لم يكن مفهوما ما أقدمت عليه السلطات المحلية بالصخيرات، ذات يوم من أيام رمضان المنصرم، عندما شرعت بشكل تعسفي في هدم دور الصفيح بدوار الشياحنة وغيره من الدواوير المنتشرة بعمالة الصخيرات، قبل أن تفكر في إعادة إيوائهم بالشقق التي وعدتهم بها.
فقد تفاجأ سكان دوار الشياحنة بالسلطات المحلية تخبرهم بأن يوم العاشر من أبريل الماضي هو آخر يوم لمغادرة دورهم، دون أن يعرفوا متى ستسلم لهم الشقق التي قيل أنها أعدت لإعادة إيوائهم، ودون أن يعرفوا إلى أين يتجهون خاصة خلال شهر رمضان الذي له حرمة خاصة لدى المغاربة ولدى المسلمين بشكل عام، وهو ما جعلهم عرضة للتشرد وللابتزاز من قبل الوسطاء والسماسرة خلال بحثهم المضني عن شقة أو مرآب للكراء بالدواوير والأحياء المجاورة، حيث اضطر بعضهم إلى كراء شقة لا تتجاوز مساحتها 52 مترا مربعا ب 1700 درهم فيما اضطر البعض الآخر إلى كراء مرآب لا تتوفر فيه أدنى شروط السكن بحوالي 1200 درهم.
الغريب أن عملية الهدم تمت بسرعة فائقة، حيث تم هدم أزيد من 1000 براكة الخميس 13 أبريل أي بعد ثلاثة أيام فقط على إخبارهم بضرورة الرحيل، مما اضطر الساكنة للاحتجاج لأن السلطات المحلية لم تف بوعدها لهم، ولم تسلم لهم شقق إعادة إيوائهم بالمشروع السكني المعد لهذا الغرض.
أغلب الساكنة التي التقت بها بيان اليوم، تعيش تحت عتبة الفقر، وصرحت أنها غير قادرة على تحمل مصاريف الكراء، مؤكدة على أن ما أقدمت عليه السلطات المحلية مناف لأبسط حقوق الإنسان، وهو الحق في الكرامة وفي السكن اللائق، وأنه ليس من العدل ترحيل الساكنة دون تسليمهم شققهم، وتركهم في ظروف غير إنسانية وغير لائقة.
عملية الترحيل، وعميلة الهدم التي تمت بشكل تعسفي في دوار الشياحنة على غرار دوار أولاد بناصر والدوار الجديد ودوار لمحيجر، ودفع الساكنة قسرا إلى التشرد أو إلى الكراء في انتظار إعادة إجراء عملية القرعة مجددا دون مراعاة الظروف الاجتماعية لتلك الأسر التي تعاني الأمرين مع رمضان وغلاء المعيشة، بالإضافة إلى عدم مراعاة ظروف تمدرس أبنائهم والتي تتطلب الاستقرار ، هو نتاج قرارات انفرادية منافية للقانون وللدستور المغربي الذي يؤكد في فصله 13 على أن السكن يعتبر حقا من حقوق الإنسان الأساسية ومصنف ضمن الحقوق الاجتماعية، حيث “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في السكن اللائق، والحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة”.
من جانب آخر، من الذي كان يمنع تأجيل عملية الهدم والترحيل إلى حين انتهاء الموسم الدراسي، وخلالها إعادة إجراء عملية القرعة التي شابتها العديد من الخروقات في المرحلة الأولى، ومعاقبة المسؤولين على تلك الخروقات والاختلالات التي عرفتها عملية قرعة توزيع الشقق والتي تمت تحت إشراف السلطات المحلية.
وتداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعض أوجه تلك الخروقات التي عرفتها عميلة سحب القرعة صيف العام الماضي، التي تمت من أجل إعادة إيواء قاطنة دوار الشياحنة للاستفادة من الشقق المعدة سلفا لهذا الغرض ضمن المشاريع السكنية الريف والبساتين بالصخيرات، ومن بين هذه الخروقات التي كشفت حجم التلاعب في هذه العملية، منح شقة لأرملة لها أربع أطفال، مناصفة مع رجل غريب لا يقربها من قريب ولا من بعيد، بالإضافة إلى استفادة البعض بطرق ملتوية، خاصة وأن منهم من غادر دوار الشياحنة منذ حوالي أكثر من 20 سنة، واستفادة أشخاص آخرين غير قاطنين بالدوار، كما استفاد أشخاص لهم مساكن ودور بمدينة الصخيرات وخارجها.
واتهم العديد من الساكنة بعض أعوان السلطة ورجالها بالتلاعب في عملية القرعة وفي لائحة المعنيين بعملية إعادة الإيواء، حيث مكنوا أشخاصا وأفرادا من أسرهم من الاستفادة من هذه العملية، رغم أن لهم عقارات تجارية وسكنية، ولا يقطنون أصلا بدوار الشياحنة، كان كل ذلك سبيا في رفع درجة الاحتقان وسط ساكنة دوار الشياحنة وغيره من الدواو وير المعنية بإعادة الإيواء بعمالة الصخيرات تمارة.
محمد حجيوي