> يوسف بورة
بداية الأسبوع الثاني من شهر أبريل القادم سيفتتح المعرض الوطني للكتاب المستعمل دورته التاسعة بالدار البيضاء تحت شعار: “هوية الكتاب المغربي”.. لتمتد فعاليتها على مدى عشرين يوما، وبتعاون مع وزارة الثقافة وشراكة مع نادي القلم المغربي ومؤسسة محمد الزرقطوني. وتعكف اللجنة الثقافية والإعلامية للتظاهرة على وضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الثقافي والتنشيطي الموازي للمعرض بمشاركة عدد كبير من المثقفين والأدباء والمبدعين والفاعلين المدنيين والاجتماعيين.
وإذا كانت هناك من خلاصة أو حصيلة تقديمية لهاته الدورة التاسعة، فلن تعدو أن تكون مجرد خطوط عريضة ضمن كتيب يعتزم منظمو المعرض إعداده لمناسبة الدورة القادمة (العاشرة / 2017) سوف يكون بمثابة تقييم شامل لمنجزاته وآفاقه، وأيضا لبعض نواقصه وسلبياته، في إطار عمل جماعي لعدد ممن ساهموا أو شاركوا، كل من موقعه، في إخراج هذه التظاهرة الثقافية الفريدة من نوعها إلى حيز الوجود، سواء من داخل الجمعية البيضاوية للكتبيين أو من طرف شركائها المؤسساتيين أو الجمعويين أو الأفراد.
ولعل أول ما يمنح المعرض أول ملامح فرادته، وطنيا وعربيا، هو فضاء انعقاده في العمق الشعبي للدار البيضاء وفي أحد معاقل الثقافة الوطنية، أي درب السلطان، بكثافته السكانية وأيضا بذاكرته التي تختزن عددا لا يستهان به من الأصوات التاريخية والقيم الوطنية والقامات الثقافية والإبداعية التي يعرفها المغاربة جيدا، وتشكل جزءا هاما من ذاكرتهم على جميع الأصعدة. فالمعرض إذن صار يشكل صلة بهذا الماضي وحمولته ورصدا للحاضر واستشرافا للمستقبل ومساهمة في صون التاريخ خدمة للأجيال القادمة، ومساهمة كذلك في ردم الهوة المسجلة على مستويات التربية والتعليم والثقافة، وأن المتتبعين لهذه التظاهرة الثقافية الفريدة يسجلون باعتزاز وامتنان أنها شكلت مصدر إلهام لعدد هام من الجهات وأقاليم البلاد حذت حذوه وسارت بدورها تنظم معارض جهوية نتمنى أن تتوحد في إطار وطني للتنسيق وتبادل التجارب والخبرات وتقديم المقترحات للنهوض بالقراءة.
إلى جانب هذا يتميز المعرض الوطني للكتاب بغزارة وتنوع برامجه الثقافية والإبداعية والتوعوية مما جعله يحظى بمتابعة إعلامية ومن طرف الجمهور داخل المغرب ومن الخارج، خصوصا وأن جميع أنشطته تقام في فضاء مفتوح في وسط حميمي ويجعل صوت المثقف والأديب والمبدع والفاعل المدني يصل مباشرة إلى جميع أطياف المجتمع، بعيدا عن “التقاليد” الأكاديمية أو “المنابر” و”المنصات”، ناهيك عن كون تلك اللقاءات لا تكون دائما من تنشيط أسماء معروفة فقط، بل مفتوحة في وجه الأطفال واليافعين والشباب والناس البسطاء من العموم. وهو ما أعطى للمعرض عمقا محليا لدى السكان وإشعاعا وطنيا ودوليا تشهد به مئات المقالات والتغطيات من طرف مختلف وسائل الإعلام، قلما تحظى به تظاهرة من هذا الحجم ومن هاته الطبيعة.
إن التجربة التي راكمها منظمو المعرض الوطني للكتاب المستعمل تجعلهم يأملون أن تكون الدورة التاسعة مناسبة لاتخاذ خطوات حاسمة لترسيخ هذه التظاهرة كتراث وطني، ولوضع تصور للدورة العاشرة لتكون بمثابة إعلان عملي لبلوغ المعرض سن الرشد تنظيميا وثقافيا وتربويا. فهو لم يعد مِلكا لمنظميه أو المشاركين فيه، بل صار مِلكا لتلك الجماهير الغفيرة من زواره ومنشطيه، ولجهة الدار البيضاء – سطات وللمغرب عموما.. ولأجل ذلك يعلن المنظمون أن الدورة التاسعة ستكون دورة للتجديد والتطوير، ويدعون كل أصدقاء المعرض وشركاءه للإفادة بما يرونه مناسبا لتطوير التجربة، خدمة للكتاب والقراءة، أي لمستقبل مغرب قارئ، حداثي، منفتح وأصيل.
*مدير الدورة التاسعة
المعرض الوطني للكتاب المستعمل
الوسوم