أطلقت الوكالة الاتحادية للرقابة النووية في بلجيكا مبادرة لتشجيع الأهالي على قياس تركيزات غاز الرادون في منازلهم. وزودت المشاركين في المبادرة بأجهزة القياس، خلال الفترة بين بداية تشرين الأول 2015 ونهاية يناير 2016، على أن يقدموا نتائج القياس للوكالة مساهمة في رسم الخريطة الوطنية لتركيزات الرادون.
وكانت منظمة الصحة العالمية نشرت كتيبا عن تلوث الهواء الداخلي بغاز الرادون عام 2009، دعت فيه دول العالم إلى وضع برامج وطنية ودعم البرامج القائمة من أجل الرقابة والسيطرة على وجود غاز الرادون في المنازل والمجمعات السكنية.
فما هو الرادون؟ وما هي مخاطره؟
الرادون غاز خامل كيميائيا ذو نشاط إشعاعي، يتشكل طبيعيا كأحد نواتج سلسلة تفكك اليورانيوم. وحيث أن اليورانيوم موجود في القشرة الأرضية في جميع الأماكن بتركيزات متفاوتة، تكون منخفضة بشكل عام، فيمكن العثور على غاز الرادون في كل مكان حيث يتسرب عبر أرضيات المباني، وينتقل مع حركة المياه تحت التربة، ويتواجد في مواد البناء، وفي المصادر الطبيعية بشكل عام بما فيها ماء الشرب وغاز الطبخ.
وقدرت منظمة الصحة العالمية أن النشاط الإشعاعي لغاز الرادون يتسبب بنحو 3 إلى 14 في المائة من إصابات سرطان الرئة، وهو بذلك يعتبر السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة بعد التدخين. وتكمن خطورته في أنه غاز لا لون له ولا رائحة ولا طعم، أي هو بمثابة القاتل الصامت الذي يتسلل من دون علم ضحيته. مع ذلك، يمكن القيام بعدد من الخطوات التي تخفض إلى حد بعيد من مخاطر الرادون على صحة الأسرة.
إن تركز الرادون داخل المباني، خاصة في الطبقات الأرضية والأقبية، يعتمد على التوازن بين معدل دخوله إلى الفراغ ومعدل إزالته مع الهواء. وبالتالي فإن التهوية الجيدة للغرف والفراغات تساهم إلى حد بعيد في خفض تركيزه والإقلال من مخاطره. ولحسن الحظ أن نظائره ذات عمر إشعاعي قصير نسبيا لا يزيد عن 7.6 يوم، وبالتالي فإن تشتيته مع الهواء كفيل بالتخلص من أضراره.
وتوصي منظمة الصحة العالمية ألا يزيد تركيز غاز الرادون في الهواء الداخلي عن 100 بيكريل في المتر المكعب وبحد أقصى هو 300 بيكريل في المتر المكعب.
عربيا، واستنادا إلى دراسة تم نشرها في العدد الرابع عام 2007 من مجلة “الذرة والتنمية” الصادرة عن الهيئة العربية للطاقة الذرية، فإن معدلات تركيز غاز الرادون في مساكن بعض الدول العربية (10 دول) كانت ضمن الحدود الدولية، حيث تراوحت بين 9 و71 بيكريل في المتر المكعب. ولكن وجدت في مساكن معظم الدول تركيزات تتجاوز 200 بيكريل في المتر المكعب، “ومن المتوقع اكتشاف مستويات أعلى من هذه عند التوسع في المسح الإشعاعي للمساكن” بحسب ما جاء في الدراسة.
لقد تبنت قوانين البناء في العديد من دول العالم ترتيبات خاصة تتضمن مد أنابيب مثقبة ضمن فلاتر حصوية تتيح تهوئة الأرضيات وتصريف غاز الرادون عند الحاجة. لكنني لم ألحظ هذه الترتيبات غير المكلفة نسبياً في كودات البناء العربية التي اطلعت عليها بحكم اختصاصي الهندسي، وأظن أن قلة من المهندسين العرب قد يسمعوا بها.
إن تجهيزات قياس الرادون بسيطة ومتاحة بأسعار معقولة في العديد من الدول، حيث يتراوح سعرها بين 15 و25 دولارا في الولايات المتحدة مثلا. وإجراءات التخفيف من مخاطر ارتفاع تركيزات الرادون تعتمد على التهوية بتكاليف بسيطة عادة. فما الذي فعلته الدول العربية بخصوص التوعية والتخفيف من مخاطر الرادون، باستثناء إجراءات القياس التي تبقى حبيسة المكاتب والمجلات البحثية التي لا يطلع عليها العامة؟
(منتدى البيئة)
غاز الرادون.. القاتل الصامت في بيوتنا
الوسوم