بينظير بوتو… أصغر رئيسة وزراء لدولة إسلامية في العصر الحديث
نفوذ سياسي كبير وتمتعت بسمعة جيدة على الصعيد الدولي
دخلت بينظير إلى عالم السياسة بعد إعدام والدها الرئيس الباكستاني الأسبق ذو الفقارعلي بوتو، وأصبحت أول وأصغر رئيسة وزراء لدولة إسلامية في العصر الحديث. اتهمت وزوجها بالفساد فأسقطت حكومتها أكثر من مرة، وتنقلت بين باكستان والمنفى أكثر من مرة حتى اغتيلت عام 2008. ولدت بينظير بوتو يوم 21 يونيو 1953 في مدينة كراتشي بباكستان لعائلة سياسية شهيرة حيث كان والدها رئيسا لدولة باكستان ورئيسا للوزراء في السبعينيات من القرن الماضي. درست بينظير العلوم السياسية والاقتصاد في جامعتي هارفارد وأكسفورد، وتزوجت عام 1987 من رجل الأعمال وعضو البرلمان آصف علي زارداري وأنجبت منه ثلاثة من الأبناء.
التوجهات الفكرية
تأثرت بينظير بوالدها ذو الفقار على بوتو وبالحياة الغربية التي عاشت فيها سنوات طويلة من عمرها وأفردت ذلك على صفحات الكتاب الذي ألفته عام 1989 عن حياتها الخاصة والعامة وأسمته «ابنة القدر». أظهرت عدم تحمسها لبعض التيارات السياسية داخل المجتمع الباكستاني وبخاصة تلك التي لها توجهات إسلامية ومؤيدة لحركة طالبان. كذلك أنكرت بوتو التوسع الذي كان سائدا قبل مجيء الرئيس برويز مشرف في إنشاء المدارس الدينية، واعتبرتها، محاضن تساعد على انتشار الإرهاب، وأيدت الحكومة الباكستانية عندما تحالفت مع الولايات المتحدة فيما يسمى الحرب على الإرهاب. عادت بوتو إلى باكستان عام 1977 قبيل الانقلاب الذي قاده الجنرال ضياء الحق والذي انتهى بإلقاء القبض على والدها ثم إعدامه عام 1979، وبقيت بينظير تحت الإقامة الجبرية إلى أن استطاعت الخروج من باكستان ولم تعد إليها مرة أخرى إلا بعد ثلاثة أشهر من وفاة ضياء الحق في حادث طائرة عام 1988. شجعت وفاة ضياء الحق، بينظير على التفكير في العودة مرة أخرى بعد عشر سنوات قضتها في المنفى وبالفعل عادت لتتولى قيادة حزب الشعب الباكستاني الذي كان قد أسسه والدها عام 1967. وفي ذلك العام (1988) فاز تحالف بوتو بأغلبية قليلة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت آنذاك مما مكنها من تولي منصب رئيسة الوزراء وكان عمرها وقتئذ 35 عاما لتصبح أول وأصغر رئيسة وزراء دولة إسلامية. واجهت حكومة بوتو العديد من المشاكل أهمها المشكلات الاقتصادية التي لم تستطع التعامل معها بفاعلية مما ألب عليها خصومها السياسيين الذين رفعوا عليها وعلى زوجها آصف زرداري العديد من قضايا الفساد وسوء استعمال السلطة. دخلت البلاد فيما يشبه الفوضى السياسية وازداد معها احتقان الحياة السياسية الأمر الذي دفع الرئيس الباكستاني غلام إسحق خان إلى إسقاط حكومتها في غشت 1990. وفي غضون ذلك حكم على زوجها آصف علي زرداي الذي كان يشغل منصب وزير الاستثمارات الخارجية بالسجن ثلاث سنوات (1990-1993) على خلفية اتهامات سابقة بالفساد. لكنها استطاعت بعد ثلاث سنوات فقط العودة إلى رئاسة الوزراء إثر فوزها في الانتخابات التي أجريت في أكتوبر 1993 لكن بقاءها لم يدم طويلا. ففي عام 1996 أصدر الرئيس فاروق ليغاري والذي كان حليفا لها في السابق قرارا بإسقاط حكومتها للمرة الثانية بعد تجدد الاتهامات لزوجها بالرشوة والفساد والدخول في علاقات اقتصادية مشبوهة، لدرجة أنه أصبح يعرف في الأوساط الاقتصادية الباكستانية بـ»السيد 10%»، وهي النسبة التي كان يتقاضاها على معظم الصفقات التجارية التي تجريها الحكومة. وجّه مجموعة من المحامين الاتهام لبوتو وزوجها بغسل الأموال في بنوك سويسرية في يونيو 1998، وفي أبريل 1999 أدانتها محكمة في روالبندي بتهمة الفساد وحكمت عليها غيابيا بالسجن خمسة أعوام ومنعتها من ممارسة العمل العام، فنفت نفسها إلى لندن ودفعت ببراءتها من هناك. وفي عام 2002 صدر قرار بمنعها من دخول البلاد بسبب عدم حضورها للمحكمة، كما أقر الرئيس الباكستاني برويز مشرف تشريعا جديدا بتحديد عدد مرات الترشح لرئاسة الوزراء إلى مرتين ليغلق باب الترشح أمامها.
المتطرفون يكرهون بى نظير بوتو
قضت بينظير بوتو ثمانية أعوام في منفاها، ثم عادت إلى باكستان يوم 18 أكتوبر الأول 2007 على إثر عفو عام صادر عن الرئيس الباكستاني آنذاك برويز مشرف في إطار اتفاق على تقاسم السلطة، لكن هذه العودة كانت الأخيرة، فقد استهدف موكبها تفجيرين ارهابيين في كراتشي بعد منتصف ليل يوم 19 أكتوبر عام 2007 أدى إلى مقتل 125 شخصا، لكن بينظير لم تصب بسوء. إلا أنه في 27 ديسمبر 2008 تم اغتيالها رميا بالرصاص.
إعداد: سعيد أيت اومزيد