“هيومن رايتس ووتش” تحذر من عرقلة إيصال المساعدات لليمنيين

حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الاثنين من “عواقب مميتة” على المدنيين اليمنيين جراء تعمد أطراف النزاع عرقلة إيصال المساعدات التي تراجعت بشدة خلال أزمة فيروس كورونا المستجد.
وبينما يخيم شبح المجاعة من جديد على البلد الغارق بالحرب منذ أكثر من ست سنوات، عدد تقرير للمنظمة أساليب العرقلة في مناطق سيطرة المتمردين والأخرى التابعة للحكومة، من سرقة المعونات، إلى البيروقراطية.
وأجرت المنظمة مقابلات مع 35 عاملا في المجال الإنساني و10 مسؤولين في دولة مانحة و10 من العاملين الصحيين اليمنيين، تحدثوا خلالها عن “الشبكة المعقدة” من القيود المفروضة على المساعدات.
ومنذ 2014، يشهد اليمن حربا بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات تابعة لحكومة معترف بها دوليا، تصاعدت حدتها في مارس 2015 مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري دعما لقوات الحكومة.
وقتل وأصيب عشرات آلاف الأشخاص ولا يزال هناك 3.3 ملايين نازح، فيما يحتاج أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم نحو 29 مليون نسمة الى مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم.
وكانت المنظمة حذرت في يوليو من أن البلد الفقير أصبح على حافة المجاعة من جديد كون المنظمات الاغاثية لا تملك الأموال الكافية لمواجهة الكارثة التي تم تجنبها قبل 18 شهرا.
وأوضح تقرير منظمة هيومن رايتش ووتش أنه في عامي 2019 و2020 أمضت وكالات الإغاثة “جزءا كبيرا من وقتها وجهدها وهي تكافح للحصول على الموافقات في جميع أنحاء البلاد لتقديم المساعدة”.
وعدد التقرير أمثلة على عرقلة إيصال المساعدات، من بينها “التأخيرات الطويلة للموافقة (…) ومحاولات السيطرة على مراقبة المساعدات وقوائم المستفيدين لتحويل المساعدات إلى الموالين للسلطات، والعنف ضد موظفي الإغاثة وممتلكاتهم”.
وبحسب المنظمة، فإنه في 2019 و2020 كان على عمال الإغاثة “أن يتصدوا للمسؤولين الحوثيين الذين أصروا على أن تقوم مجموعات الإغاثة بتسليم أصول، مثل السيارات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة، لهم في ختام المشاريع”.
وكان برنامج الأغذية العالمي الذي يقدم الغذاء لأكثر من 12 مليون شخص كل شهر في مختلف أنحاء اليمن، علق العام الماضي إيصال المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين لمدة شهرين بسبب خلاف على نظام تسجيل بيومتري لضمان وصول الغذاء إلى المحتاجين.
كما أن العراقيل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في ازدياد بحسب المقابلات التي أجرتها هيومن رايتس ووتش، بعدما “فرضت الحكومة اليمنية متطلبات بيروقراطية مرهقة على وكالات الإغاثة”.
وحمل التقرير وكالات الاغاثة المسؤولية أيضا، إذ اعتبر أن عرقلة المساعدات جاءت أيضا بسبب “الإذعان لسلسلة من المطالب المتعلقة بالسيطرة على مشاريع المساعدة التي شجعت السلطات على السعي إلى سيطرة أكبر”.
وذلك إضافة إلى “توجيه مبالغ طائلة من الأموال إلى وزارات فاسدة بشكل واضح بدون شروط كافية، والفشل في التحقيق بشفافية والإبلاغ عن مزاعم تواطؤ وكالات الأمم المتحدة في تحويل مسار المساعدات”.
وقالت المنظمة أن هذه العراقيل تنذر “بعواقب مميتة” على المدنيين، خصوصا في ظل شح المساعدات وتفشي فيروس كورونا المستجد الذي تسبب بوفاة نحو 600 شخص من بين نحو 2000 إصابة مؤكدة أعلنت عنها الحكومة، وهي نسبة وفيات كبيرة جدا مقارنة بالدول المجاورة.
ويعتقد أن أعداد الإصابات والوفيات أعلى بكثير في البلد الذي يعاني من انهيار صحي تام، خصوصا أن المتمردين لا يعلنون عن أي معلومات في هذا الصدد.
من جهتها، قالت منسقة الشؤون الانسانية للأمم المتحدة في اليمن ليز غراندي لوكالة فرانس برس إن الأمم المتحدة تقيم باستمرار وتعدل آليات تقديم مساعداتها في مواجهة العراقيل وغياب المساءلة.
وأوضحت “بالنسبة لكل برنامج نقوم به حاليا، نحدد المخاطر التي تواجه التسليم القائم على أسس معينة. وعندما يتم انتهاك هذه الأسس، نقوم بتعديل التسليم، وهذا يعني أنه يتعين علينا أحيانا إيقاف المساعدة”.
وتعاني المساعدات بالفعل من نقص كبير، وخصوصا أن اليمن لم يحصل هذا العام إلا على ربع قيمة المساعدات التي يحتاجها، بحسب هيومن رايتس ووتش.
وكانت غراندي حذرت في غشت الماضي من أن نقص التمويل بدأ يتسب ب بإغلاق أو تقليص برامج المنظمة الأممية، ما يهدد ملايين السكان بالموت.
وقالت الاثنين لفرانس برس إن مطار صنعاء الخاضع لسيطرة المتمردين مغلق منذ نحو عشرة أيام من قبل الحوثيين الذين يطالبون برفع الحظر الجوي الذي تفرضه السعودية على المطار.
وقال موظف في وكالة إغاثية “الآن مع إغلاق مطار صنعاء، أصبحت مسألة (توزيع المساعدات) أمرا صعبا للغاية بالفعل”.
وتابع “صحيح أن هناك قيودا في الجنوب، لكنها قيود اعتادت المنظمات غير الحكومية عليها. في الشمال (مناطق سيطرة الحوثيين) حجم القيود وشدتها أمر استثنائي”.

> أ.ف.ب

Related posts

Top