حزبا التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي يوقعان على تصريح سياسي مشترك

وقع كل من محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وإدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على تصريح سياسي مشترك بين الحزبين لتعميق العمل المشترك والتنسيق على مستويات مختلفة.
التوقيع على الاتفاق الذي جرى الجمعة الماضي، بالمقر الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط، بحضور قيادات الحزبين، يأتي على إثر اللقاء الذي جرى في وقت سابق بين إدريس لشكر، ومحمد نبيل بنعبد الله، وكذا ما تبعه من اجتماعات تحضيرية للجنة المشتركة التي تقرر إحداثها بين الحزبين، لبلورة تصورات مشتركة.
وينص التصريح السياسي المشترك على التنسيق بين الحزبين والتأكيد على أهمية العمل المشترك لمواجهة الوضع السياسي الراهن الذي تطبعه مجموعة من الإشكالات، وكذا أمام استمرار ما وصفه الحزبان ب”تغول الحكومة”.
وأكد الحزبان في التصريح المشترك على الأهمية البالغة التي تكتسيها وحدة الصف في خوض المعارك، ويَكتسيها النضال المشترك، بين القوى الوطنية التقدمية، في توطيد البناء الديموقراطي، وفي إنجاز الإصلاحات الكبرى الضرورية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كما لفت التصريح إلى اعتبار الحاجة ماسة، اليوم، إلى ضخ نفس جديد وقوي في الحياة السياسية، ارتكازا على ضرورة التفعيل الكامل والأمثل لدستور 2011، من أجل إعادة المكانة للفعل السياسي والحزبي، وكذا مصالحة المواطنات والمواطنين مع الشأن العام، وإرجاع الثقة في العمل السياسي والمؤسساتي والانتخابي وتوفير شروط تنافسٍ سياسي شريف وانتخابات سوية وسليمة وخالية من الممارسات الفاسدة، وتجاوز حالة الركود السياسي الذي من بين مظاهره انحباس النقاش العمومي حول القضايا المجتمعية الأساسية، وتراجع أدوار الوسائط المجتمعية وفي مقدمتها الأحزاب السياسية، بما ينطوي عليه الفراغ من مخاطر تهدد المكتسبات التي حققتها البلاد ديموقراطيا وتنمويا.
وفي كلمة لهما، أجمع كل من محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وإدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي على أن هذه المبادرة نابعة من إرادة مشتركة للحزبين.
كما أكد المتحدثان على أن هناك رغبة من الحزبين وإرادة عميقة لإعادة التوهج للعمل السياسي وإعادة الاعتبار للعمل الحزبي والنضال من داخل المؤسسات، ومصالحة المواطنات والمواطنين مع العمل السياسي.
إلى ذلك، أجمع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، والكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي على إدانة المجازر المرتكبة من قبل الاحتلال الصهيوني في حق غزة وعموم الشعب الفلسطيني.
وسجل المتحدثان، أنه جرى في إطار عمل اللجنة المشتركة بين الحزبين مناقشة قضايا دولية وأبرزها القضية الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم على يد الاحتلال الصهيوني، ودعم الكفاح الفلسطيني ووقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وجدد المتحدثان إدانتهما للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني أمام صمت دولي وتواطئ غربي أمريكي، مشددين على ضرورة وقف هذا العدوان وإيصال المساعدات الإنسانية لساكنة غزة ووقف التقتيل الممنهج من قبل الاحتلال في حق الأطفال والنساء، ومحاولات التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني.
إلى ذلك، قال المتحدثان إنه جرى مناقشة عدد من القضايا التي تهم الجانب الوطني والتأكيد على المكتسبات الهامة التي يراكمها المغرب على درب الطي النهائي للملف المفتعل حول الوحدة الترابية، وما تثيره هذه المكتسبات من تصاعد المناورات من قبل خصوم البلاد، والذي يقتضي، من ضمن ما يقتضيه، مواصلة المجهود الوطني دفاعا عن وحدة تراب بلادنا في أحسن الظروف، وتمتين الجبهة الداخلية ديموقراطيا واقتصاديا واجتماعيا.
في هذا السياق، وفي كلمة له خلال اللقاء المشترك، عبر محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عن سعادته إزاء هذا التنسيق المشترك الذي يجمع حزبين تاريخيين من حجم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية.
وذكر بنعبد الله بالتاريخ الغني والحافل بالنضالات لحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي، مشيرا إلى وجود تنسيق وعمل مشترك منذ عقود من الزمن، حيث لفت إلى وجود وثائق تاريخية ومراسلات بين الحزبين تدل على التقارب الفكري والتاريخي.
وعاد بنعبد الله للتأكيد على المسار النضالي الحافل للحزبين منذ ستينيات القرن الماضي، والشعارات التي رفعها معا والقيم والأفكار التي دافعا عنها معا، وفي مقدمتها العدالة الاجتماعية وقيم اليسار وكذا الجوانب المرتبطة بالقضايا المجتمعية والحريات، وهي التي حققا فيها مكتسبات هامة للبلاد منذ أيام العمل السري في السبعينات والثمانينات والتي استمرت إلى اليوم، مشددا على أن الحزبين معا ما زال يحملان نفس الأفكار والتوجهات ويحافظان على توجههما ودفاعمها عن الديمقراطية وعلى فضاء سياسي قوي وعلى العدالة الاجتماعية وعلى غيرها من الأفكار التي تروم النهوض بأوضاع الشعب وأوضاع البلاد على مستويات مختلفة.
ويرى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن المرحلة الراهنة التي تعرف تراجعا كبيرا في الفضاء السياسي والديمقراطي نتيجة عديد من الممارسات، كانت تحتم القيام بهذه المبادرة المشتركة لإعادة الأمل للفعل السياسي ومصالحة المواطنات والمواطنين مع العمل الحزبي والفضاء السياسي، مشيرا إلى أن الحزبين اتخذا هذه الخطوة لرمزيتهما التاريخية والنضالية والفكرية، ولاعتبارات تاريخية مشتركة واعتبارات واقع اليوم الذي يحتم القيام بهذه المبادرة المشتركة.
وقال بنعبد الله إن طموحنا الحزبي لا حدود له، مشددا على أن هذه المبادرة هي مبادرة عميقة وايجابية وخطوة للتنسيق بين الحزبين في كل المجالات ومفتوحة على الحاضر والمستقبل.
كما تابع المتحدث أن المبادرة “ستبقى مفتوحة في وجه كل القوى الوطنية والديمقراطية التي تريد أن تشترك معنا فيما يخص المجتمع ككل”، مردفا أنه “لابد أن يكون لنا دور في تحريك هذه الواجهات قصد بلورة خطوات رصينة حتى يكون لنا وقع في كل المجالات والقطاعات”.
وبخصوص اللجنة المشتركة بين الحزبين، كشف بنعبد الله أنها ستستمر في عملها حتى تكون أداة اقتراح وتحليل، وكذا بلورة مبادرات مشتركة على مستويات مختلفة.
وعن المبادرة المشتركة، قال بنعبد الله إنها أيضا تأتي في سياق ما يشهده الفضاء السياسي من أزمة، وكذا في ظل وجود حكومة ضعيفة سياسيا وتواصليا، وتؤدي بممارساتها إلى تعميق الهوة بين الفعل السياسي والمواطنين والمواطنات.
وأشار بنعبد الله، إلى أن هناك تحديات مطروحة على بلادنا وعلى الحكومة أن تكون في المستوى السياسي المطلوب، في الوقت الذي تعيش فيه بعيدة عن الواقع وتعيش على وقع “التغول العددي”.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن الحكومة الحالية غائبة سياسيا وصامتة تواصليا، مشيرا الى عدم قدرتها على تحمل كامل مسؤوليتها في الملفات الاجتماعية.
ومن ضمن الملفات التي أظهرت عجز الحكومة ملف التعليم الذي قال بنعبد الله إنه أظهر ضعف الحكومة سياسيا في مواجهة الأزمات وحمل القضايا السياسية. متابعا “إننا في حاجة إلى صوت يقول كفى من مسلسل الفراغ والممارسات الانتفاعية التي تسللت إلى الفضاء السياسي المغربي”.
ولا يمكن أبدا أن نتفرج كأحزاب تقدمية على تكرار نفس هذا المسلسل في افق 2026 لأن في ذلك مخاطرة بمؤسسات بلادنا وبقدرة هذه المؤسسات على أن تكون ممثلة فعلا لمطامح شعبنا وأن تحدث المصالحة الضروريةبين الشعب وبين الممارسة الديمقراطية والممارسة السياسية والممارسة الانتخابية.
وأردف بنعبد الله “نحن في حاجة إلى نفس سياسي جديد وبلادنا في حاجة إلى معالجة قضايا اقتصادية أساسية، وعلينا الاهتمام بالشأن الاجتماعي لما يعيشه من مآسي خاصة وأن الحكومة تتبنى شعار الدولة الاجتماعية”.
بدوره، أعرب إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن سعادته إزاء هذا التنسيق المشترك بين حزبين تاريخيين من حجم حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي.
كما عاد بدوره للحديث عن التاريخ الحافل للحزبين والرصيد النضالي الغني الذي بصما عليه طيلة عقود من الزمن.
وحول هذه المبادرة المشتركة، قال لشكر إن الدافع إلى هذه المبادرة هو ما يعيشه المشهد السياسي الوطني من اختلالات وممارسات تراكمت بشكل سلبي منذ اللحظات الأولى لتشكيل الحكومة الحالية التي وصفها ب “التغول الثلاثي”.
وقال لشكر إن الحكومة تتبجح بالأغلبية العددية وتغولها، وما زلنا نعتبرها ونصفها ب “التغول الثلاثي” كذلك إلى اليوم لكون الأغلبية الحكومية والبرلمانية مهووسة بالهيمنة والاستفراد بالقرار السياسي.
وأضاف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن المكونات المشكلة للتحالف الحكومي سعت على المستوى المركزي، وفي الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات إلى تكريس منطق الهيمنة والتحكم، رغم انعدام التجانس بين هذه المكونات وتعارض مصالحها في العديد من الأحيان. الأمر الذي أدى، بحسبه، كما يلاحظ المتتبع للشأن السياسي، إلى نوع من الارتباك الحكومي في تدبير الشأن العام والارتجالية في معالجة مجموعة من الملفات ذات الحساسية الكبرى، خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
وزاد لشكر “كما أدى هذا الوضع المختل، على المستوى الجهوي والمحلي، إلى بروز تناقضات وصراعات عرقلت السير العادي في المؤسسات المنتخبة، مما أدى في الكثير من الأحيان إلى تعطيل العملية التنموية وعرقلة الأداء العمومي لخدمة مصالح المواطنات والمواطنين.
ولفت المتحدث إلى أن ضعف الحكومة وصل الى درجة أن من مهام الإدارة الترابية تدبير هذه الأغلبية المفبركة، وإلا ستتعطل مصالح المواطنين والمواطنات.
وسجل لشكر أن الوضع السياسي يطبعه الغموض خاصة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، مما انعكس على تقدم مسارنا الديمقراطي.
كما عبر لشكر عن استغرابه للطريقة التي تشتغل بها الحكومة واستقوائها العددي وزحفها على حقوق المعارضة وتهميش أدوراها، حيث قال “اليوم تشعر المعارضة داخل البرلمان بعجزها عن ممارسة الحقوق الدنيا التي أعطاها لها الدستور، دون التحدث عن المقتضيات الدستورية”.
وأوضح لشكر أن الحكومة وأغلبيتها لا تتشاور مع المعارضة ولا تولي تنبيهاتها أي اهتمام، معتبرا هذا الأمر ضربا للفضاء السياسي وتهديدا للديمقراطية وللممارسة السليمة للعمل السياسي والحزبي والمؤسساتي.
وبدوره، أيضا، أكد لشكر أن المبادرة المشتركة بين الحزبين ستبقى مفتوحة في وجه جميع الفعاليات الوطنية والديمقراطية بهدف إعادة الثقة للعمل السياسي والمؤسساتي وتجاوز حالة الفراغ التي حدثت نتيجة عدد من الممارسات، مؤكدا على أن المبادرة المشتركة تشمل جميع المستويات، والتي ستعمل اللجنة المشتركة بين الحزبين على بلورة أفكار بشأنها.
وخلص لشكر إلى أن التنسيق بين حزب التقدم والاشتراكية والإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مستمر وسيعطي إشعاعا للعمل السياسي وسيظل مفتوحا أمام القوى الديمقراطية الوطنية لتعزيز العمل السياسي ومواجهة “التغول الحكومي” الذي يضرب في العمق المشهد السياسي والديمقراطي بالبلاد.

< محمد توفيق أمزيان < تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top