يحتفل المجتمع الدولي في 20 مارس كيوم عالمي للسعادة، بعد أن اعتمدت الأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين، هذا اليوم من كل عام يوما للسعادة اعترافا بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب.
فقد تقرر في 28 يونيو 2012 على هامش فعاليات الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان “السعادة ورفاهية المجتمع والنموذج الاقتصادي الحديث” ، كما أكد ذلك الأمين العام بان كي مون في ذلك الحين، أن “العالم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة والرفاهية المادية والاجتماعية وسلامة الفرد والبيئة ويصب في تعريف ماهية السعادة العالمية”.
وأوضح تقرير للأمم المتحدة عن الشعوب الأكثر سعادة في العالم لعام 2013 أنه يمكن قياس السعادة بمدى شعور الفرد بالسعادة والرضا والتفاؤل في حياته. وأشار التقرير إلى أن العوامل المجتمعية هي الأكثر أهمية بالنسبة للسعادة مثل قوة الدعم المجتمعي، وضعف مستوى الفساد، والحرية التي يتمتع بها الفرد. أما المحاور الرئيسية للسعادة فتتضمن محور التعليم والصحة والتنوع البيئي والثقافي والمستوى المعيشي.
واعتبر التقرير أن الثروة المالية ليست هي التي تجعل الناس سعداء كما يعتقد البعض، بل الحرية السياسية وغياب الفساد والشبكات الاجتماعية القوية وهي عوامل أكثر فاعلية من العامل المادي.
وفيما تتمثل السعادة لدى البعض بالثروة، والحساب البنكي، وزيادة الشركات واﻻستثمارات، نستحضر مفهوم السعادة لدى إحدى أكثر الشخصيات ثراء ونجاحا في العالم، ستيف جوبز، مبتكر ومالك شركة “آبل” الذي رحل عن هذا العالم في سنة 2011. وهو على فراش المرض، كان له رأي آخر حول معنى السعادة، يتجلى في بعض الخواطر التي كتبها متحدثا عن الحياة السعيدة. وكانت تلك الخواطر من أفضل ما نسب له:
“لقد وصلت لقمة النجاح في الأعمال التجارية في عيون الآخرين، حياتي كانت رمزا للنجاح، ومع ذلك، وبصرف النظر عن العمل، كان لدي القليل من الفرح، وأخيرا، في النهاية ثروتي هي مجرد “حقيقة” أنا معتاد عليها..
في هذا الوقت، وأنا ممدد على سريري في المستشفى أتذكر حياتي الطويلة، أدرك أن جميع الجوائز والثروات التي كنت فخورا جدا بها أصبحت ضئيلة وغير ذات معنى مع اقتراب الموت الوشيك.
في هذا الظلام، وعندما أنظر إلى الأضواء الخضراء لمعدات التنفس الاصطناعي وأنصت حتى الثمالة لأصواتها الميكانيكية، أشعر بنفَس الموت يقترب مني.. الآن فقط أفهم – بعد أن أمضيت حياة محاولا جمع ما يكفي من المال لبقية حيات- أن لدينا ما يكفي من الوقت لتحقيق أهداف لا تتعلق بالثروة فقط، يجب أن تكون أهدافنا أكثر أهمية: قصص الحب، والفن، و أحلام طفولتي .. عدم التوقف عن ملاحقة ثروة يمكن أن يجعل منك مجرد شخص عادي أو كائن ملتو، مثلي تماما.
نحن كائنات يمكن أن تشعر بالحب، الحب كامن في قلب كل واحد منا، ومصيرنا يجب أن لا يكون فقط الجري وراء الأوهام التي تبنيها الشهرة أو المال الذي أفنيت من أجلهما حياتي، ولا يمكنني أن آخذهما معي الآن، لا يمكنني أن آخذ معي إلا الذكريات التي تعززت بالحب…
هذه هي الثروة الحقيقية التي سوف تتبعك، وسوف ترافقك، وستعطيك القوة و الضوء للمضي قدما وإلى الأمام، الحب يمكن أن يسافر آلاف الأميال وهكذا تصبح الحياة لا حدود لها، انتقل إلى حيث تريد أن تذهب، اسْعَ للوصول للأهداف التي تريد تحقيقها. كل شيء كامن في قلبك ويديك…
ما هو أغلى سرير في العالم؟ إنه سرير المستشفى، إذا كان لديك المال، يمكنك استئجار شخص لقيادة سيارتك، ولكن لا يمكنك استئجار شخص لحَملِ مرضك وآلامك بدلا عنك، يمكن العثور على الأشياء المادية المفقودة مهما غلا ثمنها، ولكن هناك شيء واحد لا يمكنك أن تجده أبدا عندما ستفقده: إنه الحياة، مهما كانت المرحلة التي نعيشها من مراحل حياتنا، سنضطر في النهاية لمواجهة اليوم الذي سيسدل فيه الستار.
اجمع كنزك من حب عائلتك، من حب زوجتك أو زوجك، من حب أصدقائك.. أعتن بنفسك جيدا واهتم بأقربائك”.
مفهوم ستيف جوبز عن السعادة
الوسوم