استهدف قصف إسرائيلي قطاع غزة الاثنين غداة إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن مرحلة المعارك “العنيفة” ضد مقاتلي حركة حماس، ولا سيما في مدينة رفح جنوبي القطاع، “على وشك الانتهاء”، وتأكيده في الوقت نفسه أن الحرب ستتواصل.
وردت حركة حماس على إعلان نتانياهو، مؤكدة أن أي اتفاق يجب أن يتضمن “تأكيدا واضحا على وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل من قطاع غزة”، وهما شرطان ترفضهما إسرائيل.
وبمواجهة الضغوط الشديدة من الرأي العام الإسرائيلي، أكد نتانياهو في مقابلة أجرتها معه القناة 14 الإسرائيلية أنه لن يقبل أي اتفاق “جزئي”، مشيرا إلى أن “الهدف هو استعادة الرهائن” المحتجزين في غزة منذ هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، و”اجتثاث نظام حماس في غزة”.
وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن “المرحلة العنيفة من المعارك ضد حماس على وشك الانتهاء. هذا لا يعني أن الحرب على وشك الانتهاء، بل أن الحرب في مرحلتها العنيفة على وشك الانتهاء في رفح”.
وفي كلمة ألقاها أمام الكنيست الاثنين، أكد نتانياهو “التمس ك بالمقترح الإسرائيلي الذي أيده الرئيس بايدن”. وأضاف “موقفنا لم يتغير”.
وتابع “لن نضع حدا للحرب ما لم نقض على حماس ولم نعد سكان الجنوب والشمال إلى بلداتهم بكل أمان”.
وينص المقترح الذي أعلنه بايدن في 31 ماي وقال إنه مقترح إسرائيلي، في مرحلته الأولى على وقف فوري لإطلاق النار لستة أسابيع والإفراج عن رهائن مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية و”انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة”.
ويرمي المقترح في مرحلة لاحقة إلى إرساء وقف “دائم” لإطلاق النار شرط أن تحترم حركة حماس “تعهداتها”، وفق بايدن.
وشن الجيش الإسرائيلي في مطلع ماي هجوما بريا على رفح، المدينة الواقعة جنوبي القطاع على الحدود المصرية، بهدف معلن هو القضاء على حماس.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بأنه حتى 17 ماي، لم يبق في رفح سوى 750 شخصا، بعدما كانت المدينة تؤوي 1,4 مليون فلسطيني، نزحت غالبيتهم العظمى بعد الهجوم البري الإسرائيلي في السابع من ماي.
وقالت سمية العمارين الستينية النازحة من حي الزيتون في مدينة غزة في شمال القطاع “أوقفوا الحرب وخل صونا من القتل والموت، نحن لا نعيش، جميعنا أموات مع وقف التنفيذ”. مضيفة “يكفي قتل الأبرياء ونسف وقصف وتدمير البيوت، أصبحت حياتنا جحيما لا يطاق والعالم يتفرج”.
ويواجه نتانياهو انتقادات شديدة داخل إسرائيل حيث تظاهر أكثر من 150 ألف شخص بحسب المنظمين مساء السبت في تل أبيب للمطالبة بانتخابات مبكرة وبعودة الرهائن، في أكبر تجمع احتجاجي منذ اندلاع الحرب.
كما تسب بت الحرب في قطاع غزة بتصاعد التوتر مع حزب الله على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، ما يبعث مخاوف متزايدة من اتساع النزاع.
وقال نتانياهو في مقابلته الأولى مع قناة تلفزيونية إسرائيلية منذ بدء الحرب إن ه “بعد انتهاء المرحلة العنيفة، سنعيد نشر بعض قواتنا نحو الشمال، وسنفعل ذلك لأغراض دفاعية في شكل رئيسي، لكن أيضا لإعادة السك ان (النازحين) إلى ديارهم”.
والإثنين أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية بأن “الطيران الحربي المعادي شن ثلاث غارات على جرد ماسا وجنتا في محلة الشعرة” في منطقة بعلبك في شرق لبنان، دون الإشارة إلى وقوع إصابات.
من جهته أعلن حزب الله أنه استهدف الاثنين ثلاثة مواقع عسكرية إسرائيلية في الجانب الآخر من الحدود.
وأد ى تبادل القصف اليومي بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المتحالف مع حماس والمدعوم من إيران، إلى نزوح عشرات آلاف الأشخاص من المناطق الحدودية في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.
وقالت هيلين أبيرغيل وهي من سكان كريات شمونة في شمال إسرائيل تقيم حاليا في فندق في تل أبيب “ستندلع حرب” وتابعت المرأة البالغة 49 عاما متحدثة لوكالة فرانس برس “لا بد أن تقع حرب لإبعاد حزب الله عن الحدود”.
وفيما ينتقد نتانياهو التأخير في تسليم أسلحة أميركية في مرحلة تشهد تشنجا بينه وبين الحليف الأميركي، وصل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن لإجراء محادثات وصفها بأنها “حاسمة” لمجرى الحرب.
وأعلن نتانياهو الأحد أن “الخلاف” مع واشنطن “سيحل في مستقبل قريب”.
وقبيل لقائه رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بيل بيرنز ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال غالانت “أود أن أؤكد أن التزام إسرائيل الأساسي هو إعادة الرهائن، دون استثناء، إلى عائلاتهم ومنازلهم”.
وفي قطاع غزة، استهدف قصف مدفعي الاثنين رفح ومخيم النصيرات المجاور (وسط)، وكذلك حي الزيتون في مدينة غزة (شمال) حيث أفيد عن معارك، بحسب شهود.
وأعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل عن مقتل مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة في غزة هاني الجعفراوي وعامل آخر في مجال الصحة في ضربة جوية على عيادة الدرج في مدينة غزة.
وبحسب وزارة الصحة، قتل ما لا يقل عن “500 من الطواقم الطبية جراء العدوان الإسرائيلي” على القطاع المستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر.
من جهته قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي خلال جولة على وحدات في مدينة رفح “نحن بكل معنى الكلمة نقترب من النقطة التي سنقول فيها إننا فككنا لواء رفح” التابع لحماس، وفق متحدث باسم الجيش.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مواصلة “عملياته المحددة الأهداف” في محيط رفح مؤكدا “تصفية” مقاتلين و”تفكيك مداخل أنفاق” في المنطقة.
وفي ظل الوضع الإنساني الكارثي وفيما تحذر الأمم المتحدة على نحو متكرر من مجاعة وشيكة مع تشديد القيود على دخول المساعدات، حذر فيليب لازاريني المفوض العام لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الاثنين من أن “انهيار النظام العام يؤدي إلى عمليات نهب وتهريب متفشية تعرقل إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها السكان بشكل ملح جدا”.
والاثنين حض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إسرائيل على رفع كل “القيود” المفروضة على توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفق بيان للرئاسة الفرنسية.
كذلك أكد ماكرون وعبدالله الثاني خلال لقاء في الإليزيه على وجوب “التوصل دون مزيد من التأخير إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة” كما حض ا على “إطلاق سراح جميع الرهائن”، وفق البيان.
وتسببت الحرب بنزوح سكاني كثيف في القطاع الذي يعد 2,4 مليون نسمة. ويتنقل أكثر من مليون شخص بصورة متواصلة بحثا عن مكان آمن في حين أكدت منظمة الصحة العالمية أن “لا مكان آمنا” في القطاع.
أ.ف.ب