الكاتب المسرحي عصام اليوسفي لبيان اليوم

التجارب المغربية المقدمة في المهرجان تعكس بجلاء واقع وحركية المسرح المغربي في تنوعه

* تتبعتم عن قرب كل مجريات وفعاليات مهرجان المسرح العربي الذي احتضنته بلادنا هذه الأيام.. ما هو تقييمكم لمستوى العروض المسرحية العربية المقدمة في هذا المهرجان سواء المبرمجة في المسابقة أو خارج المسابقة؟
– لكي يتسم جوابي بنوع من الموضوعية لابد أولا في البداية بالتنويه بالمجهود الملموس الذي بذلته كل الأطراف المسؤولة على تنظيم هذه التظاهرة المسرحية غير العادية والأولى من نوعها التي تعقد بالمغرب… ولابد أيضا من الإشارة أنني لم أشاهد كل العروض المقدمة ولكنني تابعت معظمها… تقييمي الخاص والذاتي سيشمل شقين: شق حول البرمجة العامة وشق آخر حول العروض المغربية. سأبدأ بالشق الثاني لأقول إن التجارب المغربية المختارة والمقدمة كانت تعكس بشكل جلي واقع وحركية المسرح المغربي المتنوع وأن الاختيار يبقي في رأيي موفقا رغم أنه محدود… فمن خلال العروض المغربية الخمسة يمكن للمتفرج العربي أن يكون فكرة حول خصوصية الممارسة المسرحية اليوم بالمغرب ويتعرف على جوانب من مميزات المسرح المغربي المعاصر.  فيما يخص البرمجة العامة للمهرجان، أعتقد أن هناك خللا ما في طريقة انتقاء العروض، إذ يتبين أن هناك تفاوتا في قيمة الأعمال المقدمة وأن أغلبها مع الأسف لا يقدم إضافة نوعية على مستوى أساليب الإبداع المسرحي. من ثمة ألاحظ أن جملة من الاختيارات الجمالية والفكرية الحاضرة في العروض المقدمة ينقصها العمق في التركيب مما يؤثر سلبا على الإيقاع العام ويخلق لدى المتفرج نوعا من الملل… كما أن هناك بعض الاجترار في المواضيع المعالجة وطريقة تقديمها، هذا علما أن هناك بطبيعة الحال استثناءات قدمت فرجة جميلة تحمل رؤية مرهفة وذكية… ولكن من المفروض في مهرجان من هذا النوع أن تكون كل العروض جيدة ومتميزة… لذا تبقى مسؤولية لجنة الانتقاء قائمة بشكل كبير بينما يبقى دور لجنة التحكيم جد محدود، هذا المعطى يحيلنا للتفكير في طريقة اشتغال الهيئة ومساءلة بعض اللبس والغموض الذي يكتنف اختيارات المسؤولين عن هذه المؤسسة…  

* المؤتمر الفكري للدورة السابعة للمهرجان يعد بشهادة الجميع أكبر مؤتمر فكري في تاريخ مهرجانات الهيئة العربية للمسرح، في رأيك ما هي الإضافات التي حققتها الأشغال الفكرية لهذا المؤتمر؟
– بالفعل المؤتمر الفكري لهذه الدورة كان مكثفا وغنيا من ناحية التصور العام لمحاور الندوات، وكان هناك حضور متميز للباحثين المغاربة وأيضا بعض الزملاء العرب… مجموعة من المداخلات كانت دقيقة وتعالج بوضوح الإشكاليات المطروحة واستفاد منها الحاضرون والمتتبعون بشكل ملموس…  ولكن مع الأسف هناك بعض المداخلات لم تقدم جديدا يذكر بل يتم فيها اجترار أفكار قديمة وأحيانا معالجة مواضيع ثانوية حسب رأيي الخاص طبعا… كنت أتمنى أن تكون حاضرة محاور وإشكاليات مرتبطة أكثر بالممارسة المسرحية من قبيل أساليب الكتابة والإخراج والتشخيص والسينوغرافيا.. وذلك لاستهداف وجلب جمهور آخر، ولكي لا تبقى الندوات في جزر صغيرة… ربما يجب التفكير أيضا في صيغ أخرى للتناظر والتحاور حول أسئلة المسرح، وليس بالضرورة أن يكون عدد المتدخلين كبيرا وذلك لإتاحة الفرصة للنقاش والتداول خصوصا أن كل المتابعين هم من أصحاب اختصاص ومعرفة…

* والآن والمهرجان انتهى وأسدل ستاره وسينتقل إلى بلد عربي آخر في السنة القادمة، ألا ترى أن هذا المهرجان سيظل مجرد ذكرى في تاريخ مشهدنا المسرحي الوطني؟ بمعنى آخر، ألا ترون أن المغرب الذي يستطيع أن ينظم سنويا مهرجانا سينمائيا دوليا ناجحا بمدينة مراكش، قادر أيضا على عقد تظاهرة مسرحية عربية بأبعاد دولية هنا بالرباط؟
– نعم نعم وبكل تأكيد وهذا ما يحز في النفس كثيرا… كنت شخصيا دائما أحس بنوع من الغبن والمرارة عندما أتابع أو أشارك في مهرجان المسرح الوطني بمكناس وأتساءل مع نفسي ألا نستحق ملتقى مسرحيا دولي نستقبل ونكتشف فيه التجارب العربية والإفريقية والدولية ويكون فرصة حقيقية للاحتكاك وتوسيع دائرة الوعي بالممارسة المسرحية وفرصة أيضا لترويج أعمالنا المسرحية خارج الوطن… هذا اللقاء الغائب في الواقع والحاضر في الحلم تتحمل مسؤولية عدم تأسيسه وتحقيقه ووجوده وزارة الثقافة المغربية لأنني أعتبر تواجد مثل هذه التظاهرات ليس فقط اختيارا بل واجبا مؤكدا… ربما يتعين البحث عن شكل من أشكال الضغط ليقوم هذا القطاع والمشرفين عليه بواجبهم اتجاه المهنة والجمهور المغربي…  لأن استقبال مهرجان الهيئة العربية بالرباط شيء جيد ولكن لا يمكن أن نبقى ذيلا لأحد أو ننتظر ظرفية خاصة نلتقطها مثل الأطفال المحرومين… المهمة أو المشروع ليس سهلا وغير مغري لأهل السياسة والمال في بلدنا ويتطلب تصورا متكاملا وكفاءات عالية على مستوى التنظيم والتدبير… لكن يبقى الأمل أن تحدث وزارتنا مفاجأة في هذا الاتجاه مستقبلا… وفي الأخير أشكرك الصديق الحسين الشعبي على متابعاتك الرصينة وانفتاحك المهني على مختلف الآراء القادمة من كل اتجاه…

Top