ياسين عدنان
ها هي سنة جديدة تطل برأسها علينا. قبل أن نواجهها بالتهاني والمتمنّيات، يهمّني أن أقدّم لأصدقاء مشارف حصيلة هذا الموسم التي انطلق بديكور جديد دشّنه عميد الأدب المغربي الأستاذ عباس الجراري. ولقد واصل البرنامج خلال موسم 2015 تجواله في حدائق الفكر والأدب المغربيين مستضيفًا أسماء من مختلف الأجيال والحساسيات ولغات الكتابة.
وفي إطار التفاعل مع المحيط العربي، وبما أن فلسطين كانت ضيف شرف معرض الدار البيضاء الدولي الأخير للكتاب، خصّص البرنامج للأدب الفلسطيني عدة حلقات استضاف خلالها نخبة من أبرز أدباء هذا البلد وعلى رأس اللائحة نذكر على سبيل المثال لا الحصر الأدباء محمود شقير ومريد البرغوثي وزياد خداش وخالد الحروب. مع العلم أن البرنامج استضاف خلال سنة 2015 إلى جانب الأدباء الفلسطينيين نخبة من المبدعين والمثقفين العرب من 8 جنسيات عربية أخرى (تونس والأردن واليمن والجزائر وسوريا ولبنان والبحرين والإمارات العربية). دون أن ننسى حرصنا على الانفتاح على مختلف الجغرافيات الثقافية عبر العالم، حيث استضفنا أيضا هذا الموسم مستشرقين من إسبانيا وألمانيا. هكذا وباحتساب المغاربة والفلسطينيين نكون قد استضفنا خلال موسم 2015 فقط ضيوفا من 12 جنسية.
ومتابعةً من مشارف للنقاش العمومي في المجال الفكري، اشتبكنا في البرنامج مع عدد من قضايا الساعة التي أثارت جدلًا في الصحافة الوطنية، كما هو الشأن بالنسبة لقضية العنف في الملاعب، ولإشكالات حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ثم للمسألة اللغوية التي أفردنا لها هذا الموسم عددا من الحلقات تميّزت أولًا بالقيمة العلمية للضيوف ثم بالنقاش المعرفي الرصين الذي لم ينزلق إلى السّجال التّنابُزي الذي عرفته الساحة مع الأسف. وفي هذا الإطار أشير إلى أنّ برمجة شهر ديسمبر وحدها طرحت المسألة اللغوية بقوّة وخلال ثلاث حلقات متتالية لكن من مداخل معرفية محددة ومترفعة عن كل بوليميك.
الدفاع عن قيمنا الحضارية وعن ثقافة التعايش اعتُبِرت جوهرية في الخطّ الفكري للبرنامج، أذكّر هنا مثلا بحلقتنا حول (إسلام التنوير) مع المفكر السوري هاشم صالح. والحلقة التي استضفنا خلالها الأستاذة مريم آيت أحمد (خلال شهر نوفمبر) تعطي نظرة عن الأفق الفكري للبرنامج في هذا الإطار. وحرصا على الهوية الثقافية المغربية، استضاف مشارف هذا الموسم عددا من المنافحين عن الهوية المغربية والمنشغلين بأسئلتها وقضاياها وأبعادها المختلفة بدءا بعميد الأدب المغربي عباس الجراري، والباحث في الثقافة الشعبية عبد الرحمان الملحوني، فالباحث في مجال الإعلام الأمازيغي محمد الغيداني، وآخرين.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن أدباء ومبدعين مغاربة من مختلف الأجيال والحساسيات ومجالات الإنتاج الفكري والأدبي والفني قد تناوبوا على بلاتوه مشارف هذا الموسم، ومنهم من نال لاحقًا جوائز لامعة على الكتب التي استضفناهم من أجلها، كما حصل مع إدريس كسيكس مثلا الذي خصّصنا حلقة لمناقشة كتابه (مهنة المثقف) الذي نال عنه لاحقًا جائزة الأطلس، وكذا مع محمد أبطوي الذي حصل مؤخرًا على جائزة الملك عبد الله للترجمة، مما نعتبره تزكية لاختيارات البرنامج. كما حاولنا دائما أن يكون مشارف في الموعد حينما يتعلق الأمر بتظاهرات ثقافية وفنية كبرى. هكذا قدمنا حلقة مع عبد الرحمان بن زيدان حول قضايا المسرح المغربي والعربي في نفس الأسبوع الذي احتضنت خلاله بلادنا المهرجان العربي للمسرح، كما قدّمنا حلقة مع رئيس لجنة تحكيم البوكر مريد البرغوثي في نفس الأسبوع الذي قدّمت خلاله نتائج جائزة البوكر (اللائحة القصيرة) بالدار البيضاء وذلك لكي نضمن للبرنامج -رغم أنه غير مباشر- البقاء في قلب الحدث الثقافي.
هذا وبقدر احتفائنا في مشارف بالرواد، نحاول على الدوام إتاحة الفرصة أمام الأصوات الشابة الواعدة، بل وبادرنا هذا الموسم إلى استضافة صوتين أدبيين شابّين -آخرهما سكينة حبيب الله- تحقّقا عبر فضاء الفيسبوك ومن خلاله. دون أن ننسى حرصنا على حضور المرأة بانتظام خلال البرمجة الشهرية لمشارف، حتى أننا في شهر نوفمبر 2015 مثلا استضفنا ثلاث نساء مقابل ضيف ذكر واحد.
وأخيرًا، تميّز موسم 2015 بالإشعاع العربي للبرنامج حيث توصلت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية بمراسلة من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بدولة فلسطين يطلبون فيها الحلقات التي سبق لنا أن استضفنا خلالها أدباء فلسطينيين.
هذا ونؤكّد لأصدقاء مشارف داخل الوطن وخارجه أن طاقم البرنامج مستعدٌّ لمواصلة عمله بنفس الروح خلال الموسم الجديد 2016، وبنفس الحرص على متابعة جديد الساحة الثقافية والفكرية في بلادنا، والمشاركة في كل النقاشات العمومية الوطنية دائما من زاوية ثقافية وبروح معرفية لا مجال فيها للمزايدة والبوليميك. وسنة سعيدة أرجوها للجميع، وكل عام والثقافة المغربية بألف خير.
* شاعر وإعلامي