عبد الواحد سهيل
عرف علي يعتة بصبره وإصراره وثباته على المواقف
يعد المرحوم علي يعتة من بين الوجوه البارزة في الحركة الوطنية وأحد قادة الحزب الشيوعي المغربي. نفي لمدة طويلة. عاد بعد ثلاث سنوات من الاستقلال، وعرف بروحه الكفاحية، وبقوة شخصيته، كان دائم التطلع إلى مغرب ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية. كافح في صفوف الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء. عرف بصبره وإصراره وثباته على المواقف. لعب دورا كبيرا في التطورات التي عرفتها بلادنا بعد الاستقلال. كان يحمل فكرا اشتراكيا ذا خصائص وطنية مرتبطة بالشعب.
كانت لدى الراحل كذلك روح تكتل القوى الديمقراطية، وكان له إسهام في تحقيق حل وسط تاريخي بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية، وقد نجح في هذا المسار.
المغرب اليوم يعيش تطورات هذا الفكر الذي بلوره دستور 2011 في ما بعد، والذي مكن بلدنا من الحفاظ على استقراره السياسي.
*عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
*****
مصطفى البرايمي
علي يعتة مناضل ثوري تقدمي كرس حياته للوقوف إلى جانب الطبقة المستضعفة من شعبنا
ذكرى وفاة المرحوم علي يعتة مناسبة للترحم على روحه وكذا مناسبة لنتذكر خصال هذا الرجل المغربي القح، الرجل الوطني الحر، المناضل الثوري التقدمي الذي كرس حياته للوقوف إلى جانب الطبقة المستضعفة من شعبنا. تميز الراحل بفكره الثاقب من ناحية المقاربة الإيديولوجية. تتلمذنا عليه وتربينا على مبادئه الأخلاقية والسياسية التي تقوم على أساس الحضور النضالي. لمسنا لديه معرفة دقيقة بما يجري في الساحة السياسية. لقد كان رجلا خارق العادة، كان واقفا بشموخ أمام كل اضطهاد في سبيل نصرة الطبقة الشغيلة والفقراء والفلاحين والمثقفين الثوريين. كانت لديه قوة الإقناع، كان يأخذ الوقت الكافي لتفسير الموقف والحيثيات في صفوف الحزب. كان خطيبا رائعا، يتقن اللغة العربية، لأنه كان متشبعا بها في ثقافته وفي تكوينه العام. صوته كان رائعا. المغرب كله يعرف نبرته الصوتية، لأنها كانت نبرة صادقة تدل على ما يخالج الشعب المغربي من مطالب وطموحات. كان متشبعا بالثقافة الوطنية المغربية.
*عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
****
محمد برادة
عرفت في علي يعتة الوطنية الصادقة
تعرفت على المرحوم علي يعتة في أواسط السبعينات أثناء تحضيري لشركة سابريس لتوزيع الصحف التي قمت بتسييرها وإدارتها. اتصلت بعلي يعتة في هذا الشأن وحبذ الفكرة. عرفت فيه الوطنية الصادقة، والتشبع بالفكر الديمقراطي والحداثي. ناضل في فترات صعبة من التاريخ السياسي لبلادنا. عرف الراحل كذلك بتفوقه في تسيير المقاولة الصحافية، حيث كان يشرف على كل صغيرة وكبيرة فيها. جالسته مرات عديدة وكان يزورني في بيتي بحكم أننا كنا نقيم في نفس الحي، وكنا نتجاذب أطراف الحديث حول أحوال الصحافة الوطنية في ظروفها الصعبة. لقد تخطى الصعاب. كان موفقا في كل ما يقوم به من أعمال.
* الرئيس المدير العام السابق لشركة “سابريس”
علي يعتة..الحاضر دوما في الذاكرة المغربية
عبد الصادق أغرابي
ونحن نستحضر ذكرى وفاة المناضل الكبير علي يعتة في 13 غشت 1997 إثر الحادث المفجع الذي أودى بحياته بشارع لاجيروند في الدار البيضاء حيث مقر الجريدتين بيان اليوم والبيان، لا يسعنا إلا أن نقف وقفة إجلال وإكبار لهذا الهرم الذي قلما يجود به الزمان والمكان…نعم إنه “سي علي”كما كان يحلو للقادة الكبار أن ينعتوه لما يحمله هذا الرجل الإنسان من خصال تجعله محط إجلال وتقدير وحب..
رجل ظل قيد حياته مؤمنا بالمشروع الديمقراطي الحداثي، ناقلا قضايا الطبقة الكادحة وجاعلا منها أولوياته، سواء في المنابر الإعلامية أو في أعمدة جريدتي بيان اليوم أو البيان التي كان الراحل يسهر شخصيا على إبداء الرأي الرصين فيما يكتب أو يعنون فيهما..
رجل ذو المواقف الثابتة التي لا يزعزها طارئ أو متغير.
لقد كان المناضل علي يعتة شخصية كاريزمية charismatique، فكل الذين عايشوه من الرفاق والرفيقات أو الذين واكبوا مسيرته السياسية يشهدون له بالحنكة والتبصر في حل القضايا الكبرى للوطن دون تعصب أو مغالاة.
وكانت خطاباته باللغة العربية مجلجلة تكاد أقبية دور السينما التي كان يلقي منها أحيانا برامجه النضالية، تنحني له سموا ورفعة، أولا لصياغتها البراغماتية، وثانيا لاحترامها ضوابط لغة “الضاد” التي كان الراحل حريصا على إتقانها نحويا.
ونحن نستحضر ذكراه الرابعة والعشرون بحزازة الذين أحبوا شخصه وشخصيته الفذة، التي جعلت منه المناضل الكبير والوطني الغيور، سيظل علي يعتة حاضرا دوما في الذاكرة المغربية وفي وجدان التقدميين بصفة خاصة.
*أستاذ وخبير تربوي متعاطف مع حزب التقدم والاشتراكية
إعداد: عبد العالي بركات
نبذة مختصرة عن مسار ونشأة علي يعتة
مناضل يساري مغربي. يعتبر من القائد التاريخي لحزب التقدم والاشتراكية “الحزب الشيوعي المغربي سابقا”. بدأ نشاطه عضوا في خلايا الوطنيين المغاربة المناهضين للاستعمار الفرنسي، أحد قيادات تحالف الكتلة الديموقراطية التي تزعمت المطالبة بالإصلاح والديموقراطية في المملكة.
المولد والنشأة
ولد علي يعتة يوم 25 غشت 1920 في مدينة طنجة لأب جزائري الأصل ينحدر من منطقة القبائل. استقر بالمدينة عام 1911. وأم من منطقة الريف شمال المغرب. في تلك الفترة كانت طنجة -بحكم التقسيم الاستعماري- ذات نظام دولي.
الدراسة والتكوين
على غرار جل أقران ذلك الجيل، التحق علي يعتة في الرابعة من عمره بكتاب قرآني لحفظ القرآن وتعلم الأصول الأولى للقراءة والكتابة. لاحقا، وفي الثامنة من العمر، انضم إلى المدرسة الابتدائية الفرنسية العربية.
وفي سنة 1933 انتقل صحبة عائلته إلى مدينة الدار البيضاء، حيث التحق بثانوية ليوطي التي كانت واحدة من أشهر مؤسسات التعليم الحديث في البلاد. وبالنظر إلى ضعف الحيز المتاح للغة العربية، فقد تابع دروسا إضافية على يد بعض الشيوخ الذين عرفوا بصلاتهم مع الحركة الوطنية.
سنة 1942 حصل على شهادة الدراسات التطبيقية العربية من كلية الآداب بالجزائر، وحصل في العام الموالي على شهادة أصول العربية من الجامعة نفسها.
الوظائف والمسؤوليات
شغل علي يعتة عضوية في سكرتارية الحزب الشيوعي عام 1945 إلى جانب عدد من المناضلين ثم انتخب أمينا عاما للحزب
بعد حل الحزب الشيوعي المغربي تولى يعتة عام 1968 منصب الأمين العام للحزب الجديد الذي حمل اسم “التحرر والاشتراكية”، بعد المؤتمر الثالث للحزب الذي انعقد بشكل سري، ليتغير هذا الاسم هو الآخر سنة 1974، ويصير “حزب التقدم والاشتراكية”. وانتخب الراحل سي علي أمينا عاما للحزب.
كان علي يعتة بالموازاة مع نشاطه السياسي صحفيا بحيث تولى إدارة تحرير جريدة الحزب، كما انتخب الراحل نائبا برلمانيا.منذ 1976 إلى حين وفاته 1997
المسار السياسي
بدأ علي يعتة نشاطه عضوا في خلايا الحزب الوطني بالدار البيضاء بداية الأربعينيات قبل أن يلتحق عام 1943 بالحزب الشيوعي المغربي الذي كانت تسيطر عليه الجالية الفرنسية، متحمسا بأنباء انتصارات الجيش الأحمر على جيوش هتلر في ستالينغراد.
ساهم ابتداء من منتصف الأربعينيات في تعزيز تمثيلية المناضلين المغاربة في الحزب حيث وصل إلى السكرتارية الوطنية للحزب، ليقدم بنفسه صيف 1946 تقريرا سياسيا للجنة المركزية يطالب فيه بإنهاء “الحماية الفرنسية”، وإنشاء جمعية وطنية تأسيسية.
تعرض الراحل للسجن في أيام الاستعمار وبعد الاستقلال على السواء. فقد زجت به سلطات الاحتلال في السجن بالدار البيضاء والجزائر ومارسيليا وباريس، وعرف بعد الاستقلال زنازين السجن الشهير درب مولاي الشريف بالدار البيضاء، وسجن العلو بالرباط.
قاد حزبه في ظروف ومنعطفات صعبة يظل أهمها فترة حل الحزب، حيث حافظ على قاعدة الحزب في صيغته الجديدة باسم حزب التحرر والاشتراكية ثم حزب التقدم والاشتراكية، وعمل عبر هذه المنعطفات على تكييف مواقف الحزب ومرجعياته مع الواقع السياسي المغربي الأمر الذي جعله يتجنب مصير الكثير من الحركات الراديكالية ذات النهج الماركسي اللينيني.
فقد دفع في اتجاه مشاركة الحزب في حركة المطالبة بالديموقراطية في إطار العمل المؤسساتي داخل البرلمان، وفي أواخر عمره، هيأ الأرضية الذهنية على مستوى حزبه للمشاركة في الحكومة لاحقا في عهد خلفه إسماعيل العلوي.
ورغم أن حزب التقدم والاشتراكية كان محدود القاعدة الجماهيرية والتمثيلية البرلمانية مقارنة مع ما يسمى بمجموعة “الأحزاب الوطنية الديموقراطية” مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، فان علي يعتة عزز حضور الحزب بنشاطه على المستوى الإعلامي مديرا لصحيفة الحزب، والبرلماني نائبا عرف بنفسه الخطابي وفصاحته وصوته الجهوري على منبر المؤسسة التشريعية.
المؤلفات
خلف علي يعتة بعض المطبوعات بينها “بعد تحرير الجزائر، مراحل توحيد المغرب العربي” سنة 1962، ثم “الصحراء الغربية المغربية” الذي صدر عام 1973، و”من أجل انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية” الصادر عام 1975.
نضالات وراء القضبان. وعدد من الكتب تهم مواقف الحزب من عدد من القضايا كالصحراء المغربية. والأمازيغية الخ
الوفاة
توفي علي يعتة يوم 13 غشت 1997 في حادث سير بالدار البيضاء.