جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة في رحلة علمية إلى معبر الكركرات

< تقرير إخباري: د. ماء العينين النعمة علي / جامعة ابن زهر- اكادير

نظمت جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة بمدينة تيزنيت رحلة علمية وثقافية إلى معبر الكركرات الحدودي مساهمة منها في تثبيت دعائم وحدتنا الترابية، وترسيخ جهود البناء والمنجزات التنموية، وتأييد ما قامت به القوات المسلحة الملكية في هذه المنطقة بأمر وتوجيه من جلالة الملك محمد السادس نصره الله سليل الدوحة العلوية وضامن وحدتنا العلية.
وتسعى الجمعية، من خلال هذه الرحلة، إلى كشف المزيد من الصلات المتينة، التي تأسست عليها وحدة البلدان الإفريقية وتعمقت بها جذور علاقاتها التاريخية، والتعريف بالروابط الحضارية والثقافية والدينية والروحية والاجتماعية والتاريخية التي جمعت هذه البلدان بالمملكة المغربية منذ قرون طويلة، والتي ظل المغرب يحافظ عليها ويشيد بها ويدافع عنها.. وهذا ما أكده جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وأعز أمره وعلاه في خطاب ثورة الملك والشعب ليوم عشرين غشت سنة سبعة عشر وألفين (2017) قائلا: “إن التزام المغرب بالدفاع عن قضايا ومصالح إفريقيا ليس وليد اليوم. بل هو نهج راسخ ورثناه عن أجدادنا، ونواصل توطيده بكل ثقة واعتزاز. إن توجه المغرب نحو إفريقيا لم يكن قرارا عفويا، ولم تفرضه حسابات ظرفية عابرة، بل هو وفاء لهذا التاريخ المشترك، وإيمان صادق بوحدة المصير. كما أنه ثمرة تفكير عميق وواقعي تحكمه رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى، وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق”.
هذا وانطلقت هذه الرحلة التي شارك فيها عدد من أعضاء جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة ومجموعة من منخرطيها، وعدد من الأساتذة الجامعيين والباحثين والدارسين ومتصرفي الإدارات المركزية وطلبة الدكتوراه من مدينة تيزنيت فجر يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر مارس سنة إحدى وعشرين وألفين (2021)، ووصلت معبر الكركرات في اليوم الموالي وهو يوم السبت السابع والعشرين من الشهر نفسه على الساعة الواحدة زوالا. فبدأت الجمعية عملها الثقافي بالتقاط صور جماعية للمشاركين في رحلتها أمام هذا المعبر الحدودي. ثم تبع ذلك كلمات بالمناسبة ألقاها كل من:
– الدكتور مصطفى الطوبي أستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير باسم المشاركين والمشاركات في الرحلة استهلها بقوله: “..فقد نلنا الكركرات اليوم وشعرنا بمتعة أنستنا  نَصَبَ  الطريق، وكل من يسمر ناظريه في ترباء أرضنا الممتدة حد البصر، وبحرنا الملتحم في زرقته بزرقة السماء، وهدوء هذه البراري المتربعة على صفاء وحدتنا على مر التاريخ يشعر حقا بالحنين الذي يجعلنا نذوب في كل شبر من وطننا الحبيب. وقد حدجنا في مجيئنا زرافاتٍ من الشباب الناشدين هذا المكانَ على متن الدراجات العادية، والحق أن متعة الالتحام بالذات تستحق المشي على الأقدام أو الحبو ببطء لنيل المرام…” بعد ذلك أشار الأستاذ إلى أن هذه الرحلة تعد لحظة تاريخية نفتخر بها، ونسجل فيها حضورنا غير المشروط في سجل وحدتنا الوطنية. وشكر جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة وعلى رأسها الدكتور ماء العينين النعمة علي التي أبتْ إلا أن تجعلَ الأواصر الثقافية والروحية والفكرية محركا عمليا وميسما بارزا لهذه الزيارة الميمونة، من خلال عرض منشوراتها المختصة في العلاقات المغربية الإفريقية، مبينا أن هذه البادرة السامقة هي ترجمة عملية لسياسة الاهتمام بكل المكونات الثقافية التي تربط المغرب بباقي البلدان الإفريقية. كما شكر المرابضين على الذود على وطننا الحبيب من رجال  الدرك، والأمن الوطني، والقوات المسلحة الملكية.. وختم كلمته سائلا الله تبارك وتعالى أن يديم علينا نعمة السلم والهناء في ظل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
– كما تناول الكلمة الدكتور ماء العينين النعمة علي رئيس جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة الذي نوه بهذه الرحلة العلمية الثقافية التي نظمتها الجمعية إلى المعبر الحدودي الكركرات إسهاما منها في الدفاع عن وحدتنا الترابية، وتمتين دعائم التواصل بين المناطق الشمالية والصحراوية. والتي تعتبر استمرارا للأعمال والمنجزات والملتقيات التي سبق أن نظمتها خدمة لهذه القضية الوطنية العادلة.
كما نوه المتحدث بالانتصار الميداني الذي حققته القوات المسلحة الملكية بأمر وتوجيه من قائدها الأعلى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله حيث تمكنت من إجبار من كانوا يعرقلون مسيرة هذا المعبر على الانسحاب منه، فعادت له حياته الطبيعية التي تتجلى في حرية التنقل المدني والتجاري في المنطقة، مذكرا بدوره الإستراتيجي في العبور إلى إفريقيا التي يعد المغرب فاعلا أساسيا فيها قديما وحديثا وفي مجالات متعددة وما يزال يقوم بهذه الأدوار الطلائعية، ويسهم من خلالها في نهضة القارة وازدهارها.
– ثم تحدث الدكتور ماء العينين النعمة علي عن أرض الصحراء المعطاءة، وارتباطها الدائم بمختلف مناطق المغرب، وعن إنتاجها العلمي والثقافي الذي يتميز بالتعدد والغنى والتنوع، والذي يعبر عن الوحدة في جميع تجلياتها، وينبذ التفرقة بمختلف أنماطها. بعد ذلك عرف بأهم الكتب التي نشرتها الجمعية وعرضتها في هذا المعبر، وبمضامينها الفكرية والثقافية. وهي كتب متنوعة منها ما يتمحور حول العلاقات المغربية الإفريقية التي يعتبر مركز الكركرات اليوم أحد أهم مداخلها الإستراتيجية. ومنها ما يتمحور حول ثقافة الصحراء وأعلامها، ومنها ما يتمحور حول تراجم أعلام الجنوب ودواوينهم الشعرية بصفة عامة. وختم كلمته بتوجيه الشكر والتقدير إلى جميع المشاركين والمشاركات في هذه الرحلة العلمية والثقافية من تيزنيت إلى الكركرات ولكل من أسهم في دعمها وإنجاحها.
– الدكتور أحمد أبو القاسم نائب أمين مال جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة حيا بدوره في بداية كلمته أفراد القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والجمارك، والسلطات المحلية، وأشاد بإخلاصهم ووفائهم لهذا الوطن الغالي، وسهرهم الدائم على أمنه وسلامته، خاصة في المناطق الحدودية البرية والبحرية.
ثم أبرز أن جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة بمدينة تيزنيت، تتشرف بتنظيم هذا الوفد العلمي المركب من أساتذة رجالا ونساء باحثين في مختلف التخصصات، ومهتمين بقضايا الوطن، ومجندين وراء جلالة الملك بهذه الزيارة الاستطلاعية لهذه النقطة المركزية في حدود هذا الوطن الغالي المفدى بالنفس والنفيس، من أجل الوقوف على الحقائق، وتسجيلها بمداد الفخر والاعتزاز، للتاريخ وللأجيال، لتؤكد للعالم أجمع أن هذا الوفد المبارك قد عبر الصحراء المغربية على طولها إلى معبر الكركرات، ولم يجد في طريقه سوى اﻷمن واﻷمان والاطمئنان والوئام.. وأشار إلى أن هذا الوفد رأى بأم أعينه الحقائق اليقينية،التي لا غبار عليها، ورأى معبر الكركرات ذا نشاط دؤوب يعبره الوافدون من وإلى موريتانيا في أمن وسلام؛ ليل نهار. وسينقل للتاريخ وللأجيال وللعالم أجمع هذه الحقائق ليكون الجميع على بينة من أن المموهين لم يجدوا ولن يجدوا أبدا من يعير لتمويههم وﻷوهامهم الخرافية أدنى اعتبار.
– وبعد ذلك أخذت الكلمة الدكتورة حنان العيسي أستاذة بجامعة القاضي عياض بمراكش التي عبرت في البداية عن شكرها وامتنانها للأستاذ الدكتور ماء العينين النعمة علي على دعوتها الكريمة للمشاركة في هذه الرحلة التاريخية النبيلة للكركرات التي تشعرها بالفخر والاعتزاز. وثمنت في كلمتها الرؤية الاستراتيجية المتبصرة والحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله من أجل الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في هذه المنطقة. كما أشادت بالتدخل السلمي الرزين لقواتنا المسلحة الملكية من أجل وضع حد لاستفزازات المليشيات في منطقتنا الحدودية المغربية. ودعت في آخر كلمتها إلى تعميق البحث في تراث الصحراء العلمي والثقافي، وكشف ما يتميز به من أصالة وتعدد وجزالة، وذلك بالبحث فيه وتحقيقه ودراسته.

***

بعد نهاية الكلمات ألقى عدد من الشعراء قصائد شعرية بالمناسبة وهم: الشاعر مصطفى الطوبي والشاعر أحمد أبو القاسم والشاعر عبد الحي السعيدي والشاعرة حنان العيسي.

– يقول الشاعر مصطفى الطوبي في قصيدته :

إلَى العُيونِ عُيونِ الزَّائرِ الصَّـــــادِي
شَوْقًا بشـَــــوْقٍ وإمــْـــدَادًا بإمــــــدادِ
إلاَّ العِنادَ عِنـــَـــاد الظَّاءِ للــضَّــــــادِ
قدْ أمَّهَا شـــيخُنا مامينُ بالـــــــــوَادِي
نبعًا يضــخُّ شعابَ الرَّملِ بالـــــــزَّادِ
للحُزْنِ كاشفةٌ فَاحَتْ لإسْعـَــــــــــادِي
بالوَرْدِ والحُبِّ في ريعانِ أعْيَــــــادِي
حُبُّ السهوبِ وحُبُّ التلِّ والنــــــادِي

بالحُبِّ جِئــْتُ إلى تاريخِ أجْــــــــــدادِي
ترفرفُ الرُّوحُ من إحْلالها بِكُـــــــــــــمُ
ماذا جنينَا من التَّاريخِ مُنتصـــــــــــــرًا
في القلبِ ساقيةٌ حمراءُ قبلــــتُنــــــــــــا
صَارَتْ إذا الداخلُ الآتِي يسائلُهــــــــــا
للشَّمْسِ رائحةٌ في النَّفسِ عـَـــالقـــــــــةٌ
يا صاحبي هذي يدي ممدودة لكُـــــــــمُ
قِفْ للمكانِ غَرَاما في لـــــواعِجِـــــــــهِ

***

– ويقول الشاعر عبد الحي السعيدي في قصيدة نختار منها الأبيات الآتية:

فصول المجد تـرســــم خالـــــــــدات
تَضـوَّع من سـمـاء المكـرمــــــــــات
صمــودا قــام في وجـه الطغـــــــــاة

ألا حــيــوا رُبـــوع الـكــركـــــــــرات
ربــوع الشُّـم قــد فـاحـت بـعــــــــــــز
ســـقــاكِ الله يـا أرضــا أرتـــنـــــــــــا

***

ويقول الشاعر أحمد أبو القاسم في قصيدة نختار منها كذلك الأبيات الآتية:

تمـــنـــوا أن يـــــزوروا»الــكَـــرْكَـــــرَات»
وأوســـمــــة ًبــبـــاب المــلــحــمـــــــــات
بأِنْ عَـــــبـــَــرُوا مــَســـالكَ آمِـنـَـــــــــــاتِ
بــــه سـَـــفَـــــرُ ضَـــرُورَا تُ الحـــيـــــــاةِ
جـَــــنـَـــاهـــــاقـُــــطْــــرُنـــا بالمنجــــزات
فــــفـــاح َعـَـبـِــيــرُهـــا بالمــَكـْــرُمـــــــاتِ
وخــــــلـــــد مجـــــــدَه في الصالحــــــــات

لـذاك تــــرى بـنـي الــدنــيا جمـيـعــــــا
فــُيــُهْـــدوا للــشـبــاب الــغـُــــــرِّ وَرْدا ً
ويـُــــدْلــُــوا بالــشـــهادة دون مـَـيْــــــنٍ
بهـــا لابْـــنِ السَّبـِــيـــل وإنْ تَمـــــــَادَى
فـــيا لله مــــــن خــيــرات تــَــتــــــْـرَى
بهـــا عـــزت رُبــوعُ الـــمُلْك طــــــُرّا ً
فــــصــان الله رائــــدًنــا المــُـفَـــــــــدَّى

***

بعد ذلك قرأ الكاتب العام لجمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة الأستاذ عبد الكريم شعوري بيان الجمعية في الكركرات الذي أسميناه «بيان الكركرات» باللغة العربية، وألقته الدكتورة حنان العيسي أستاذة بجامعة القاضي عياض بمراكش باللغة الإنجليزية. والذي سجل هذه اللحظة التاريخية وأبرز الدور الحضاري والثقافي والتاريخي والروحي للمغرب في إفريقيا.
وختم هذا العرس الثقافي الذي نظمته جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة في معبر الكركرات الحدودي بالدعاء والنصر والتمكين لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين جلالة الملك محمد السادس دام له العز والنصر والتمكين.

Related posts

Top