«مذبحة» في بنغازي بعد استعمال أسلحة ثقيلة في مواجهة المحتجين

أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان لوكالة فرانس برس نقلا عن مصادر طبية وشهود عيان  مقتل ما لا يقل عن 104 قتلى في ليبيا منذ بدء حركة الاحتجاج الثلاثاء الماضي كما في مواجهات بين متظاهرين والجيش السبت، فيما ألقت السلطات الليبية القبض على «عشرات من الأشخاص. وقال أحد سكان بنغازي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن العسكريين أطلقوا النار على الحشود مستخدمين أسلحة ثقيلة.
وأفادت وكالة الأنباء الليبية الرسمية نقلا عن «مصادر مؤكدة» أن «أجهزة الأمن تمكنت منذ يوم الأربعاء الماضي من إلقاء القبض في بعض المدن على عشرات من عناصر شبكة اجنبية مدربة على كيفية حصول صدام لكي تفلت الأمور وتتحول إلى فوضى لضرب استقرار ليبيا وامن وأمان مواطنيها ووحدتهم الوطنية».وأضافت أن «هذه العناصر التي تنتمي لجنسيات تونسية ومصرية وسودانية وتركية وفلسطينية وسورية، مكلفة بالتحريض على القيام بهذه الاعتداءات وفق برامج محددة». واضافت الوكالة ان هذه الاعتداءات تشمل «تخريب وحرق مستشفيات ومصارف ومحاكم وسجون ومراكز للامن العام وللشرطة العسكرية ومنشآت عامة اخرى اضافة الى ممتلكات خاصة».
واكدت ان «بعض المدن الليبية تتعرض منذ يوم الثلاثاء الماضي الى اعمال تخريب» شملت «نهب مصارف واحراق واتلاف ملفات قضايا جرائم جنائية منظورة امام المحاكم تتعلق بالقائمين بهذه الاعتداءات او اقاربهم». كما المحت الوكالة الى احتمال ضلوع اسرائيل في هذه الاعمال. وقالت نقلا عن المصادر نفسها ان «التحقيقات جارية مع عناصر هذه الشبكة التي لا يستبعد ارتباطها بالمخطط الذي سبق واعلنه الجنرال الاسرائيلي عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق +أمان+ حول نجاح هذا الجهاز في زرع شبكات وخلايا تجسس في ليبيا وتونس والمغرب إضافة إلى السودان ومصر ولبنان وإيران».
وفي ردود الفعل الدولية، دان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قمع المتظاهرين في ليبيا ووصفه بانه «غير مقبول ومروع» كما دعا وزير الخارجية الكندي لورانس كانون الحكومة الليبية السبت الى اجراء «حوار سلمي» مع المتظاهرين المناهضين للنظام معربا عن «قلقه البالغ» من القمع الذي تمارسه السلطات ضدهم.
من جهته أعلن رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني انه لا يريد «ازعاج» العقيد معمر القذافي بشأن حركة الاحتجاج الداخلية غير المسبوقة التي يواجهها، في موقف اثار حفيظة المعارضة الايطالية. وقال برلوسكوني ردا على سؤال لاحد الصحافيين بشأن ما اذا كانت لديه اخبار عن الزعيم الليبي الذي يعتبر مقربا له «كلا لم اسمع شيئا، الوضع يتطور باستمرار ولذلك لا يمكنني ان اسمح لنفسي بازعاج اي كان». وحثت وزارة الخارجية الاميركية في هذا الوقت المواطنين الاميركيين على تجنب التوجه الى شرق ليبيا.واضاف بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الايطالية (انسا) «نحن قلقون حيال كل ما يجري في المنطقة باسرها». واثار هذا الموقف حفيظة المعارضة الايطالية. وانتقدت المعارضة بشدة موقف المتفرج الذي تلتزم به حكومة برلوسكوني ازاء القمع الذي تمارسه السلطات الليبية ضد المتظاهرين الذين سقط منهم منذ بدأت الاحتجاجات الثلاثاء 84 قتيلا بحسب حصيلة اوردتها السبت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال والتر فلتروني من «الحزب الديموقراطي» إن صمت الحكومة الإيطالية «مروع ومصم للآذان»، مؤكدا أن «نظاما قمعيا ويتوسل العنف اليوم لا يمكنه التصرف معتمدا على الموقف الإيطالي المتفرج».
بدوره قال بيارفرديناندو كاسيني زعيم «اتحاد الديموقراطيين المسيحيين والوسط» انه «في ليبيا اليوم تجري مجزرة صامتة بحق شبان مثقفين وعمال يحتجون على نظام معاد للحريات»، مطالبا ب»ادانة واضحة وصارمة» من البرلمان الايطالي لما يجري في ليبيا.
اما فرانشيسكو روتيلي من حزب «الائتلاف من اجل ايطاليا» فقال ان موقف برلوسكوني «مذهل»، مؤكدا انه سيسأل وزير الخارجية فرانكو فراتيني عما اذا كانت سياسة «عدم ازعاج القذافي» هي ايضا السياسة المتبعة في الاتحاد الاوروبي. بدوره طالب زعيم الخضر انجيلو بونيلي الحكومة ب»عدم التحول الى عكاز» يتكئ عليه الزعيم الليبي، مشددا على ان ايطاليا «لا يمكنها الاستمرار في دعم ديكتاتور يحكم عبر انتهاكه بانتظام حقوق الانسان وحرمان شعبه من الديموقراطية». من جانبه دعا بينيديتو ديلا فيدوفا من حزب «المستقبل والحرية» رئيس الوزراء الى «التدخل لدى القذافي الذي يطلق النار على المتظاهرين».
وعلى هذه الانتقادات جميعا رد ساندرو بوندي القيادي في حزب شعب الحرية بزعامة برلوسكوني بالقول ان «المعارضين من اليسار ليس لديهم حقا اي شيء يفعلوه اذا كانت وظيفتهم المفضلة هي ان يختلقوا في كل يوم سجالا مثل السجال المنسق اليوم حول ليبيا».
ووقعت ليبيا وايطاليا في 2008 معاهدة صداقة لمكافحة الهجرة السرية وتوطيد العلاقات الاقتصادية القوية اصلا بين البلدين، كما ان زيارات القذافي الى ايطاليا متكررة.
وقالت بعض الفضائيات أنه يصعب التأكد من صحة روايات الشهود من جهة مستقلة لان السلطات الليبية لا تسمح بدخول الصحفيين الاجانب الى البلاد منذ تفجر الاحتجاجات ضد القذافي ومنع الصحفيين المحليين من السفر الى بنغازي. وكثيرا ما تكون اتصالات الهاتف المحمول خارج الخدمة كما قطعت خدمة الانترنت في ليبيا وذلك حسبما ذكرت شركة امريكية تراقب حركة الانترنت.

Top