لم ييأس و لم تخنه الفرشاة و لا الألوان لما يزيد عن أربعة عقود من ممارسته للهواية التي أحبها وأبدع فيها طوال سنوات طفولته و شبابه، إنها غواية الفن التشكيلي، حتى استطاع أن يكون أول فنان تشكيلي مغربي أن يدخل للموسوعة العالية للأرقام القياسية ” غيتيس ” من خلال إنجازه لأكبر لوحة تشكيلية في العالم، إذ يبلغ طولها عشرة أمتار فيما عرضها متر ونصف المتر، هذه اللوحته التي أمضى قرابة السنة في الاشتغال عليها، أبرز فيها الثقافة المغربية بكل أصالتها و عبقها المتجلي في الألوان و النقوش التي استخدمها، إنه الفنان التشكيلي المغربي ابن مدينة الرباط، محمد فتح الله عاشور (56 سنة) الفنان العصامي الذي وفق ما يقول أن دخوله لعالم الفن التشكيلي جاء نتيجة تأثره بوالدته التي كانت تتقن فن الطرز خاصة الطرز الرباطي، الذي نال إعجابه للطريقة التي يتم بها على الثوب مخلفا أشكالا فنية متنوعة من البيئة المغربية الجميلة و بطريقة عفوية، لينغمس بكل تلقائية في عالم التشكيل مستلهما أعماله و أشكاله من سفرياته عبر ربوع المملكة بحكم اشتغاله لمدة واحد و عشرين سنة كمراقب تذاكر بشركة السكك الحديدية، مطورا عمله من خلال الاحتكاك بفنانين محليين و أجانب، و كذا من خلال مشاركته في عدد من المعارض داخل وخارج المغرب، من أهمها مشاركته بمعرض بفرنسا وبسويسرا حصل خلالها على عدد من الشهادات التقديرية، إلى جانب كونه عضوا بجمعية «قوس قزح» الفرنسية وجمعية «شروق» المغربية، و جمعية منتدى الشباب ورائد من رواد فضاء محمد بن علي الرباطي للفن التشكيلي بالرباط، الفضاء الوحيد بالقارة الأفريقية المفتوح في وجه العموم لممارسة الفن التشكيلي بشكل مباشر. يعتمد الفنان التشكيلي محمد فتح الله عاشور في عمله على كل ما فطري من خلال الألوان القاتمة أحيانا و أخرى المفتوحة ” الألوان الأساسية و الألوان الثانوية ” التي يجعل منها وسيلة لمحاكاة المتعة البصرية المشبعة بالأحاسيس المرهفة النابعة من أعماق الفنان، كل زخرفة و كل نقش يحمل رسالة عن جمالية وطننا و عشقه، تتنوع رسوماته فتارة يرسم على الثوب، و أخرى على الجلد، وأحيانا يقوم بخلط بعض المواد مثل «النيلة» وصباغة الماء والزيت وبعض المواد القديمة والحديثة، وغيرها من المواد الغذائية، مثل الزعفران والقهوة والحناء وأوراق الخشب. ووفق حوار أجريناه معه حول أجمل حدث وقع له فقد صرح لنا أن أجمل مل حدث عاشه في مساره الفني هو لقائه ومعرفته بعدد من الوجوه التي تؤثث المشهد الثقافي والفني والسياسي بالمغرب فيما أسوأ موقف هو ما وقع له هو عندما يطلب منه مسؤول أن يمنحه لوحته الفنية دون تأدية أجرها، ليبقى طموحه هو أنه عندما أنجز لوحة العشر أمتار كان يطمح في أن تقتنيها إحدى الهيئات أو الوزارات أو المتاحف أو المؤسسات… لكن لحد كتابة هذه الأسطر لم تتحقق بعد.
> محمد الصفى