في عز الأزمة الصحية التي يعيشها المغرب، جراء تفشي فيروس “كوفيد-19″، وفي الوقت الذي يجب فيه على الحكومة إعادة التفكير في سياساتها العمومية الخاصة بمجال الصحة، والاهتمام بالمستشفيات العمومية، والتفكير بجدية في الرفع من عددها، وتمكين كافة المواطنين من التطبيب والاستشفاء المجاني في ظروف جيدة، تتجه الحكومة المغربية إلى إعدام 13 مصحة تابعة لصندوق الضمان الاجتماعي من خلال تفويتها للخواص.
وفي هذا الصدد، شدد الميلودي مخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، على موقف نقابته الرافض لتفويت هذه المصحات تحت أي ذريعة أو أي شكل كان.
وأكد موخاريق، في تصريح صحفي خص به جريدة بيان اليوم، على أن هذه المصحات هي ملك للطبقة العاملة والمنخرطين في صندوق الضمان الاجتماعي، سواء كانوا من المتقاعدين أو النشطاء، مشددا على أن “الدولة لم تساهم ولا تساهم حتى الآن ولو بدرهم واحد في تدبير هذه المصحات وتأسيسها…”.
واعتبر موخاريق على أن أيا كان لا يمكنه تفويت ما لا ملك له، مؤكدا على أن المصحات ملك خاص للمنخرطين وللطبقة العاملة المغربية، ولا يمكن للحكومة خوصصة أو تفويت ما ليس لها وفي ملكيتها.
وأشار مخاريق إلى أن هناك انعكاسات سلبية على المؤمنين، حيث أن الخدمات التي تقدمها هذه المصحات بجودة وأثمنة معقولة لن تكون في متناول العمال والأجراء الذين يملكونها، مشيرا إلى أن “هذه ليست هي المرة الأولى التي تقع فيها الحكومة في ورطة محاولة الإجهاز على مصحات الضمان الاجتماعي، فمنذ تأسيس هذه المصحات سنة 1984 والحكومات المتعاقبة تحاول تفويتها، لتصطدم بجبهة الرفض التي تفشل محاولاتها”.
هذا وتعارض النقابات الممثلة لمستخدمي الضمان الاجتماعي سيناريوهات التفويت أو التدبير المفوض للقطاع الخاص، مخافة تسريح الموظفين أو التراجع عن بعض المكتسبات.
وفي بلاغ لها، رفضت الجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي، التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل توجه الحكومة نحو “تفويت مصحات الضمان الاجتماعي إلى تجار الصحة”.
وحملت النقابة الإدارة العامة، مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع جراء مثل هذه القرارات، و”ما سينجم عنها من احتقان داخل المؤسسة، وتأثير ذلك على السلم الاجتماعي داخلها، وعلى السير العادي للخدمات داخل جميع المصحات، والمصالح المركزية، والجهوية والوحدات الاجتماعية التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وأوضحت الجامعة أنه “في غمرة انخراط كل مكونات الشعب المغربي، وتجند جميع المؤسسات الوطنية، ومن ضمنها مصحات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في المجهود الوطنى لمواجهة جائحة كورونا، أقدمت السلطات الوصية على هذا الصندوق، في هذا الظرف العصيب، على إصدار قرار يقضي بتفويت مصحاته”.
وعبرت الجامعة في البلاغ ذاته، عن رفضها كل تفويت للمصحات، باعتبارها حقا مكتسبا للطبقة العاملة، كما أكدت على ضرورة إشراك الشريك الاجتماعي في التحضير، والتتبع لكل التدابير المتعلقة بمستقبل المصحات مع الحرص على صيانة مكتسبات، وحقوق مستخدميها، وتوفير كل الضمانات المتعلقة بمصير جميع العاملين بها”.
وحذرت الجامعة، الإدارة العامة، والسلطات الوصية من تداعيات “الانفراد بالقرار” في ما يتعلق بمصير هذه المصحات، و”الإصرار على تجاهل” التمثيلية النقابية للمستخدمين، والعاملين بها، وتجدد العزم على التصدي لمثل هذه القرارات “اللاشعبية واللااجتماعية”، والتي تستهدف تصفية المصحات، والإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة، وعموم الأجراء.
من جهة أخرى، أكدت الجامعة الوطنية لمستخدمي الضمان الاجتماعي، على تشبثها بالدفاع عن حقوق، ومصالح المستخدمين والعاملين بها باللجوء إلى كل أشكال النضال المشروعة.
ويشار إلى أن وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، وجه مراسلة إلى المدير العام بالنيابة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بشأن المصحات التابعة للضمان الاجتماعي، لإعداد مشروع دفتر تحملات لاختيار بنك أعمال يعهد له تقييمها واستطلاع اهتمام المستثمرين بها.
وتتجه الحكومة، حسب المراسلة التي وجهها محمد أمكراز، إلى المدير العام بالنيابة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بناء على مراسلة لوزارة الاقتصاد والمالية تتعلق بتنفيذ التدابير المتعلقة، بتنظيم خروج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من التدبير المباشر للمصحات التابعة له، (تتجه) إلى تفويت مصحات الصندوق الذي يدبر التغطية الاجتماعية لأجراء القطاع الخاص والتي يبلغ عددها 13 في مختلف مدن المغرب.
وينتظر من بنك الأعمال الذي سيتم اختياره اقتراح صيغة مناسبة من أجل تنظيم انسحاب الصندوق من التدبير المباشر لمصحاته، وسيتم إحداث لجنة تضم وزارات المالية والشغل والصحة، إضافة إلى هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والصندوق، من أجل مواكبة البنك في هذا الصدد.
> عبد الصمد ادنيدن