أكد الفيلسوف والكاتب جوزيف شوفانيك المصاب هو أيضا بالتوحد، مؤخرا بالرباط، أن الأشخاص التوحديين يمكنهم التمتع بحياة جيدة ومستقبل مرض على الرغم من تأثيرات المرض على المستوى السلوكي والاجتماعي.
وكان شوفانيك، المعروف كذلك كرحالة فرنسي، يتحدث على هامش لقاء خصص لموضوع «التوحد اليومي وإيجابيات التعليم الشامل»، قال فيه إنه «من الضروري إعداد حلول دائمة لكل فرد ولكل عائلة»، مذكرا بأن نحو 1 في المائة من المغاربة مصابون بالتوحد، أي أن حوالي 500 ألف شخص وأسرة معنيون بهذا المرض.
وعبر في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عن اعتقاده بأن «الحلول تبدأ من المدرسة»، حاثا في هذا السياق على أن تكون المدارس «شاملة وتستقبل جميع الأطفال، بمن فيهم أولئك المصابين بالتوحد».
ولتحقيق ذلك، أبرز المتحدث أن هناك حاجة ماسة للدفع في اتجاه تكوين مدرسين في المجال مع توعية التلاميذ الآخرين بمرض التوحد.
كما سجل شوفانيك البالغ من العمر 38 عاما، من جهة أخرى، أهمية المتدخلين في الحياة المدرسية كمساعدين يجب أن يكونوا في خدمة التلاميذ الذين يعانون من اضطرابات ناجمة عن التوحد وفي خدمة عائلاتهم أيضا.
وكشف الفيلسوف أن الطفل التوحدي إذا كان يتبع مسارا دراسيا، فإنه سيكون أكثر فاعلية في مرحلة البلوغ وقابلا لولوج سوق الشغل، مضيفا أنه من المهم أن يجد كل طفل مصاب أفقه وتوازنه الصحيح.
وجوزيف شوفانيك من مواليد 1981 بالضاحية الباريسية، وهو فيلسوف وكاتب وكثير السفر، ومصاب بالتوحد ويناضل من أجل الأشخاص التوحديين.
ورغم الصعوبة التي رافقت مساره الدراسي، نجح في الحصول على شهادة الباكلوريا بامتياز في سن الـ17، قبل أن يتخرج من كلية العلوم بباريس، ليواصل تكوينه الأكاديمي توجه بإحرازه دكتوراه في الفلسفة والعلوم والاجتماعية. وهو يتقن سبع لغات منها اللغة العربية.
وفي عرض خلا اللقاء خصص للحديث عن مكانة الجامعة في الإدماج الاجتماعي، قال شوفانيك إنه مقتنع بأن «تصورا مشتركا لحلول من أجل مستقبل كل واحد منا هو واجبنا جميعا»، مضيفا أنه «بانخراط الفاعلين الجمعويين، أنا متأكد بأننا قادرون على بناء مجتمع أكثر إدماجا».
وقال إن الجامعة يمكن أن «تضطلع بدور هام في تفتق شخصية المصابين بالتوحد».
مشيرا أن الحظ قد حالفه شخصيا «بالمشاركة في مشروعين يهدفان لجعل الجامعة أكثر إدماجا. لقد كانت هاتان التجربتان مصدر سعادة بالنسبة لي على المستويين العلمي والإنساني، لأن التنوع البشري هو ما يجعل العالم أفضل وأكثر إثارة».
ويرى الكاتب الفرنسي، أن إنجاب طفل مصاب بالتوحد أو مختلف هو فرصة، موضحا أنها «فرصة لعيش تجارب فريدة من نوعها وساحرة، وأعتقد أن الإنسانية تكون أكثر ثراء عندما تكون في صيغة الجمع».
وأعرب عن سعادته لأنه ولد مصابا بالتوحد، وهي «الفرصة» التي سمحت له بحضور هذا اللقاء الرائع، مؤكدا أنه «لا توجد طريقة واحدة فقط للنمو والتطور، بل هناك عدة طرق، والتوحد أحدها».
وبعدما أبرز أهمية الإدماج الاجتماعي المتناغم على كافة المستويات، أكد الفيلسوف أن المؤسسات المدرسية التي تقدم أفضل أداء هي تلك الأكثر إدماجا.
وبالنسبة لجوزيف شوفانس، فإن توحد «غريتا ثونبرغ» كان بمثابة محفز لها للتركيز والتخصص في التغيرات المناخية. وقال في هذا الصدد «هذه الشابة البالغة من العمر 16 سنة ليس لديها أي شعور بالتراتبية الاجتماعية، وهي خصيصة للأشخاص المصابين بالتوحد، ما سمح لها بالوقوف أمام قادة كبار».
وبخصوص موضوع التوحد والتشغيل، أثار شوفانيك انتباه الحضور إلى شركة فرنسية متخصصة في الأغذية الزراعية جعلت من عمالها المصابين بالتوحد قوة عمل، إذ «تم تحسين إحصائيات المردودية والربحية للشركة من قبل هؤلاء العمال، والذين لم يسجلوا يوما واحدا من الإضراب أو الغياب، علاوة على نظافتهم في مكان العمل وكفاءتهم في تنفيذ مهامهم بكل دقة».
من جهته، قال رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، محمد غاشي، أنه من خلال هذه الندوة، تعكس الجامعة حضورها في هذا النوع من العمل المواطناتي لإظهار أن التوحد لا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يقف عقبة أمام النجاح.
وأبرز غاشي أن هذا الأمر «لم يعد خيارا، بل بات التزاما وواجبا لتقديم برنامج دامج للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن خلال هذا النوع من التظاهرات، تبرز جامعة محمد الخامس قضية الطلبة والمواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة».
وكان هذا اللقاء الذي نظمته (جمعية المنار) ونشطها هذا الكاتب الفرنسي، مناسبة ليقف الحضور، المشكل من آباء وأمهات وأعضاء هيئة التدريس وتلاميذ ، على أهمية إدماج الشباب المصاب بمرض التوحد داخل المجتمع.
وحسب منظمة الصحة العالمية، يعاني طفل واحد من أصل 160 طفلا من اضطراب طيف التوحد، الذي يظهر في مرحلة الطفولة، ولكنه غالبا ما يستمر في مرحلتي المراهقة والبلوغ.
فيلسوف فرنسي: الأشخاص التوحديون يمكنهم التمتع بحياة أفضل
الوسوم