1/ في استعادة المطلب الديمقراطي:
يطرح الواقع العربي (ومنه المغربي) الراهن أفقا عاما عريضا لحل المشكلات العميقة المتراكمة عبر الحقب السابقة، وعبر التقارب بين مختلف القوى الليبرالية والديمقراطية، المهددة من قبل الأصوليات الدينية، والمجمدة أو المضروبة من قبل الأنظمة الحاكمة.
إن الأهداف العامة هي استعادة مطالب التطور الديمقراطي العربي، التي تم القفز عليها عبر مراحل التسريع السابقة، أو المواجهة من قبل مشاريع التسريع الماضوية الدموية الراهنة. وهي تحرير المرأة، تحرير الدين من سيطرة الإقطاع، وتشكيل وتعميق الحريات وتحديث المسار الصناعي – التنموي الوطني والعربي.
إن الخط الأساسي لهذا المسار الوطني/العربي المتلون حسب مستوى تطور البنى الاجتماعية، هو في تشكيل تحالفات ديمقراطية واسعة، تعزل القوى الديكتاتورية وتهزمها.
إن الجماعات النصف دينية والتي تريد مقاومة التيارات المتشددة، الداعية إلى أقصى تطبيق حرفي للدين، وأوسع اعتقال للإنسان، تجابه بالمزيد من المشكلات وفقدان المصداقية، كما تؤدي عملية الاستغلال البراغماتي للدين إلى إعطاء فرصة لمزيد من نمو التيارات الأصولية. وعليه فإن السلطات العربية (ومنها المغربية) التي تقاوم الجماعات الدينية من خلال الدين، تتجه إلى الحقل الإيديولوجي للجماعات المتطرفة، وتنزلق تحت ذات المظلة الفكرية، عبر تنامي لغة المزايدة حول الدين.
2/ في الانزلاق تحت ذات المظلة الفكرية:
«إن انزلاق السلطات العربية المتخلفة (=انزلاقها تحت ذات المظلة الفكرية للجماعات الأصولية؟)، يشبه انزلاق الجماعات المذكورة نحو الشبكة القعرية العميقة للإقطاع، ولهذا فإن الأنظمة تقوم بتقويض أساسها الفكري الهش، وحينئذ فإن المعركة تنتقل إلى مسألة السيطرة على الحكم». (عن رفعت السيد في: «الإرهاب إسلام أم تأسلم»)
إن السلطات العربية بتعبيرها عن بورجوازية هجينة أو بورجوازية عسكرية بيروقراطية وعن ملاكي الأرض الكبار(البورجوازية العقارية)، تعبر عن استمرار التركيبة المزدوجة بين الإقطاع والرأسمالية الهشة التبعية، بين العصر الوسيط والعصر الحديث. فهي تضع كل قدم في عصر، مواصلة رحلة الانشراخ العربية !.
هي ازدواجية مدمرة، تقتضي اقتلاع جذور الإقطاع الاقتصادية والاجتماعية وفصل الدين عن الدولة، وتحرير الدين من الاحتكار الإقطاعي القروسطي له، وتشجيع برجزة الإسلام، والقيام بإصلاحات عميقة في التركيبة الاجتماعية التقليدية، عبر المساواة بين الرجل والمرأة، وجعل الدولة لا دينية، ومساواة كافة المواطنين أمامها.
إن هذا لن يتشكل دون نضال واسع من قبل القوى التحديثية العربية، وهي تقوم بتجديد نفسها ديمقراطيا، علمانيا، وتوجيه القوى الشعبية وحتى البورجوازية المتنورة منها، والنساء (بالضرورة) والمثقفين.
إن إعادة ترتيب الأولويات السياسية والاجتماعية يبقى ضروريا لمواجهة انتكاسة التطور. فلم يعد أساسا تحرير الشغيلة بل تحسين ظروفهم وتطورهم الفكري والسياسي، وغدا أو بعد غد، تحرير المرأة والدين والعقل ركيزة أساسية لإعادة تشكيل البنى.
3/ قول أخير:
في حالة المغرب، إن توسع الأشكال الطفيلية من رأس المال، وتفاقم السياسة الليبرالية الجديدة المتوحشة الموجهة نحو الشغيلة، وتدفق الشركات متعددة الجنسية وعمليات القفز فوق الأطر الوطنية كلها مشكلات كبيرة، ولكنها لا تقود بالضرورة إلى تجاوز للرأسمالية المذكورة بصيغ متسرعة، بل إن تدعيم رأسمالية صناعية – زراعية – علمية.. هو الأمر الذي يضع القواعد المادية لتغيير التراكيب التقليدية المحافظة بالمجتمع.