على بعد شهر ونصف على انتهاء ولاية الحكومة الحالية التي يرأسها عبد الإله بنكيران ،اختار وزراء حزب التقدم والاشتراكية في هذه الحكومة، تقديم حصيلتهم في القطاعات التي تحملوا المسؤولية فيها طيلة خمس سنوات الماضية، وذلك في خطوة تشكل تنزيلا والتزاما قويا بمبادئ دستور 2011، الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدين بذلك على النهج الذي طبع تاريخ الحزب على الدوام بالانضباط والنضال والجدية في العمل خدمة للوطن والمواطن وتحمل المسؤولية بكل تجرد ونزاهة.
وفي هذا الصدد، قدم البروفيسور الحسين الوردي حصيلة القطاع الذي أشرف على تدبيره، حيث تمكن من تحقيق العديد من المنجزات سواء على المستوى التشريعي أو الإجرائي، يأتي على رأسها تعميم نظام المساعدة الطبية، وتوسيع التغطية الصحية الأساسية، والتي بلغت نسبة المستفيدين منها خلال هذه السنة (2016) نحو 62 في المائة، وينتظر أن تنتقل إلى 95 في المائة عند تفعيل التأمين الإجباري عن المرض لفائدة أصحاب المهن الحرة والعمال المستقلين بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز سنة 2011 نسبة 34 في المائة، كما تمكن من المس بإحدى القلاع التي بقيت عصية على أصحاب القرار في مختلف الحكومات السالفة، ممثلة في تخفيض أسعار الأدوية، حيث تم لأول مرة ومنذ السنوات الأولى للاستقلال تغيير المرسوم المنظم لها، حيث باتت نحو 2740 دواء يحصل عليها المواطن من الصيدليات بأسعار منخفضة بنسبة تتراوح ما بين 5 و80 في المائة، كما أطلق ورش تأهيل وتوسيع العرض الاستشفائي، وكذا عملية توحيد وتحديث هياكل مصالح الصحة العقلية بإضفاء الطابع الإنساني وصون كرامة المريض،وتوفير المعدات ، فضلا عن تحسين الخدمات الاستعجالية..
وأكد الوزير، أن ما حققه القطاع من منجز يعد نتيجة عمل متواصل لفريق حكومي متكامل ومتماسك، عمل بتعليمات وتوصيات من جلالة الملك محمد السادس، و بقيادة رئيس عبد الإله بنكيران ، منوها في هذا الصدد بالعمل الجاد الذي قامت به أيضا أطر ومسؤولي الوزارة بمختلف مصالحها مركزيا وجهويا، ومهنيو القطاع من أطر طبية وشبه الطبية في القطاعين العام والخاص ، وكذا الهيئات المدبرة والهيئات الوطنية للمهنيين سواء الأطباء والصيادلة والممرضين و، فضلا عن الفرقاء الاجتماعيين من ممثلين في النقابات الأطباء والممرضين ومختلف الأطر والعاملين، واصفا هؤلاء بمثابة العائلة داخل القطاع.
لكن رغم تحقيق البروفيسور الوردي للعديد من المنجزات على رأس القطاع، إلا أن البروفيسور الوردي فضل استعمال نبرة تتخللها الموضوعية والتواضع، بل وتبدو من خلالها أحيانا عبارات جلد الذات، خاصة حينما، قال في كلمة أعقبت الشريط المصور الذي تم فيه رصد مختلف الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الوزارة للنهوض بالقطاع، «إن قطاع الصحة في المغرب يعرف اختلالات عميقة و نقائص ومشاكل هيكلية بنيوية عميقة، والحصيلة تبقى متواضعة».
لكن سرعان ما يستطرد وزير الصحة، بالتأكيد على ضخامة الأوراش التي أطلقها للنهوض بالقطاع والتنبيه إلى بعض أوجه العراقيل والمعيقات الكبرى التي تمكنت الوزارة بالرغم من ذلك من التعامل مع واضعيها، خاصة ما يتعلق بخفض أسعار الأدوية، حيث كانت لوبيات حسب قول الوزير، ترفض هذا الإصلاح، مشيرا إلى «المقاربة التشاركية المنفتحة التي نهجتها الوزارة اتجاه هؤلاء بل ومختلف الشركاء من أجل إقرار العديد من الإصلاحات.»
وأضاف بهذا الخصوص موضحا بالقول» بدون مركب نقص لن أقول لم ننجح في بعض الميادين ولكن سأقول لم نصل للمبتغى وتحقيق الهدف الذي حددناه «، مشيرا في هذا الصدد إلى مسألة النهوض بقطاع الصحي في العالم القروي، الذي اعتبر أنه لم تعطي له الوزارة حقه وكذا مسألة الحد من التفاوتات المسجلة ما بين المجال الحضري والمناطق القروية في المجال، مشيرا إلى الدعم الذي حظيت به وزارة الصحة مؤخرا ، حيث رصد رئيس الحكومة للقطاع غلافا ماليا يصل إلى 1 مليار درهم سنويا ،يمتد على مدى ثلاث سنوات، وهو يهم جانب تحسين وتجهيز المستشفيات الصغيرة والمستوصفات بالمناطق النائية .
هذا وأكد على أهمية الموارد البشرية في قطاع الصحة، والتي تعد العمود الفقري، حيث بالرغم من توفير البنيات التحتية والتجهيزات البيوطبية، لكن ذلك لن يكون له أثر يذكر في ظل نقص العناية اللازمة لمهنيي الصحة والأطر الطبية وشبه الطبية، قائلا في هذا الجانب، « أقر أنه رغم ما قمنا به لكنه يبقى غير كاف فيما يخص الأوضاع المادية واشتغالهم في ظروف قاسية بأعداد قليلة جدا في غالب الأحيان».
ولم يفت البروفيسور الوردي، أن يثمن الدعم الذي تلقاه من حزبه التقدم والاشتراكية خلال اتخاذ على رأس قطاع الصحة، مختلف القرارات والتي تهم النهوض وتأهيل القطاع، بالتأكيد على «أن القرارات التي اتخذها كان الحزب دائما معي، فقد كان القوة الدافعة والمشجعة للخطو في مسار التغيير والإصلاح الصعب».
فنن العفاني