بعد أن كان الحكي علامة متوهجة في الساحات الشهيرة بالمغرب، من قبيل ساحة جامع الفنا بمراكش وساحة الهديم بمكناس، من جديد نجحت المكتبة الشاطئية في جمع حشد كبير من مرتاديها صحبة زوار الجديدة، ومن نسج ليلة ليست ككل الليالي، حيث شهرزاد لم تسكت عن الكلام المباح، فكانت الكلمات ليست كالكلمات.
وحده إيقاع الحكي بصيغة المؤنث الحدث والحديث، ووحدها الحكاية كان لها لون و طعم ورائحة.
كان الحكي ليلتها طائرا بجناحين: جناح بالعربية الدارجة، وجناح بلغة موليير، حلق بنا عاليا ليلامس العجائبي والغرائبي.
في التفاتة ذكية، برعت الحكواتية لطيفة السليماني في اختيار تيمات لها علاقة بعالم المحيطات والصيد والأسماك، وحيث سفينة المكتبة الشاطئية ترسو على شط البحر، مستعينة بدربة وحنكة متميزتين، إضافة إلى صوتها الملائكي الذي صدحت به، فكان الغناء جزءا لا يتجزأ من الحكاية.
كما استطاعت زهور زريق، بلباسها التقليدي الأخضر المطرز بخيوط ذهبية، متسلحة بتجربتها التي راكمتها لسنوات، كزجالة ومسرحية وحكواتية، أن تسافر بجمهورها إلى عوالم منفلتة الزمان والمكان، وحيث الشخصيات العجائبية كشخصية (ذهبية) وشخصية (المرأة الشريرة وآدم البطل) تتغنى بالقيم الإنسانية الخالدة: الحب، التضامن، التسامح ، الخير..
على خطى الحكواتيين الكبار، تمكنت كل من زهور زريق ولطيفة السليماني أن تدخلانا زمنا خاصا هو زمن الحكاية، وأن تشد الجمهور (الكبار و الصغار) الذي أثث بحضوره الجميل الفضاء، فكان متفاعلا، منفعلا، مشدوها، متواصلا ومتابعا جيدا لخيوط الحكاية. فكانت اللحظة، لحظة الإنصات للآخر بكل ما فيها من تحضر وسمو، أججت الدفء الإنساني الجميل والحكاية متربعة على عرشها كانت.
حكت شهرزاد فأبدعت، وكان الموعد (مساء الحكي) ضمن برنامج أنشطة المكتبة الوسائطية إدريس التاشفيني وجمعية أصدقائها لصيف الجديدة 2016.
بقلم: مليكة فهيم