إقصاء المنتخب المغربي أمام «فراعنة» مصر يعري الكثير من الحقائق

لم يقدم الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، عطاء في المستوى الذي يؤهله، للمرور للمربع الذهبي بكأس الأمم الإفريقية المقامة بالكاميرون.
هزيمة منطقية إلى أبعد الحدود، يقابله انتصار مستحق لمنتخب مصري، سيطر على المباراة في مجمل أطوارها، والدليل أن نسبة امتلاك الكرة كانت لصالح «الفراعنة» وبنسبة كبيرة، رغم التغييرات الاضطرارية التي أقدم عليها المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، بسبب تعرض أكثر من لاعب مصري لإصابات عضلية.
وبالرغم من البداية المثالية، للفريق المغربي، بعد تسجيل هدف السبق بواسطة سفيان بوفال، من علامة الجزاء، اصطادها بذكاء أشرف حكيمي، إلا أن هذا الامتياز تحول -ويا للغرابة- إلى كابوس حقيقي، جعل العناصر الوطنية، تكتفي بالتكتل الدفاعي، وتشتيت الكرة في كل الاتجاهات، والعجز الكلي عن بناء الهجمة وتهديد مرمى الحارس المصري محمد أبو جبل.
كان من الممكن جدا، أن يتم استغلال هدف السبق على نحو أفضل، لما خلفه من تأثير سلبي على معنويات الفريق المصري، إلا أن التعامل بذكاء يتطلب طاقما تقنيا يجيد قراءة مجريات المباراة وتقلباتها، فالعكس هو الذي حدث تماما، إذ انقلبت الآية، وأصبح «الفراعنة» أكثر قوة وإصرارا، أمام انكماش غير مفهوم لأصدقاء العميد غانم سايس الذي لعب المباراة وهو يعاني من الإصابة.
استكان المدرب وحيد خاليلوزيتش لنشوة تسجيل الهدف مع بداية اللقاء، وظل يتفرج على سيطرة ميدانية مطلقة للمصريين الذين استمروا في الضغط من مختلف الاتجاهات، ما نتج عنه ارتكاب أخطاء أمام المرمى.
تدخل الحارس ياسين بونو في أكثر من مناسبة لإنقاذ مرماه من أهداف محققة، كما أن المدافع نايف أكرد قدم أداء في المستوى المطلوب، وقاوم المد الهجومي للمصريين، دون أن نغفل الدور الدفاعي الجيد هذه المرة لآدم ماسينا، بينما اختفى بوفال عن الأنظار، مع تسجيل عشوائية وسط الميدان، وغياب كلي للخط الأمامي، أما منير الحدادي، فلم يقدم أي إضافة مطلوبة، رغم لعبه أكثر من تسعين دقيقة.
أظهرت الهزيمة أمام مصر، والإقصاء من دور الربع، أن خاليلوزيتش يتحمل وحده هذه النتيجة، بسبب غرابة الاختيارات التي يقدم عليها، وتعنته، والتشبث بوجهة نظره، رغم عدم صحتها، ففي كل المباريات التي لعبها المنتخب بهذه الدورة، كان الكل يجمع على أن هناك أخطاء ترتكب من طرفه، سواء من حيث الاختيارات البشرية، أو الخطة التي ينهجها، والميزاجية التي يتعامل بها مع عناصر معينة.
فالحظ الذي حالف المدرب طيلة المباريات خلال الدور الأول، وبالأخص ضد المنتخب المالاوي في الثمن، لم يكن بجانبه هذه المرة، بعدما ارتكب ضد مصر أخطاء فادحة، حيث شاهدنا فريقا مفكك الصفوف، وعاجزا عن الخروج بالكرة، وفاقدا للثقة، ومرتبكا وغير قادر على المنافسة، منح الفرصة لأصدقاء النجم محمد صلاح المتألق، للمرور إلى دور النصف، وهي مرحلة تعودوا على الوصول إليها، ومناقشة كامل حظوظهم في التتويج.

طبيعي أن تعبر أغلب الأوساط الرياضية عن غضبها وتذمرها، بعد هذا الإقصاء المر، مع تحميل المسؤولية كاملة للمدرب البوسني، وهناك الكثير من الأصوات التي تطالب حاليا بإبعاده، وتفعيل أحد البنود المتفق عليها في العقد الذي يربطه بالجامعة، والذي ينص بوضوح على إلزامية الوصول إلى نصف نهاية «الكان» والتأهل لكأس العالم «قطر 2022»، فهل الوقت مناسب لتنفيذ ذلك؟
منطقيا لا يمكن الاستغناء عن المدرب على بعد شهرين من المباراة الفاصلة المؤدية للمونديال القادم، ضد منتخب الكونغو الديمقراطية ذهابا بكينشاسا وإيابا بالمغرب، فرغم الاقتناع التام بأن وحيد مدرب ضعيف جدا من الناحية التكتيكية، ويرتكب أخطاء فادحة على مستوى الاختيارات، كما يظهر تعنتا غريبا وتمسكا بالرأي حتى لو كان خاطئا، إلا أن الظرف دقيق والمسؤولية تتطلب التروي وعدم التسرع، وتفادي الانسياق وراء الانفعال اللحظة.
فالإبقاء على خاليلوزيتش كمسؤول أول عن الأمور التقنية داخل المنتخب المغربي، قرار صحيح في هذا الظرف بالذات، لكن لابد من مراجعة صلاحية الورقة البيضاء الممنوحة له، ولابد أيضا من تحمل مساعديه كامل مسؤولياتهم، والاشتغال كفريق عمل، عوض الاكتفاء بالأدوار الثانوية، كما يحدث طيلة السنوات الأخيرة…

***********

قالوا بعد المباراة:

بونو: مصر فازت بجزئيات بسيطة
«مصر فازت بجزئيات بسيطة، لكني أشكر اللاعبين على المجهود الذي قاموا به. مع الأسف خسرنا المواجهة، وعلينا أن نستفيد من أخطائنا. المنتخب المصري باغتنا بالهدف الثاني، ونحن أهدرنا عدة فرص. علينا أن نواجه الاستحقاق المقبل بمعنويات مرتفعة، خاصة أن مواجهة مهمة تنتظرنا، في الدور الحاسم لكأس العالم أمام الكونغو الديمقراطية. مباراة بهذا الحجم ستزيد اللاعبين الشباب خبرة وتجربة، وما علينا إلا أن نواصل العمل، حيث نسعى لإسعاد الجمهور المغربي في الدور الحاسم المؤهل للمونديال».

سايس: فخور باللاعبين رغم الإقصاء
«قدمنا المطلوب في الشوط الأول وكان أداؤنا واقعيا، بينما كانوا أفضل في الشوط الثاني. كانت لدينا فرصة لنتقدم في النتيجة، بعد أن رد القائم الكرة. الأمور حسمت في الشوطين الإضافيين على جزئيات بسيطة، وكان من الممكن أن نستغل بعض الفرص. يجب دعم اللاعبين الشباب الذين قدموا كل ما لديهم، رغم أن أغلبهم يشارك لأول مرة في كأس الأمم. كنا مثل العائلة ولعبنا بروح عالية إلى آخر دقيقة، لذلك أنا فخور بهؤلاء اللاعبين رغم الإقصاء».

تريزيغيه: منتخب بلدي أهم من قدمي
«إذا حدث أي شيء لقدمي فلن أهتم بذلك، لأن الأهم هي بلدي. كل لاعبي منتخب مصر هدفهم واحد وهو الفوز بأمم أفريقيا، أحمد الله على الفوز ضد المغرب، نحن في معسكر منذ 40 يوماً وفي كل مباراة نحمل اسم بلدنا ونرغب في إسعاد الجمهور. مباراة الكاميرون ستكون قوية، لكننا نفكر في كل مباراة على حدة، ونسعى لتحقيق الفوز فيها ومواصلة المشوار نحو اللقب الثامن».

السولية: نحن منتخب يملك روح الفوز
«(مينفعش نخسر من قلة التركيز). لاعبو منتخب مصر على قدر المسؤولية، ويملكون روح الفوز، رغم أننا لعبنا أمام كوت ديفوار 120 دقيقة. أشكر الجمهور المصري، على دعمه ومساندته لنا. المنتخب سيبدأ التجهيز والإعداد من الغد لمواجهة الكاميرون بنصف النهائي، من أجل مواصلة المشوار».

محمد الروحلي

Related posts

Top