نادرا ما نجد كاتبا مغربيا جديرا بأن ينعت بالكاتب الظاهرة، بمعنى أنه كاتب خارق للعادة.
أغلبية الكتاب المغاربة، هم مواطنون عاديون، لا يختلفون عن غيرهم إلا بكونهم يكتبون، يؤلفون كتبا، لهم مؤلفات في هذا المجال أو ذاك، وإن كان الجميع في وقتنا الراهن صار يكتب، خصوصا بعد أن أصبحت وسائط الاتصال الرقمية في المتناول وبات لكل مستخدم جدار أو صفحة خاصة ليكتب عليها ما يحلو له، ضمن المواقع الاجتماعية.
لكن ما هي مزايا الكاتب الظاهرة؟
وهل من يكتب في موضوع جديد وغير مطروق، يمكن نعته بالظاهرة؟
لو كان كاتب ما يكتب برجليه مثلا، بمعنى أنه يمسك بالقلم بواسطة أصابع رجليه ويكتب في الشعر أو في القصة أو في غيرها من الأجناس التعبيرية، هل يصح أن نطلق عليه الكاتب الظاهرة، بصرف النظر عن قيمة ما يكتبه في حد ذاته؟
على كل، ليس بين الكتاب المغاربة من يكتب على هذا المنوال، في حدود اطلاعي، لكن هذا لا يمنع من القول إن هناك من الكتاب من قد يمنحونك الانطباع بأنهم لا يكتبون بأيديهم اليمنى ولا باليسرى، بل بأرجلهم تحديدا، بمعنى أن ما يكتبونه لا يستحق القراءة، لأنهم يكتبون كيفما اتفق، يكتبون بدون مسؤولية، أو بوجيز العبارة: هم متطفلون على الكتابة.
في اعتقادي، هناك كاتب مغربي سبق نعته بالكاتب الظاهرة، لعدة اعتبارات، منها أنه لم يبدأ في تعلم القراءة والكتابة إلا بعد تجاوزه سن العشرين، وأنه خلف كتابا أحدث إبان صدوره ضجة كبيرة وترجم إلى الكثير من اللغات وتمت مصادرته، المقصود هنا الراحل محمد شكري وسيرته الذاتية الخبز الحافي، وإن كان هناك من يشكك في هذه السيرة بحد ذاتها، ويعتبرها مجرد عمل تخييلي، هناك دائما نسبة من الخيال في أي عمل إبداعي.
هناك كاتب مغربي آخر يستحق حمل صفة الكاتب الظاهرة، حسب اعتقادي، ولا شك في أن العديد من المتتبعين يشاطرونني الاعتقاد نفسه، إنه كاتب قادم من منطقة كان يطلق عليها المغرب غير النافع، يكتب في جميع المجالات تقريبا: الإبداع، النقد الأدبي والبلاغة، المسرح، نقد النقد، الإخراج، لسانيات النص، الميديولوجيا، العلوم القانونية والاجتماعية، علم النفس، الكتابة الشذرية، الأدب الرقمي، البنايات المسرحية، سوسيولوجيا الثقافة، جغرافيا السكن والقصبات، أنواع الممثل، الإسلام بين الحداثة وما بعد الحداثة، سوسيولوجيا الأديان، سيميوطيقا الترجمة، التدبير البيداغوجي، المقاومة بمنطقة الريف، البنيوية التكوينية، الشعر الإسلامي، التصوف الإسلامي، الغناء والرقص، بيليوغرافيا القصة القصيرة جدا، سيميوطيقا الصورة، السينما، المنهج السيميائي.. وزد.. وزد.. اللهم لا حسد.
ويتوسع في كل مجال من هذه المجالات، بمعنى أنه يتناول أدق التفاصيل في كل كتاب على حدة، من قبل كان يعلن عن صدور كتاب جديد له، مرة في السنة، بعد ذلك صار يعلن عن ذلك مرة كل نصف سنة، ثم صار في كل شهر يعلن عن صدور كتاب جديد. خلال المدة الأخيرة، صار في كل يوم يعلن عن إصدار جديد، إصدار له غلاف وعنوان وموقع باسمه، لم يعد يكتفي بذلك، بل صار في اليوم الواحد، يعلن عن صدور أكثر من كتاب له، بمعنى أنه في كل ساعة أو أقل منها، يعلن عن أن كتابا جديدا صدر له، ليس في ذلك أدنى مبالغة، الكاتب المقصود هو الدكتور جميل حمداوي.
المثير أن كلا الكاتبين المذكورين باعتبارهما يشكلان ظاهرة في التأليف ببلادنا، يتحدران من المنطقة ذاتها: الناظور.
المثير كذلك، أن التشكيك ظل يطاردهما معا:
الأول تم التشكيك في حقيقة ما رواه في سيرته الذاتية، والثاني تم اعتباره ناقلا ومستنسخا لما تنشره صفحات الويب.
لكن يبقى أن بعض الظن أو التشكيك إثم.
عبد العالي بركات