الدورة الرابعة للمجلس المركزي للشبيبة الاشتراكية تصادق بالإجماع على تقرير المكتب الوطني وبرنامج عمل الشبيبة لسنة 2023

قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن الشباب مطالب بالانخراط في العملية السياسية وتسييس خطابه، خصوصا في ظل ما تعرفه المرحلة من تحديات ومن ضرورة الانخراط في العمل السياسي ومحاربة الفراغ الموجود على هذا المستوى.
وأضاف بنعبد الله، خلال حديثه أمام شباب الحزب، أن هناك تحديات ورهانات كبرى تمر منها البلاد على الصعيد الداخلي والخارجي والتي تقتضي العمل والنقاش والتمحيص، مؤكدا على دور الشباب في هذه الدينامية باعتباره فاعلا أساسيا وباعتباره مستقبل البلاد.
وأوضح بنعبد الله، في افتتاح الدورة الرابعة للمجلس المركزي للشبيبة الاشتراكية التي التأمت أول أمس السبت بالرباط، أن المشهد السياسي يعرف مناقشة عدد من القضايا الأساسية التي تهم مختلف الفئات وأساسا منهم الشباب وعلى رأسها قضية إصلاح التقاعد التي بدأت الحكومة تتدارسها، معتبرا أن الأمر يتطلب يقظة ومساهمة في هذا النقاش الهام الذي يهم مختلف الشباب.
وقال زعيم حزب «الكتاب» إن الحكومة الحالية تعرف مجموعة من الاختلالات على الصعيد الاجتماعي وتتخذ إجراءات لا تساهم في النهوض بالوضع الاجتماعي بالرغم من ادعائها أنها حكومة اجتماعية، بما في ذلك ما أعلنت عنه من إجراءات لدعم القدرة الشرائية ومراجعة عدد من القوانين والإصلاحات وعلى رأسها ما تعتزم القيام به على مستوى إصلاح التقاعد، وكذا القضايا التي تهم التشغيل وغير ذلك من القضايا الأساسية.
وبعدما عاد بنعبد الله إلى ما شاب الانتخابات سنة 2021 والتي أدت إلى النتائج الحالية، توقف عند دور الشباب الذي كان معظمه مقاطعا لهذه العملية، معتبرا أن الأمر غير صحيح وإن كان بسبب التعبير عن الغضب أو الرفض، داعيا إلى امتلاك لغة سياسية ونقاش سياسي من أجل إحداث نقاش حقيقي والضغط على الحكومة من أجل عدم المس بالجانب الاجتماعي وبمستقبل البلاد الذي يهم شباب اليوم ويهم وضعيتهم.
وعاد بنعبد الله للتذكير بعدد من الوعود التي أعلنت عنها الحكومة وفي مقدمتها وعود بخلق مناصب شغل تصل إلى مليون مقعد شغل في السنة، موضحا أن هذه الحكومة لم تصل حتى إلى ربع وعودها، بل وأدى سوء تدبيرها، حسب تقارير رسمية، إلى فقدان مناصب شغل كانت في الأصل موجودة.
ودعا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الحكومة إلى التوقف عن رفع شعارات لا تؤمن بها من قبل الدولة الاجتماعية، في الوقت الذي تتخذ فيه إجراءات تدعم فئات بعينها بنفس ليبرالي، مردفا أن على الأغلبية أن تمتلك الشجاعة لتعبر عن توجهاتها وتقول أمام الملأ إنها حكومة ليبرالية.
وانتقد بنعبد الله ما تقوم به الحكومة الحالية على كافة الأصعدة بما فيها الإجراءات المتخذة على مستوى وسط الأعمال، الذي قال إن فئات واسعة فيه غير راضية هي الأخرى عما تقوم به هذه الحكومة، التي فضلت قطاعات معينة على أخرى وساهمت في خلق نوع من القلق لدى مختلف الفئات والأوساط بما فيها فئات محسوبة على عالم الأعمال.
ويرى بنعبد الله أن الحكومة الحالية هي الأضعف في تاريخ المغرب أو على الأقل الأضعف خلال العشرين سنة الماضية، لكونها تعتمد على التسيير بنفس تيقنوقراطي محض وعلى طريقة مكتب الدراسات.
وأردف بنعبد الله أن الحكومة الحالية لا تجد حتى من داخل أوساطها من يدافع عنها وعن إجراءاتها، بالرغم من كونها تتبجح بكونها حصلت على ما يزيد من 5 ملايين صوت وتتكون من أغلبية مطلقة مكونة من ثلاث أحزاب فقط، داعيا الأغلبية إلى امتلاك الشجاعة للدفاع عن إجراءات الحكومة والدفاع عن توجهاتها واختياراتها.
وحول تبريراتها بشأن إرث الحكومات السابقة، استهجن بنعبد الله ترويج هذا الخطاب من الحزب الذي يقود الحكومة، حيث اعتبره خطابا غير مسؤول وتهرب من المسؤولية، حيث قال إن حزب التقدم والاشتراكية الذي شارك في الحكومات السابقة وخرج منها بقراره السيادي في 2019، يعتز بما قدمه من إنجازات ويعترف بما وقع من اختلالات، داعيا الحزب الذي يقود الحكومة إلى تحمل مسؤوليته الكاملة وعدم الحديث عن اختلالات وإرث الحكومات السابقة لكونه كان هو الآخر مشاركا فيها بل ويدبر جميع القطاعات الهامة والمنتجة، وعلى رأسها الفلاحة والصناعة والمالية والسياحة.
وأوضح بنعبد الله أن قول الحزب الذي يقود الحكومة بأن السياسات الحكومية السابقة فاشلة أو تركت اختلالات معناه أن هذا الحزب نفسه هو المسؤول عن هذا الفشل لكونه دبر مختلف القطاعات الإنتاجية ودبر مالية البلاد واقتصادها وفلاحتها، مجددا دعوته للكف عن هذا الخطاب البئيس والعمل على تنفيذ الوعود التي أعلن الحزب المذكور في الانتخابات السابقة وفي التصريح الحكومي.
في هذا الصدد، عرج بنعبد الله على عدد من القضايا التي خلقت جدلا واسعا، وعلى رأسها قضية النفط الروسي، وغلاء الأسعار وندرة مجموعة من المواد الاستهلاكية الأساسية، وخصوصا منها الفلاحية، متسائلا عمن دبر ويدبر القطاع الفلاحي لسنوات وكذا قطاع المحروقات، مشيرا إلى أن هذا الخطاب يعكس الضعف التام لهذه الحكومة ويعكس عدم قدرتها على إفراز قرارات اجتماعية حقيقية يشعر بها المواطن في معيشه اليومي.
ونبه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى أن ما يغذي فشل هذه الحكومة هو عدم قدرتها على التواصل والتوضيح للمواطنات والمواطنين، خصوصا مع ما يتفجر من فضائح، وآخرها ما يتعلق بالنفط الروسي، وقضية استيراد العجول من البرازيل وما رافق ذلك من معطيات وأخبار، متسائلا عن سر هذا الصمت غير المفهوم وغير المقبول، ومشددا على أن الوضع يحتاج بشكل أكبر من أي وقت مضى للوضوح والتواصل مع المواطنات والمواطنين وتقديم الأجوبة الضرورية.
في هذا الصدد، أكد بنعبد الله على أن الحاجة إلى حكومة قوية يميزها التواصل أمر ضروري من أجل تمتين الجبهة الداخلية، داعيا إلى تجاوز هذه الثغرات التي أحدثتها الحكومة الحالية بممارساتها وسياسيتها التي تضرب الفعل الديمقراطي وتخلق ارتباكا لدى الرأي العام.
وشدد بنعبد الله على ضرورة تمتين الجبهة الداخلية، على اعتبار أن هذه الأخيرة كانت دائما هي الركيزة الأساسية للمحافظة على وحدة الصف الداخلي والوحدة الوطنية والدفاع عن القضايا الأساسية للبلاد وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
في هذا السياق، أورد بنعبد الله أن تحالف القوى الوطنية والديمقراطية مع متانة الجبهة الداخلية والالتحام وراء جلالة الملك مكنت على الدوام من الحفاظ والدفاع عن مغربية الصحراء بالرغم من المناورات والمكائد التي ينهجها أعداء الوحدة الترابية للمملكة.
وتوقف بنعبد الله في هذا الإطار عند ما يجري على مستوى العلاقات المغربية الفرنسية، وعند ما يجري على مستوى العلاقات المغربية الجزائرية، والتي قال إنها وصلت إلى مستوى غير مسبوق من حمق من قبل حكام الجارة الشرقية للمملكة، وكذا على مستوى فرنسا التي تنامت معها مجموعة من المشاكل وما أصبح يتم في هذا الجانب من مناورات تحاول المس بالسيادة الوطنية.
واعتبر بنعبد الله أن ما يتم الإقدام عليه من جيران المملكة حمق وتصعيد عدائي ينم عن فقدان تام للصواب، مشيرا إلى أن مواجهة هذا كله تنطلق برص الصفوف وتمتين الجبهة الداخلية ومواصلة العمل والانفتاح على مختلف الشركاء، وتنويعهم، مشيرا إلى هذه السياسة هي التي مكنت المغرب على الدوام، وخصوصا في السنوات الأخيرة من رص مواقف دولية مساندة لمغربية الصحراء.
من جهته، استعرض يونس سيراج الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، في تقرير المكتب الوطني، مجموعة من القضايا الأساسية وفي مقدمتها قضية الوحدة الوطنية، حيث قال في هذا السياق إن المغرب يواصل مسار النضال بهدف تثبيت سيادته الوطنية على كافة مجاله الترابي، ويتجلى ذلك من خلال الجهد الدبلوماسي النشيط والفعال، بالإضافة للمجهودات التنموية الهائلة بالأقاليم الجنوبية.
وشدد سيراج على أن قضية الوحدة الوطنية بالنسبة للشبيبة الاشتراكية هي قضية مركزية ومبدئية، معتبرا أنها قضية الشعبَ المغربي، فضلا عن كونها ارتبطت على الدوام، في المدرسة السياسية لحزب التقدم والاشتراكية ومنظماته الموازية، بمعركة الاستقلال الوطني وتوطيد دعائمه، وببناء الدولة الوطنية الديمقراطية.
ولفت الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية في هذا الصدد إلى ما تم تسجيله من مستجدات في هذه القضية، والتي قال إنها تجلت بالأساس في المنعطف التاريخي المتعلق باعتراف العديد من القوى العظمى بمغربية الصحراء، وكذا تزايد عدد البلدان الداعمة لموقف بلادنا، وكذا ارتفاع عدد القنصليات بأقاليمنا الجنوبية ليصل إلى 26 قنصلية.
وأوضح سيراج ان الجميع أصبح يدرك مدى جدية ومصداقية مقترح الحكم الذاتي الموسع، وأهميته كمقترحٍ مغربي ذي مصداقية لأجل الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل الذي قال إن الجزائر تتحمل فيه المسؤولية المباشرة كطرف رئيسي في النزاع.
إلى ذلك، وإلى جانب القضية الوطنية، جدد سيراج تأكيد دعم الشبيبة الاشتراكية لقضية فلسطين باعتبارها قضية وطنية، منددا في هذا الصدد بسياسة التنكيل والتعذيب والترهيب، والتقتيل والتهجير، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من طرف الاحتلال الصهيوني.
وقال سيراج إن هذه السياسة الصهيونية كانت دائما محطة تنديد وشجب من طرف منظمة الشبيبة الاشتراكية، التي تتابع عن كثب كل التطورات المصاحبة للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الشبيبة كانت دائما سباقة في كل المناسبات لإعلان تضامنها المبدئي والمطلق مع نضال وكفاح الشعب الفلسطيني المشروع ضد الاحتلال الصهيوني، إلى غاية إقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس.
من جانب آخر وعلى المستوى الوطني، استعرض الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية عددا من القضايا الأساسية، وفي مقدمتها ما يتعلق بوضعية الشباب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، إذ أكد على أن إدماج الشباب في مختلف المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والثقافية، من أهم مداخل العدالة الاجتماعية، ومن السبل الأساسية المساهمة في تعزيز مسيرة البلاد التنموية والديمقراطية.
ولفت المتحدث إلى أن هناك عددا من المشاكل الاجتماعية التي تطرح نفسها بقوة، وفي مقدمتها البطالة التي لا تزال تشكل تحديا حقيقيا، حيث قال إن ارتفاع معدل البطالة يبقى ملحوظا في صفوف الشباب خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع هذا المعدل ما بين سنتي 2019 و2021، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، ب 6,9 نقطة مقابل 3,1 نقطة لدى مجموع السكان النشيطين.
وأضاف سيراج أن هناك ضعفا في مشاركة الشباب في سوق الشغل، حيث أن معدل نشاطهم يصل 23,9 بالمئة مقابل 45,3 بالمئة بالنسبة لمجموع السكان، وذلك وفق المندوبية السامية للتخطيط.
وكشف المتحدث أن ربع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة (26 بالمئة أو1,5 مليون شاب) لا يعملون، لا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين، مشيرا إلى أن بطالة الشباب تتجلى بشكل أكبر بالوسط الحضري وبين النساء الشابات بحدة أكبر، حيث يبلغ هذا المعدل ذروته 46,7 بالمئة بالوسط الحضري ويفوق المعدل لدى الشابات نظيره لدى الشبان ب 13 نقطة.
وأوضح سيراج أن هذه الأرقام والمعطيات تظل مقلقة للغاية وتسائل السياسات الحكومية الموجهة للشباب، مثلما تسائل فشلها في تحقيق إدماج حقيقي للشباب في المجال الاقتصادي والاجتماعي، رغم تعدد البرامج الموجهة لهذه الفئة.
ويرى سيراج أن البرامج الموجهة للشباب أثبتت محدوديتها وعدم قدرتها على استيعاب حجم الطلب في صفوف الشباب، وعدم استدامة آثار مجموعة من البرامج على واقع الشباب المغربي، «وهو الواقع الذي تقتضي معالجته تقوية النسيج الاقتصادي الوطني، وتحسين حكامة سوق الشغل، وإعادة النظر في منظومة التكوين وربطه بمتطلبات سوق الشغل في الوقت الحالي والمستقبل، مع ضرورة الانفتاح القوي على المهن الجديدة، واستحضار مجموعة من التجارب الناجحة على هذا المستوى، لإعداد سياسات عمومية شاملة وناجعة، قادرة على الاستثمار الأمثل لهذه الثروة اللامادية المهمة التي تزخر بها بلادنا»، وفق تعبيره.
ودعا سيراج إلى إصلاحات حقيقية لهذه البرامج بما يعيد للشباب حقوقه ودوره ومكانته في المجتمع، فضلا عن مطالب بإصلاح منظومة التعليم الجامعي، بما يستجيب لتنمية جاذبية الجامعة من خلال تطوير البحث العلمي، وتطوير وتنويع مجالات التكوين بما يساهم في مردودية التعليم العالي، مشددا على ضررورة الحرص على تحقيق العدالة المجالية، لضمان استفادة الشبان والشابات من مختلف مناطق المغرب من الولوج لنفس فرص التعليم العالي، وكذا ضمان المساواة، من الاستفادة من ثمار التنمية، والولوج لمختلف الخدمات العمومية ومختلف الحقوق التي يكفلها دستور المملكة.
إلى لذلك، وعقب عرضه لتقرير المكتب الوطني، تطرق الكاتب الوطني لعدد من النقاط الداخلية، كما استعرض برنامج عمل المنظمة لسنة 2023، حيث صادق المجلس المركزي الملتئم في دورتها الرابعة بالإجماع على تقرير المكتب الوطني وعلى برنامج عمل المنظمة لسنة 2023 وكذا بالأغلبية المطلقة على عدد من القرارات الداخلية.
يشار إلى أن الدورة الرابعة للمجلس المركزي التي احتضنها المقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، أول أمس السبت، جرت تحت شعار «رص الصفوف وتوحيد الجهود من أجل مواصلة الدفاع عن قضايا الشباب»، كما عرفت حضورا واسعا لعدد من أعضاء المكتب السياسي للحزب.

< محمد توفيق أمزيان – تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top