وسط حشود كبيرة من المثقفين ونساء ورجال القانون والقضاء وحقوق الانسان، احتضنت رحاب رواق المجلس الوطني لحقوق الانسان بالمعرض الدولي للكتاب عشية يوم الأحد 12 يونيو 2022 حفل توقيع مؤلف جديد للأستاذ هشام الملاطي مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل حول “ضوابط إدماج العقوبات السالبة للحرية بين النص القانوني والممارسة القضائية”.
استهل الأستاذ هشام الملاطي كلمته، بالاشارة إلى الفكرة التي كانت وراء اصداره لهذا المؤلف، بعد دراسة حالة لشخص محكوم عليه بحوالي 44 سنة، قضى منها 42 سنة رهن الاعتقال، لكونه لم يستفد من مسطرة ادماج العقوبة إلا في السنتين الأخيرتين السابقتين على انقضاء العقوبة المحكوم بها، وقد كانت هذه الحالة محل تشاور مشترك وعميقة بين مديرية الشؤون الجنائية والعفو والمجلس الوطني لحقوق الانسان، وأضاف أن ادماج العقوبة هو موضوع تتجاذبه عدة نظريات وتوجهات في العالم، فهناك نظرية الضم والتي تعني أن السجين ينفذ جميع العقوبات الصادرة في حقه، مهما كانت مدتها، وهناك نظرية الادماج وتعني أن السجين ينفذ العقوبة الأشد، وهناك أنظمة تتبنى النظرية المختلطة ومن بينها النموذج السويسري، فالسجين ينفذ العقوبة الأشد، وجزءا من العقوبة الأخف.
وأضاف مدير الشؤون الجنائية والعفو، أن ادماج العقوبات يكون في مراحل مختلفة، سواء خلال مرحلة المحاكمة اذا كان الشخص يحاكم من أجل وقائع متعددة، إذ يعاقب بالعقوبة الأشد، كما قد يكون الادماج أيضا في حالة صدور أحكام متعددة في حق شخص واحد، مثلا في حالة صدور هذه الأحكام عن محاكم مختلفة مكانيا، وفي هذه الحالة يتم ادماج العقوبات عند مرحلة تنفيذها، معتبرا أن الموضوع يطرح على مستوى الممارسة عدة اشكاليات عميقة منها، أن كثيرا من السجناء لا يستفيدون من إدماج العقوبات رغم توافرهم على الشروط اللازمة قانونا، كما أنه في بعض الأحيان، حينما تقدم طلبات ادماج العقوبات الى النيابات العمومية، تحال بشكل تلقائي على غرفة المشورة، علما بأن اختصاصها يتعلق بالنزاعات العارضة وهو ما لا يتوفر في جميع طلبات ادماج العقوبات، فضلا عن أن محاكم أخرى ترفض الاستجابة الى هذه الطلبات بعلة خطورة الجريمة، علما، بأن القانون نفسه لم يستثن الجرائم الخطيرة من امكانية ادماج العقوبات، مستنتجا وجود تفاوت في الاجتهاد القضائي رغم محاولات محكمة النقض تجاوزه.
وتجدر الاشارة الى أن هذا الكتاب الذي قدم خلال حفل توقيع برواق المجلس الوطني لحقوق الانسان بمعرض الكتاب بالرباط عقب ندوة علمية حول تعديل القانون الجنائي واصلاح نظام العقوبات، يتضمن تحليلات عميقة لمفهوم مؤسسة ادماج العقوبات، ويتناول فيه الباحث بالدرس والتحليل التعريف القانوني لها وسياق تطورها والنظريات الفقهية التي تجاذبتها، كما يتناول في المحور الاول من الدراسة الشروط المتطلبة قانونا لتحققها والتي قد ترتبط إما بالجريمة أو الفاعل أو الأحكام الصادرة في حقه، وكذا حالات تحقق الإدماج، سواء خلال مرحلة المحاكمة أو تنفيذ العقوبة، لينتقل في محور ثان لمقاربة بعض الأحكام المسطرية المتعلقة بالموضوع لتوضيح الجهة القضائية المختصة قانونا للبت في طلبات الإدماج والوثائق الواجب توفرها ومدى رقابة محكمة النقض على القرارات الصادرة في هذا الإطار.