بعد الخطابات الملكية التي تطرقت لضرورة خلق فرص الشغل لفائدة الشباب القروي، وحاملي الشواهد، اجتمعت كل من وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، وبنك المغرب، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب من أجل دراسة التعليمات الملكية لتحديد الوسائل التي تمكن من إعطاء دفعة جديدة للتمويل البنكي الموجه للفئات المشار إليها في الخطابات الملكية.
وقد توصلت المكونات المعنية بتنفيذ التعليمات الملكية إلى ضرورة تبسيط الولوج للتمويل للمقاولين الذاتيين والمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة لاسيما في الوسط القروي وكذا المقاولات الصغرى والمتوسطة المصدرة.
وبذلك تم الإعلان عن برنامج «انطلاقة»، خلال فبراير الماضي، كآلية لتفعيل البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، وتم إطلاقه، رسميا، يوم الاثنين 3 فبراير 2020 بالرباط، وذلك خلال حفل ترأسه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، بحضور والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، ونائب الرئيس المنتدب لمجلس إدارة المجموعة المهنية لبنوك المغرب، محمد الكتاني، ورئيسة هيأة الإدارة الجماعية لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، دنيا الطعارجي.
وتشكل المؤسسات البنكية ركيزة أساسية، في إنجاح البرنامج، باعتبار أن الولوج للتمويل يعد أكبر عائق أمام الشباب لإطلاق مشاريع خاصة مدرة للدخل. بهذا الخصوص، تم الاتفاق على منح قروض للفئات المعنية، بأسعار فائدة تفضيلية، كإجراء جريئ وقوي لضمان نجاح هذا البرنامج الذي سنحاول، في هذا العدد، التطرق لتفاصيل مراحله، والسبل التي يتيحها لضمان سيولة استفادة الشباب من تسهيلاته، والعروض التي تقدمها الأبناك لبلوغ هذا المسعى.
ثلاثة أوجه قصور طبعت المرحلة السابقة
قال محمد بنشعبون في لقاء صحفي خصص لتقديم مختلف المنتوجات المتعلقة بالبرنامج، خلال فبراير الماضي، إن اللقاء الصحفي الذي عقب التوقيع على الاتفاقيات أمام جلالة الملك، والمرتبطة بالبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، يروم إبراز “الكيفية التي سيتم من خلالها إطلاق المنتوجات الأولى التي سيجري تسويقها بالنسبة لبعض البنوك، والتي تشكل المرحلة الأولى من تفعيل تلك الاتفاقيات”.
وذكر في هذا السياق بأن الاتفاقيات الموقعة ستخضع لآليات يتم تحديدها بشكل ثنائي بين البنوك وصندوق الضمان المركزي الذي يشكل العنصر المحوري بالنسبة للبرنامج، مشيرا إلى أن البنوك وصندوق الضمان المركزي سيوقعون على اتفاقية تتيح منح القروض، إلى الجهات المعنية.
من جهة أخرى، ألقى بنشعبون الضوء على ثلاثة أوجه قصور طبعت المرحلة السابقة، يتعلق أولها بالولوج إلى التمويل الذي يشكل نسبة 75 في المائة من هواجس المقاولات الصغرى والمتوسطة (وفقا لدراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط)، مشيرا إلى أنه ستتم معالجة هذه الإشكالية من خلال الآليات التي تم عرضها خلال الأسبوع الماضي.
وأوضح أن هذه الآليات تستند بشكل أساسي إلى ضمانات قد تصل إلى 80 في المائة، والتي تعتمد بدورها على الحساب المرصد لأمور خصوصية الذي أنشئ بموجب قانون المالية لسنة 2020، والذي يعتبر الركيزة الأساسية للمنتوجات المقترحة التي يبلغ غلافها المالي المعتمد 8 ملايير درهم، منها ملياري درهم مخصصة للعالم القروي على مدى ثلاث سنوات.
أما وجه القصور الثاني، يضيف الوزير، فيتعلق بالضمانات، حيث ستكتفي البنوك في إطار هذا البرنامج بالضمانات المرتبطة بالمنتوج وتتخلى عن الضمانات الشخصية، بينما يتعلق الثالث بأسعار الفائدة التي سجلت انخفاضا تاريخيا بتعليمات من جلالة الملك، والتي تظل أقل من سعر الفائدة الرئيسي البالغ 2,25 بالمائة، حيث سيتم تحديده عند 2 بالمائة على أساس عام و1,75 بالمائة بالنسبة للعالم القروي.
كما أكد بنشعبون على عنصرين في هذا الإطار، حيث أشار إلى أن العنصر الأول يتمثل في القيام بإجراء تقييم شهري لمتابعة منجزات هذا البرنامج، ما سيمكن من إجراء التعديلات اللازمة التي تفرضها متطلبات السوق، مبرزا أنها عملية ديناميكية تتكيف مع واقع السوق.
وأضاف أن العنصر الثاني يتعلق بآلية مواكبة مهمة تشكل أحد مفاتيح نجاح هذه العملية، مشيرا في هذا الصدد إلى الاتفاقية الموقعة مع وزير الداخلية ومن خلاله مع المراكز الجهوية للاستثمار والاتحاد العام لمقاولات المغرب ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، حيث أكد على ضرورة القيام بمتابعة قبلية وبعدية للمشاريع تتجاوز الجوانب المتعلقة بالتمويل والتي تشكل أساس هذا البرنامج.
وسيمكن هذا البرنامج من تقديم جيل جديد من منتوجات الضمان والتمويل لفائدة المقاولات الصغيرة جدا، والشباب حاملي المشاريع والعالم القروي والقطاع غير المنظم والمقاولات المصدرة. وتهدف هذه المبادرة إلى إطلاق دينامية جديدة تدعم المبادرة المقاولاتية، و ذلك لتعزيز الإدماج السوسيو-اقتصادي للشباب خاصة في المجال القروي.
تعليمات ملكية لإعطاء دفعة قوية للتمويل البنكي
ألقى جلالة الملك في 12 أكتوبر 2018، خطابا بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة. وفي هذا الخطاب أعطى جلالة الملك تعليماته لخلق المزيد من فرص الشغل والدخل خصوصا لفائدة الشباب القروي. حيث قال: « … لذا ندعو لتعزيز المكاسب المحققة في الميدان الفلاحي، وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي. غايتنا انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية، وجعلها عامل توازن ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية … ».
وفي 11 أكتوبر 2019، ألقى جلالة الملك خطابا بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة، وفي هذا الخطاب أيضا أعطى جلالة الملك تعليماته بشكل مباشر إلى الحكومة وبنك المغرب للتنسيق مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب لإنشاء برنامج خاص لدعم الخريجين وتمويل المقاولات والمشاريع الصغرى. حيث قال: «…ولهذه الغاية، نوجه الحكومة وبنك المغرب، للتنسيق مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب، قصد العمل على وضع برنامج خاص بدعم الخريجين الشباب، وتمويل المشاريع الصغرى للتشغيل الذاتي …».
وأضاف الملك في نفس الخطاب: «…تمكين أكبر عدد من الشباب المؤهل، حاملي المشاريع، المنتمين لمختلف الفئات الاجتماعية،من الحصول على قروض بنكية، لإطلاق مشاريعهم، وتقديم الدعم لهم، لضمان أكبر نسبة من النجاح…»، « …دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، العاملة في مجال التصدير، وخاصة نحو إفريقيا، والاستفادة من القيمة المضافة، للاقتصاد الوطني….».
تنفيذ التعليمات الملكية والإعلان عن البرنامج
بعد الخطابات الملكية اجتمعت كل من وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الادارة، وبنك المغرب، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب من أجل دراسة التعليمات الملكية لتحديد الوسائل التي تمكن من إعطاء دفعة جديدة للتمويل البنكي الموجه للفئات المشار إليها في الخطابات الملكية.
وقد توصلت المكونات المعنية بتنفيذ التعليمات الملكية إلى ضرورة التمكين من تبسيط الولوج للتمويل للمقاولين الذاتيين والمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة لاسيما في الوسط القروي وكذا المقاولاتالصغرى والمتوسطة المصدرة. وبذلك تم الإعلان عن برنامج “انطلاقة” كآلية لتفعيل البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات.
وفي سياق متصل، فيما يخص الغلاف المالي المخصص لتمويل البرنامج المندمج لدعم المقاولات، اتفقت الأطراف الفاعلة على إنشاء صندوق دعم وتمويل المقاولات بالمغرب، وقد تم رصد غلاف مالي بملبغ 8 ملايير درهم، حيث تساهم فيها الدولة بمبلغ 3 ملايير درهم، والقطاع البنكي بمبلغ 3 ملايير درهم، فيما سيتكفل صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية بمبلغ 2 مليار درهم، على أساس متابعة هذا البرنامج من خلال تقارير شهرية حول الانجازات وإعادة التقويم بسرعة عند الاقتضاء.
منتوجات بنكية جديدة تستجيب لتطلعات حاملي المشاريع
قال المدير العام لصندوق الضمان المركزي، هشام زناتي السرغيني، خلال فبراير الماضي، عقب الإعلان عن إطلاق برنامج “انطلاقة”، إن البرنامج الذي تم إطلاقه يوم الاثنين 4 فبراير 2020 في الرباط، عقب التوقيع أمام جلالة الملك محمد السادس على الاتفاقيات المتعلقة بالبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، هو نظام متكامل يرتكز على آليات تمويل مطورة وملائمة.
وأكد السرغيني، خلال لقاء صحافي خصص لعرض الخطوط الرئيسية بشأن المنتوجات التي يقترحها البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، أن “انطلاقة” الذي يشمل ثلاثة منتوجات يهدف إلى إعطاء زخم جديد لتمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة مع تقديم قيمة مضافة لمختلف الفاعلين الاقتصاديين.
وأشار إلى أن الأمر يتعلق ب”ضمان انطلاق”، وهو منتوج ضمان يهدف إلى دعم شريحة عريضة من المقاولين، وتحديدا المقاولون الذاتيون والشباب حاملو الشهادات والقطاع غير المهيكل والمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة التي لم تتجاوز مدة نشاطها خمس سنوات ولا يتجاوز رقم معاملاتها عشرة ملايين درهم، والتي ستستفيد من قروض استثمار أو قروض قصيرة الأمد.
وبالنسبة لتبسيط الإجراءات، أبرز المدير العام لصندوق الضمان المركزي أن المؤسسة تشتغل بتنسيق مع القطاع البنكي من خلال نظام تفويضي بهدف تقليص مدة معالجة الملفات على نحو يضمن تلقائية منح الضمان بمجرد موافقة البنك على تمويل المشروع.
وفي سياق متصل، أشار السرغيني إلى أن المنتوج الثاني، “ضمان انطلاق المستثمر القروي”، يشكل آلية ضمان تروم طمأنة البنوك التي تمول المقاولات القروية، ويستهدف المقاولين في الوسط القروي من مقاولات صغيرة جدا وصغيرة والشباب حاملي الشواهد والمقاولات الناشئة المبتكرة والمقاولون الذاتيون والمشاريع الزراعية الصغيرة والمشاريع المنجزة في إطار عملية التمليك.
كما أشار إلى أن الحد الأقصى لقروض الضمان البنكية المتعلقة بهذين المنتوجين لن يتعدى 1,2 مليون درهم مع سعر فائدة محدد عند 2 في المائة و1.75 للعالم القروي، مع تخفيف الشروط المرتبطة بالضمان.
وبخصوص المنتوج الثالث، “انطلاق المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة”، أوضح السرغيني أنه يهدف إلى مواكبة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة حديثة النشأة المستفيدة من قرض استثمار قيمته 300 ألف درهم، وهو منتوج تمويلي على شكل تسبيق يتم تسديده بشكل مؤجل بعد فترة سماح مدتها خمس سنوات دون فوائد أو ضمانات.
وأشار إلى أن هذه المنتوجات الثلاثة تنضاف إلى العرض الحالي لمنتوجات الضمان والتمويل، مضيفا أنه ستتم إعادة بلورة عرض المنتوجات الحالية لجعل كل الفئات تستفيد منها وإعطاء دفعة قوية لمسألة الولوج للتمويل.
وأكد أن هذا البرنامج سيكون موضوع تقارير شهرية تمكن من التتبع عن قرب لمنجزات وسير هذه الآلية، وذلك من أجل التدخل لتقويم وإصلاح البرنامج، مشيرا إلى أن هذا الأخير سيعطي دفعة قوية لتمويل إحداث المقاولات وفرص الشغل.
وأشار في هذا الصدد إلى أثر سنوي إضافي بمعدل 13 ألف و500 مقاولة مستفيدة و27 ألف فرصة عمل جديدة.
هذا، ويهم البرنامج دعم المقاولات الحديثة النشأة والمقاولات المصدرة المتمثل في المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، إلى جانب المقاولين الذاتيين والشباب حاملي المشاريع.
ويرمي البرنامج أيضا إلى إدماج القطاع غير المهيكل، ودعم المقاولات الصغيرة المصدرة نحو افريقيا.
هناك 3 اجراءات سيتم تفعيل بها برنامج انطلاقة وتتمثل في 3 منتوجات تهدف الى دعم الفئات التي تواجهها صعوبات في الولوج الى التمويل بصفة عامة.
***
أيوب كوزة*: على الشباب استغلال هذه المبادرة التي انخرط فيها القطاع البنك بشكل إيجابي
شدد أيوب كوزة، مقاول وعضو بالاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة-سيدي بنور، على أن المبادرة الملكية «إنطلاقة»، مبادرة سابقة من نوعها في تاريخ المغرب نظرا لنسبة البطالة المرتفعة كما تشير المندوبية السامية للتخطيط خلال سنة 2017 (9.8 بالمئة على المستوى الوطني و14.2 بالمئة بالمستوى الحضري و3.5 بالمئة بالمستوى القروي).
وأوضح المقاول الشاب، كوزة، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن المبادرة تهم الشباب المقاولين وحاملي الشواهد والمغاربة عموما، مشيرا إلى أن القطاع البنكي انخرط فيها على أساس تسهيل ولوج المواطنين والمواطنات إلى القروض بفائدة استثنائية وغير مسبوقة (1.75 بالمئة بالنسبة للعالم القروي و2 بالمئة بالنسبة للعالم الحضري)، مضيفا أن هذه المبادرة أطلقت أيضا قرضا شرفيا بدون فائدة لمدة 5 سنوات لفائدة الشباب المقاولين المبتدئين وأصحاب الأفكار لمساعدتهم للحصول على تمويل.
وقال كوزة، إنه بصفته مقاولا شابا يعتبر «هذه المبادرة حسنة وستسجل في تاريخ المغرب، لكونها استحسنت من طرف المقاولين الشباب وحاملي المشاريع لاسيما أنها ستساهم في خفض الأرقام الكبيرة والمهولة لنسب البطالة، «فهذه مبادرة قيمة تمنح الشباب حاملي الأفكار والأحلام والطموحين فرصة لتحقيق ذواتهم، كما تمنح الشباب العاطل فرصة للعمل».
واعتبر كوزة، أن هذه مبادرة «إنطلاقة›» فرصة للشركات التي لا يتجاوز عمرها خمس سنوات وتعاني من إشكالية التمويل، حيث أضحى بإمكانها وضع طلباتها مصحوبة بخطة عمل محكمة ومدروسة وجميع الوثائق التي تخصها لكي تكسب ثقة البنك ودعمه.
وفي الصدد ذاته، دعا كوزة، الشباب حاملي المشاريع حاملي المشاريع، إلى استغلال هذه المبادرة، مشددا على ضرورة دراسة مشاريعهم ومخططاتهم بشكل جيد على المدى البعيد، مؤكدا على أهمية تميز الأفكار، حتى يتم استغلال المبادرة بشكل إيجابي، يعود بالنفع على حامل المشروع بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
*مقاول وعضو بالاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة-سيدي بنور
> إعداد: عبدالصمد ادنيدن