبيل الصيد وقطع الاشجار بشكل غير قانوني وبالتالي حاز على جائزة المهرجان الدولي لسينما البيئة (FICMA ). كما حاز فيلم ” بوركينابي باونتي” (Burkinabè Bounty) للمخرجة “لارا لي” من بوركينافاصو جائزة الصندوق العالمي للحياة البرية (wwf).
وتوج شريط “أجساد” للمخرج الشاب بلال باهشام بالجائزة الأولى في فئة الافلام الاحترافية القصيرة، والذي تحدث فيه عن قصة عاملين في مجال الفخار وضنك عيشهما اليومي، مشيرا إلى قضية الإنسان من الخلق حتى البعث ومستعرضا ما يتخلل الحياة من حب وحرب وبحث عن الذات وسعادة وبؤس ليشتد عوده بل معدنه مثله مثل الطين.
ويحكي الشريط قصتين مختلفتين لجسدين مختلفين في آن واحد، لهما نفس مصدر الوجود ونفس المآل بعد الفناء، منطلقا من من كون أب البشر آدم عليه السلام خلق من طين على مراحل، ثم عاد بعد ذلك للتراب بعد موته، فحاول المخرج بلال تنزيل الفكرة بطريقة فنية سريالية تتطابق فيها صور الخزف مع قصص الشخصيات الرئيسة. ووجه المهرجان تنويها خاصا لفيلم الحيتان الحدباء ( Humpback Whales: A Detective) للمخرج توم موستل (Tom Mustill ) من إنجلترا، وكذا لفيلم “ماذا سنترك بعد الانهيار؟” (Beyond Us) للمخرج ” مكسيم تبيركين “( Maxime Tibeghien) من فرنسا. ثم فاز بالرتبة الثانية شريط “بعد الإنهيار” للفرنسي “مكسيم تيبرغين”. أما فيلم “حياة جديدة لسمكة” للجزائري مصطفى بنغرنوط فحاز المرتبة الأولى عن فئة افلام الهواة القصيرة، وتسلم جائزة الصندوق العالمي للحياة البرية (wwf). وعالج الشريط تجربة إنشاء شعاب اصطناعية وغمرها في البحر في منطقة رملية خالية من الشعاب المرجانية والطحالب في مدينة مستغانم الساحلية بالجزائر، وذلك من قبل مجموعة من الشباب المولعين بالبحر. وعادت جائزة لجنة التحكيم لفيلم العنقاء لأبرتر الجابوري من العراق مع تنويه للفيلم الإيراني “على الغلاف” (On The Cover).
وانتزع شريط “الصرخة الزرقاء” لوليد عبد المجيد الجائزة الأولى عن فئة نوادي المؤسسات التعليمية وهي جائزة (USHUAIA TV). وأبرز الشريط انشغال التلميذة سلمى بقضية المحافظة على المياه من الهدر، وعبرت عن قلقها عبر رسمها وصرختها المدوية في وجوه الجميع، قائلة كفى من إهدار المياه.
كما تم التنويه بالأفلام المتبقية تشجيعا لهم على المزيد من الإبداع، خصوصا داخل النوادي التربوية بالمؤسسات التعليمية، وهم فيلم الكنز الموروث لمجاهد جابر وفيلم ندم لكريم ودغيري وفيلم “يا من تتابعني” للأستاذة شويط لطيفة.
واختارت إدارة مهرجان شفشاون هذه سنة 2019 الانفتاح على تجربة السينما الكاطالونية من خلال استضافة وفد عن المهرجان الدولي لأفلام البيئة ببرشلونة كضيف شرف.
وشهد الملتقى تكريم جمعية “تلاسمطان للبيئة والتنمية” لعدة فعاليات سينمائية وطنية في شخص اللبناني نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية ورئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية وهو عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الاحترافية، وكذا المخرجة المسرحية نعيمة زيطان كأحد الفعاليات السينمائية الشفشاونية اعترافا وتقديرا لعطاءاتها في مجال السينما والمسرح والمجال الفني عموما.
وتخلل المهرجان تنظيم ندوة دولية حول الإعلام البيئي ودوره في التنمية المستدامة أدارها عبد الاله التازي رئيس جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية ونشطها الأستاذ نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية والاستاذ عبد الرحيم الكثيري و أسامة أباوس صحفي ومؤسس موقع (ECOLOGIE.MA) ومريم باران عن قناة “أوشوايا” الفرنسية (USHUAIA ).
وأفاد عبد الاله التازي رئيس جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية أن المهرجان يأتي في ظل التساؤلات والتفاعلات حول موضوع البيئة دوليا، وطنيا وجهويا. ويستوجب طرح أسئلة المجال الإقليمي والتحديات التي تقف أمامه من قبيل معادلة التوازن بين استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ عليها خاصة الغطاء الغابوي باعتباره ثروة حقيقية بالإقليم والتي تعرف تراجعا ملحوظا لعدة عوامل طبيعية وبشرية. والثروة المائية وما تشهده من ضغط إما بسبب قلة التساقطات أو بسبب ضغط السقي من أجل الزراعة الأحادية. وكذا التنوع الحيواني والنباتي الذي يتعرض للتدهور بوتيرة سريعة. ثم مسألة البحث عن طاقات بديلة خاصة الطاقات المتجددة الخضراء والتخلص من الطاقات الأحفورية. وموضوع تدبير النفايات الصلبة، لذي يجب ان ينتقل من التدبير العشوائي الى التدبير المعقلن الذي يأخذ بعين الاعتبار المعايير البيئية الدولية.
وأعرب السيد التازي عن الرغبة الأكيدة في أن يلعب الفيلم و الوثائقي البيئي دورا في التعريف بهذه القضايا والمساهمة في التحسيس بها و إيجاد حلول لها، ذلك أن رهان جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية على الصوت والصورة من خلال هذا المهرجان الذي أريد له أن يجعل من شفشاون عاصمة الأفلام المهتمة بالبيئة، وإيمانا بدورهما في التنمية المنشودة وفي غير ذلك من القضايا الثقافية، الاجتماعية و البيئية.
وأكد مدير المهرجان، محمد ستار، أن مهرجان هذه السنة، الذي بات أهم ملتقى سينمائي يعنى بالبيئة بالمغرب، تميز بزيادة عدد أيام المهرجان وارتفاع عدد الأفلام المشاركة إل 30 شريطا من 15 بلدا، تنوعت بين الأفلام الاحترافية الطويلة والاحترافية القصيرة والوثائقية وأفلام الهواة.
يشار أن المهرجان شهد عدة أنشطة موازية همت عروض حول أفلام البانوراما وورشات تكوينية تناولت الصناعة السينمائية البيئية. وعرض مسرحي بيئي وعرض أفلام الرسوم المتحركة الخاصة بالأطفال، وورشة توعوية بأهمية الغابة والمنتزه الوطني تلاسمطان.
ويذكر أن المهرجان عرف مشاركة مجموعة من الفعاليات الفنية والعلمية من مختلف مناطق العالم من قبيل فرنسا واسبانيا والمكسيك ولبنان والجزائر وتونس ومصر وبمشاركة أفلام من دول مختلفة من السينغال والموزمبيق و إيران وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا و ألمانيا، وأنجلترا وبوركينا فاسو…
< محمد التفراوتي