تسطير أوراش للرفع من المستويين الاقتصادي والاجتماعي للطبقة العاملة وإبرام 13 اتفاقية جماعية للشغل همت مختلف القطاعات الإنتاجية
إعداد 17 نصا قانونيا وتنظيميا لتعزيز الحقوق الأساسية في العمل وتخصيص نحو 4 ملايين درهم لدعم مشاريع جمعوية تخص الطفولة والمرأة في العمل
كد وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، في كلمته بمناسبة فاتح ماي، أن الحكومة سطرت، ضمن برنامج عملها، العديد من الأوراش الهادفة إلى الرفع من المستويين الاقتصادي والاجتماعي للطبقة العاملة.
وأوضح أمكراز أن هذه الأوراش نابعة من المكانة التي تحتلها الطبقة العاملة في بناء أسس مجتمع متماسك ومتضامن، وتتمثل في الرقي بالقطاعات الاجتماعية، ومأسسة الحوار الاجتماعي، وإقرار مفهوم العمل اللائق بكل تجلياته وتطوير الترسانة القانونية وملاءمتها مع المعايير الدولية، وكذا النهوض بظروف العمل والصحة والسلامة المهنية في أماكن العمل، وتوسيع وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية.
وتطرق بالمناسبة لرمزية الاحتفال بذكرى فاتح ماي كمحطة سنوية يتوقف فيها العمال لتقييم مكاسبهم ومنجزاتهم ومساهمتهم إلى جانب إخوانهم في مسيرة السعي إلى تحقيق مزيد من التقدم والرفاهية لكل أفراد المجتمع، مشيرا إلى أن الاحتفاء بهذا الحدث الأممي هذه السنة يأتي في ظل ظروف استثنائية تعيشها الطبقة العاملة المغربية على غرار نظيرائها في باقي أقطار العالم.
وأشار الوزير إلى أن الأوراش المسطرة من طرف الحكومة لفائدة هذه الطبقة، يتم بلورتها وتنزيلها بشكل تشاوري وتشاركي مع الشركاء الاجتماعيين في إطار جولات الحوار الاجتماعي، مذكرا، في هذا الصدد، بتوقيع الاتفاق الثلاثي ( 2019- 2021) بتاريخ 25 أبريل 2019 بين الحكومة وممثلي المشغلين وممثلي المنظمات النقابية للأجراء، والذي تضمن مجموعة من المكتسبات لفائدة الطبقة العاملة، من بينها الزيادة العامة في أجور موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والرفع من الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة بنسبة 10 في المائة على سنتين، والرفع من قيمة التعويضات العائلية في القطاعين العام والخاص بمائة درهم عن كل طفل، في حدود ثلاثة أطفال ابتداء من فاتح يوليوز 2019.
كما تضمن هذا الاتفاق الثلاثي التزامات تخص مأسسة الحوار الاجتماعي على المستويين الوطني والترابي، وأخرى تهم تعزيز الترسانة القانونية من قبيل القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات والمرسوم المتعلق بالمادة 16 من مدونة الشغل، وفق السيد أمكراز الذي اعتبر أن هذه الالتزامات ستساهم في تحسين الأوضاع المادية للطبقة العاملة والرفع من قدرتها الشرائية، وفي إنعاش وتنشيط الدورة الاقتصادية وضمان شروط استدامة السلم الاجتماعي والحفاظ على التماسك الاجتماعي والمجتمعي.
وسجل أن الحكومة قامت خلال هذه الفترة بتنفيذ جميع الالتزامات ذات الطابع المالي على مستوى القطاعين العام والخاص، كما تم الشروع في تفعيل آليات الحوار الاجتماعي، وطنيا وترابيا، بحيث تم عقد اجتماعات للجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، منها اجتماع بتاريخ 30 مارس 2020 خصص لمناقشة تداعيات جائحة كورونا المستجد، فضلا عن إحداث وتفعيل اللجان الجهوية والإقليمية لهذا الحوار من خلال إعداد وتوجيه دورية مشتركة بين وزير الداخلية ووزير الشغل والادماج المهني إلى الولاة وعمال العمالات والأقاليم، وعقد سلسلة من الاجتماعات التشاورية مع الشركاء الاجتماعيين والقطاعات الحكومية تخص عقود الشغل وحق الإضراب.
الحماية الاجتماعية
واعتبر وزير الشغل والإدماج المهني أن الحماية الاجتماعية من أهم الأوراش الوطنية التي تباشرها المملكة بالنظر لأبعادها التنموية والاجتماعية، لاسيما في ظل ارتباط المغرب بالتحولات السريعة التي يعرفها العالم، سواء قبل تفشي جائحة فيروس كورونا أو خلال مواجهتها أو بعد القضاء عليها.
وأوضح أمكراز أن الحكومة أعدت، في هذا الإطار، استراتيجية مندمجة للحماية الاجتماعية برسم 2020-2030، تمت المصادقة عليها في نونبر 2019 من قبل اللجنة الوزارية لقيادة وإصلاح وحكامة منظومة الحماية الاجتماعية، وأن هذه الاستراتيجية تهدف إلى ضمان ولوج جميع الأفراد إلى سلة العلاجات الأساسية، وضمان دخل أساسي للأفراد وللأسر في وضعية هشاشة، إلى جانب توفير خدمات اجتماعية ذات جودة للأشخاص في وضعية صعبة.
وأضاف أنه تم العمل على تفعيل مجموعة من البرامج الهادفة إلى تحسين مؤشرات الحماية الاجتماعية، تتمحور حول ثلاثة مشاريع أساسية تهم تطوير أنظمة الحماية الاجتماعية، وتوسيعها لتشمل فئات جديدة، وتحسين حكامتها.
وتطرق الوزير، في هذا الصدد، لصندوق لتعويض عن فقدان الشغل، حيث أفاد بأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي انتهى من إعداد دراسة تقييمية للنظام خلصت إلى اقتراح عدة سيناريوهات تروم تجويد وتحسين الاستفادة من التعويض، “حيث تم رفع السيناريوهات المقترحة إلى رئيس الحكومة الذي حسم التزام الحكومة بتحمل تكلفة سنوية كدعم للصندوق تصل إلى 54 مليون درهم سنويا”.
وعلى صعيد مواصلة إصلاح منظومة التقاعد، أبرز أمكراز أن دراسة تم إطلاقها تحت إشراف وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة من أجل إرساء نظام القطبين، عام وخاص، طبقا للسيناريو المصادق عليه من طرف اللجنة، وتحديد كيفيات تنزيل الإصلاح المتفق عليه، مشيرا إلى أنه تنفيذا لقرار المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تم إنجاز دراسة من طرف الصندوق حول إصلاح نظام المعاشات تضمنت اقتراح سيناريوهات يجري حاليا دراستها من طرف لجنة التسيير والدراسات.
وضمن برنامج تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، أشار الوزير كذلك إلى التغطية الصحية التي قال إن نسبتها تبلغ حاليا بالمملكة حوالي 64 في المائة بالقطاعين العام والخاص، ونظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود وبعض الأنظمة الأخرى (نظام الطلبة والصناديق الداخلية والتعاضديات ومقاولات التأمين وإعادة التأمين)، وذلك في انتظار الرفع من هذه النسبة خلال التنزيل التدريجي لنظام التغطية الصحية الأساسية للعمال المستقلين وأصحاب المهن الحرة،
وأكد أن هذا الورش الذي يهدف إلى ضمان التغطية الاجتماعية والصحية بصفة تدريجية لما يفوق 5 ملايين ونصف مواطن مغربي من بين المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، أولته الحكومة اهتماما بالغا من أجل تفعيله ودخوله حيز التنفيذ،
وفي إطار أجرأة هذا النظام، تم إصدار المراسيم الخاصة ببعض الفئات منذ بتاريخ 21 أكتوبر 2019 (العدول، القابلات والمروضين الطبيين)، في حين لا زالت المشاورات جارية مع باقي المهنيين لضمان استفادتهم من النظامين،وفق السيد أمكراز، الذي أفاد، في هذا الإطار، بأنه تم عقد عدة اجتماعات تنسيقية وأخرى تشاورية من أجل تفعيل هذه التغطية لفائدة مختلف الفئات المعنية بهذا النظام مع القطاعات المشرفة على كل من فئات مهنيي الصحة وسائقي سيارات الأجرة والتجار والمقاول الذاتي والمفوضين القضائيين والمرشدين السياحيين والصناع التقليديين والفلاحين، والعديد من المهن المستقلة .
وبخصوص تجويد الخدمات المقدمة لضحايا حوادث الشغل، ذكر الوزبر بأنه تم إقرار الزيادة في الإيرادات بنسبة 20 في المائة لضحايا حوادث الشغل من ذوي الإيرادات العمرية وذلك بالمصادقة على المرسوم رقم.2.19.770 الصادر في 8 أكتوبر 2019، مضيفا أنه، تكريسا لحكامة أنظمة التعاضد، بادرت الوزارة الى اتخاذ قرارين مشتركين لوزير الشغل والادماج المهني ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، خاصين بإسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بالمغرب إلى متصرفين مؤقتين، وبإسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري للجمعية الأخوية للتعاون المشترك وميتم موظفي الأمن الوطني إلى متصرفين مؤقتين طبقا لمقتضيات الفصل 26 من الظهير الشريف 1.57.187 بسن نظام اساسي للتعاون المتبادل .بتاريخ 12 نونبر 1963.
نصوص قانونية لتعزيز الحقوق الأساسية في العمل
وقال محمد أمكراز إن السنة الماضية تميزت بإعداد ما مجموعه 17 نصا قانونيا وتنظيميا، تم وضعها في قنوات المصادقة، وذلك لتعزيز الحقوق الأساسية في العمل.
وتابع أمكراز أن مشاريع النصوص هذه تأتي لتطوير الترسانة القانونية وملاءمتها مع معايير العمل الدولية، تنضاف إليها مواصلة استكمال ورش تنزيل أحكام الدستور، بهدف خلق الشروط الكفيلة بتحسين مناخ الأعمال وتكريس مبادى العمل اللائق والعدالة الاجتماعية من خلال اعتماد المقاربة التشاركية مع الشركاء الاجتماعيين والمؤسساتيين.
ورغبة في تعزيز التعاون مع مختلف المؤسسات والهيآت المعنية لضمان حسن التطبيق السليم للقانون، يضيف الوزير، تم فتح ورش التنسيق مع رئاسة النيابة العامة من أجل البحث عن السبل الكفيلة بتعزيز الالتقائية بين عمل النيابة العامة وجهاز تفتيش الشغل في كل ما له ارتباط بتقوية وتحسين تطبيق التشريع الاجتماعي بصفة عامة وتفعيل القانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين بصفة خاصة.
وفيما يتعلق بمواكبة النشاط المعياري الدولي والإقليمي، فقد تم إيداع وثائق التصديق على ثلاث اتفاقيات عمل دولية لدى منظمة العمل الدولية. ويتعلق الأمر، وفق السيد أمكراز، بالاتفاقيات رقم 97، و102، و187، ومباشرة مسطرة عرض اتفاقية العمل الدولية رقم 190 وتوصية العمل الدولية رقم 206 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم الشغل لسنة 2019 على السلطة التشريعية، وإعداد 11 تقريرا حول تطبيق اتفاقيات العمل الدولية والعربية. كما أن الحكومة بصدد دراسة إمكانية التصديق على بعض اتفاقيات العمل الدولية والعربية، مما سيمكن لا محالة من ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية، وتقوية مكانة المغرب إقليميا ودوليا في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.
وأبرز أن الوزارة تعزيز منها لمراقبة تطبيق التشريع الاجتماعي وسعيا نحو الرفع من فعالية ونجاعة تدخلات مفتشية الشغل، تبنت منهجية التخطيط والبرمجة من خلال اعتماد برنامج وطني لتفتيش الشغل الذي تم إعداده وفق مقاربة تشاركية، والذي تضمن أولويات وطنية وجهوية وقطاعية وموضوعاتية، وقد أسفر تنفيذ البرنامج برسم سنة 2019 عن نتائج وارقام مهمة “كان لها الوقع الإيجابي على خلق مناخ اجتماعي سليم يحافظ على حقوق طرفي العلاقة الشغلية”.
وسجل أن هذا التوجه تعزز بإعادة تكوين 28 متصرفا لولوج درجة مفتش الشغل، وتوظيف 22 مفتشا جديدا برسم سنة 2019، حيث تم تعيين هذه الأطر بعد إخضاعها للتكوين اللازم بالمصالح اللاممركزة، وذلك بغية الرفع من نسبة تغطية المؤسسات الخاضعة لتشريع الشغل بزيارات المراقبة والقيام بمهام المصالحة في مجال تسوية نزاعات الشغل وتقديم النصح والإرشاد لفائدة المشغلين والأجراء.
وخلص أمكراز إلى أن هناك سعيا نحو تجميع وتيسير وتوحيد عمل جهاز تفتيش الشغل وضمان فعاليته ونجاعته، وذلك بوضع نظام رقمي شامل ومندمج وموحد لتأطير المهام والأنشطة التي يقوم بها، والذي تم الشروع في تجريب العمل به ابتداء من 21 فبراير 2020، بعد إخضاع جميع مكونات جهاز تفتيش الشغل لتكوين حول محتوياته المهنية والتقنية.
مشاريع جمعوية تخص الطفولة والمرأة في العمل
وقال محمد أمكراز إن الحكومة خصصت غلافا ماليا برسم سنة 2019، يقارب أربعة ملايين درهم لدعم مشاريع الجمعيات العاملة في مجالي محاربة تشغيل الأطفال، وحماية حقوق المرأة في العمل، وذلك اهتماما منها بحماية حقوق الفئات الخاصة، خاصة النساء والأطفال، واقتناعا بدور المجتمع المدني في المساهمة في هذا المجال.
وأشار امكراز إلى أنه تم إبرام 19 اتفاقية شراكة مع الجمعيات، 11 منها في مجال محاربة تشغيل الأطفال، وثمانية في المجال الثاني المذكور، وذلك فضلا عن تعزيز نقط الارتكاز على المستوى الجهوي الخاصة بمراقبة تشغيل الأطفال، وظروف اشتغال المرأة، حيث قام مفتشو الشغل بتخصيص زيارات لهذه الغاية كانت لها الآثار الإيجابية .
ومن جهة أخرى، أكد حرص الوزارة على تكريس الحضور القاري والدولي للمملكة من خلال تمثيلها في مختلف التظاهرات والأنشطة الدولية الرامية لتعزيز التعاون في المجال الاجتماعي، حيث شاركت الوزارة في مؤتمر العمل الدولي المنعقد في يونيو 2019 الذي تم فيه اعتماد “إعلان المئوية لمستقبل العمل”. وفي الاجتماع الجهوي الإفريقي لمنظمة العمل الدولية في دجنبر 2019 بأبيدجان.
ولدى تطرقه للظروف الصعبة وغير مسبوقة بفعل تفشي فيروس كورونا المستجد، نقل الوزير عن تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية توقعاته التي تشير إلى ما سيشهده العالم من تقليص في عدد مناصب الشغل لتصل نحو 200 مليون من الأجراء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة فقط، خاصة بعد فرض إجراءات الإغلاق الكامل أو الجزئي في العديد من الدول، وما حمله ذلك من تأثير على نحو 2.7 مليار عامل، أي 4 من بين كل 5 من القوى العاملة في العالم.
وسرد في هذا الصدد مختلف الإجراءات الاستباقية والاحترازية التي اعتمدتها المملكة منذ بداية ظهور هذه الجائحة، حيث عملت الحكومة، وبتوجيهات ملكية سامية، على اعتماد مقاربة تشاركية تروم تعبئة وتوحيد الصف الوطني، من أجل ضمان توفير انخراط وطني في مواجهة هذه الجائحة، مستحضرا على الخصوص، الإجراءات التي تهم الشق الاقتصادي والاجتماعي منها ما يحافظ على مناصب الشغل المتوفرة لدى المقاولات والحيلولة دون فقدان أجرائها |لمناصب عملهم لأسباب اقتصادية.
وعبر الوزير، بالمناسبة، عن الافتخار بالطبقة العاملة في القطاعين العام والخاص، عما تقدمه من تضحيات من أجل الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد ومواجهة تداعياته السلبية على المملكة، مشيدا بكافة الأطراف، كل من موقعها، لعملها على حفظ النظام العام وتطبيق الحجر الصحي على المستوى الميداني، والتواصل المباشر والمستمر مع المواطنات والمواطنين.