غلاف صحيفة «الأهرام الرياضي»، التابعة لصحيفة الأهرام العريقة في مصر، والذي خصصته لفوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، واتهمته بـ «التحكم في رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم ومسؤولين آخرين في الكاف والفيفا»، وذلك على خلفية قرار الاتحاد الكروي القاري بإقامة نهائي دوري أبطال إفريقيا بالدار البيضاء، يكشف مستوى التدني الذي بلغه بعض الإعلام الرياضي، وغير الرياضي، في الشقيقة مصر.
لا يتعلق الأمر هنا بالدفاع عن لقجع أو الانتصار له لكونه مغربيا ويمثل المغرب وكرة القدم الوطنية، ولكن الأمر أكبر من ذلك، يتعلق بسقطة مدوية لمؤسسة إعلامية رائدة وشهيرة مثل: «الأهرام»، ولقنوات وصحف مصرية اصطفت جميعها هذه الأيام، في تعصب بئيس ومقرف، للتهجم على فوزي لقجع، وفي العديد من المرات بأسلوب مبتذل وصبياني ومهين.
حتى إدارة نادي الأهلي المصري اضطرت في نهاية الأمر إلى الرضوخ للقوانين والمساطر والمنطق، وقررت الحضور إلى المغرب ولعب المباراة، ولكن أصوات إعلامية مصرية، وبعض لاعبي الكرة السابقين الذين تحولوا إلى معلقين وشتامين، بقوا مصرين على… الابتذال، ويكررون على مدار الساعة سباب منحرفي الحواري.
كل العقلاء استغربوا للضجيج المصري المفتعل، واعتبروا أن الأمر كله لا يستحق أن يتحول إلى معركة أو إلى جذبة سباب أو سعار، ولكن ما يقترفه بعض مسيري الكرة في الشقيقة مصر، وتطبل له بعض وسائل الإعلام هناك، يفضح عقدة نفسية وإحساسًا بالضعف.
لقد بقي أشقاؤنا المصريون يقبضون على المنظومة الكروية الإفريقية لعقود، ويمسكون بمقر الكاف وبقرارات مختلف اللجن والأجهزة الكروية القارية، وأحيانا يستفيدون أيضا من»تواطؤات»تكون في مصلحة الأندية والمنتخبات، وهو ما يذكر الكثيرون قصصه وتفاصيله، وخلال كامل هذا الدهر الكروي لم يكن مسؤولا مغربيا يمتلك الحضور القوي داخل الكاف أو داخل فيفا، ولكن لما تغيرت التموقعات، ووقفت عدد من البلدان والإتحادات، وضمنها المغرب في شخص لقجع، للدفاع عن حقوقها المشروعة، برزت العقد والأنانيات و… الإفراط في الصراخ وافتعال الأزمات.
قد تكون لنا، ولآخرين غيرنا، العديد من الملاحظات حول فوزي لقجع، باعتباره اليوم شخصية عمومية ووزيرا في الحكومة الحالية، وربما حتى كرئيس لجامعة كرة القدم، ولكن أن يحوله بعض زملائنا في الإعلام المصري إلى ثابت يومي في برامجهم التلفزيونية وموادهم الصحفية، والتهجم عليه بالكثير من انعدام اللياقة والاحترام، فهذا مرفوض، ويستحق منا الاستنكار فعلا.
لقجع يتحمل مسؤوليات في هياكل كرة القدم الإفريقية والدولية، ويحضى، على هذا الصعيد، بالإشادة لكفاءته ومهنيته وحيويته، ويندرج عمله ضمن ما يحضى به المغرب، بشكل عام، من ثقة ومصداقية داخل القارة ولدى شعوبها ومسؤوليها، وربما السعي اليوم إلى ضربه هو استهداف للحضور الإفريقي للمملكة، وسعي للتلاعب بحقوق عدد من دول القارة كانت تعاني دائما من الفساد والتجاوزات من لدن لجان وأجهزة الكاف.
كرة القدم هي في البداية والنهاية رياضة، وتقتضي منافساتها التحلي بالروح الرياضية، كما أن القوانين السارية والتقنيات التي باتت اليوم متوفرة في عوالم تدبير المباريات تستطيع حماية كل الأطراف وتأمين حقوقها وصيانة الشفافية، ومن يمتلك أي دليل على حصول ما يخالف القوانين أو شفافية التنافس بإمكانه اللجوء إلى المساطر وإلى المحاكم المختصة وانتهى الأمر.
أما ممارسة الضغط النفسي على المنافسين، والإصرار على الابتزاز، والتعامل بعجرفة غبية، فكل هذا انتهى زمنه، بما في ذلك في إفريقيا.
فوزي لقجع ليس أقوى رجل في إفريقيا كما يردد ذلك يوميا بعض الإعلام المصري على سبيل التخويف منه أو لكيل الاتهامات له، وهو لا يتحكم في أحد أو في أجهزة الكاف التي يوجد مقرها في مصر، ولكنه مسؤول عن كرة القدم الوطنية ويحاول القيام بواجباته كما تفرضها المسؤوليات التي يتحملها، ومن يود منافسته يجب أن يفعل ذلك بالعمل والكفاءة والصدق، وليس بواسطة التهجم والإهانة والتهديد والضغط.
العلاقات المغربية المصرية، في كرة القدم والرياضة وفي غيرهما، هي عريقة وعميقة وأكبر من لعب صغار برامج المنوعات والزعيق..
<محتات الرقاص
mahtat5gmail.com