“كوفيد 19 ” يربك التلاميذ و أولياء الأمور ويخلط أوراق سوق الكتب وأصحاب المكتبات

تشهد أسواق الكتب المستعملة كساداً تجارياً عصف بتجارة العديد من البائعين في هذه الفترة من الموسم الدراسي الجديد. أسواق فارغة، أزقتها أضحت ملجأً للأشباح بعد أن كانت، مطلع كل موسم دراسي، مكتظة بالزوار و الزبناء.
إقبال ضعيف ومحتشم جعل هؤلاء الباعة يعدون الدقائق والساعات في حالة ترقب آملين أن يفتح باب الأمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و عودة الحياة الطبيعية إلى ما كانت عليه في السابق.

كساد وترقب

و بعد أن دب النشاط تدريجيا في البلاد بعد رفع الحجر الصحي استبشر الكل خيرا متمنين أن تعود عجلة الاقتصاد للدوران مجددا، لكنّ سلوكيات وممارسات بعض المواطنين خاصة خلال عيد الأضحى المبارك و ما شاب هذه المناسبة من خروقات لإجراءات السلامة الصحية و الوقائية أدخلت البلاد نفقا ضيقا و جولة أخرى من الحسابات.
ولاشك أن هذا القطاع ليس هو الأول أو الأخير الذي لم يسلم من تبعات و تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد الذي ألقى بظلاله على شتى المجالات الحيوية ورمى بها في زوبعة من الأزمات.
فالقرارات التي اتخذتها وزارة أمزازي، والخوف الذي ينتاب عدد من أولياء الأمور بخصوص إرسال أطفالهم إلى المدرسة، وتردد آخرين في شراء اللوازم المدرسية، جعل أمهات و آباء و أولياء أمور التلاميذ مرتبكين بين اختيار التعليم الحضوري أو التعليم عن بعد. كلها عوامل تساهم في زيادة حدة التوتر و الخوف في صفوف الكتبيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر أن تعود الأمور إلى نصابها و أن يرجع كل شيء إلى حالته الطبيعية.
وعبر يوسف بورة عن حزنه لما وصلت إليه هذه التجارة من كساد هذه السنة والذي أرخى بظلاله على قرابة مائتي كتبي في جميع ربوع المملكة نتيجة لإغلاق محلاتهم خلال فترة الحجر الصحي.
يضيف يوسف قائلا “هذه المهنة من أصعب المهن. إذا أردت أن تصبح كتبيا تحتاج إلى مال قارون و صبر أيوب و عمر نوح”
وأكد رئيس الجمعية المغربية للكتبيين، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن إغلاق محلات الكتبيين في الأشهر الماضية تسبب لهم في خسائر مادية ناهيك عن إلغاء المعرض الوطني للكتاب، وهو ما زاد الأمر تعقيداً حيث كانوا مستعدين له منذ شهور لاقتناء كمية كبيرة من الكتب استثمروا فيها مدخراتهم المادية لكن بعد ذلك عجزوا عن تحقيق أي توازن في تجارتهم الحالية التي تعاني من مشاكل وإكراهات عديدة، على حد قوله.
وفي ظل هذه الوضعية، تقتصر مطالب هؤلاء الكتبيين، حسب رئيس الجمعية، في وقوف الحكومة إلى جانبهم، ومد يد العون لهم، ومساعدتهم في الحصول على قروض بنكية من أجل تجاوز الأزمة وإبقاء مهنتهم على قيد الحياة.
أما بالنسبة لبائعي الكتب الجديدة، فهم أيضا في حيرة من أمرهم في ظل عدم اتضاح معالم الدخول المدرسي الجديد، فالخوف يلازمهم بخصوص تبعات قرار الدراسة عن بعد، علما أنهم يعانون من مشاكل في القطاع لم يتم حلها إلى حد الآن ما سيزيد الطين بلة ويضعهم تحت مطرقة الكساد التجاري نتيجةً لقلة الزبناء المقبلين على شراء الكتب و الحقائب المدرسية، ويرجع ذلك لاختيار بعض المواطنين دراسة أبنائهم عن بعد مخافة إصابتهم بالفيروس حيث لن يحتاجوا بذلك للحقائب المدرسية أو حتى الكتب بل فقط لوحة اليكترونية أو حاسوب و دفتر يفي بالغرض.
وفي هذا الصدد، يؤكد لنا محمد، وهو صاحب مكتبة بمدينة الدار البيضاء، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه إذا كان الإقبال مكثفا من طرف المواطنين على خيار الدراسة عن بعد سيكون ذلك ضربة موجعة لأصحاب المكتبات، الذين يعانون أصلا من مشاكل متعددة في القطاع، مضيفا أن الرواج التجاري تجمد خلال هذه الأيام و أصبحنا نشعر بخطورة هذا الوضع يوما بعد يوم، مما سوف ينعكس سلبا على تجارتنا و قد يحيلنا على حافة الإفلاس، كما يشير محمد إلى أن هناك احتمالا لزيادة في أثمنة المستلزمات المدرسية بسبب صعوبة استيرادها وسيعرف السوق نقصا كبيرا في الكتب المدرسية على حد قوله.
وبين الشد والجذب، وتخوف بعض الأسر المغربية من إرسال أبنائها إلى المدارس وتردد آخرين في شراء الكتب المستلزمات المدرسية يبقى أمر الرقمنة أو الحضور معلقا، يضع الكتبيين على حافة الأزمة والإفلاس.

تخوف من الآتي

و بين مؤيد و معارض لقرارات وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، التي تروم تنظيم و برمجة الموسم الدراسي الجديد في أحسن الظروف، و على الرغم من تمكين أولياء الأمور من الاختيار بين التعليم الحضوري و التعليم عن بعد، أضحى أولياء الأمور متخوفين من كلا القرارين، من الحضور و شبح الإصابة أو الدراسة عن بعد و إهمال الدراسة خاصة بعد إعلان وزارة أمزازي عن اختيار أغلب المواطنين “الصيغة الحضورية” و التي تجاوزت عتبة 80 بالمائة.
وأوضح الوزير، في بلاغ تلاه في أعقاب المجلس الذي انعقد برئاسة سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، أنه أطلع أعضاء المجلس على الاستعدادات الجارية للتحضير لهذا الدخول بتنسيق مع السلطات المحلية والصحية، من خلال تفعيل التنظيم التربوي وإرساء البروتوكول الصحي وكذا الاستعداد لاستقبال التلاميذ ابتداء من اليوم وفق البرمجة التي تم وضعها وبانخراط جميع فعاليات المجتمع ولاسيما الأطر التربوية والإدارية وجمعيات أولياء أمور التلاميذ.
و تحت مجهر الترقب تطرح العديد من الأسئلة حول الوضع الحقيقي للموسم الدراسي الجديد و مصيره في حالة اكتشاف الإصابات في صفوف التلاميذ نتيجة للإقبال المكثف على التعليم الحضوري، و هل سيشهد النظام التعليمي لهذا الموسم طعنة أخرى قد تزيد الوضع صعوبة…؟؟؟

من الخصوصي إلى العمومي

و تحت وطأة حقل متسلسل من الأزمات، التي يعاني منها العديد من آباء و أولياء أمور التلاميذ الذين لم يسووا وضعيتهم المادية مع مدارسهم الخصوصية و التي فرضت عليهم أداء واجبات الأشهر الماضية التي لم يتم دفعها بعد، من أجل التسجيل في الموسم الدراسي الجديد أمام تكلفة تسجيل لازالت تخلق جدلا واسع حتى الآن حول قانونيتها، خاصة الشق المتعلق بالتأمينات و الذي اعتبره البعض مبالغاً فيه، وبين الأمواج التي يتلاطم بينها أولياء الأمور، أضحى التسجيل في المدارس العمومية رغبة ملحة تفرضها عليهم الظروف لكنها صعبة المنال في ظل حالة الاكتظاظ داخل المدارس العمومية.
و لقد أثار تصريح سابق لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، بشأن “عدم استعداد المؤسسات التعليمية العمومية استقبال عدد كبير من التلاميذ، الذين يدرسون في التعليم الخصوصي”، استياء أولياء أمور التلاميذ ، الذين يتابعون دراستهم في التعليم الخصوصي مما قد يضعنا أمام تساؤلات حول مصير التلاميذ في حالة عدم قدرتهم على تسجيل أبنائهم في هذه المدارس.
و يبقى النقاش حول سيناريو الدخول المدرسي” حضوري أو عن بعد” و كذا تطور الحالة الوبائية في البلاد، مثيرا لدرجة تنعكس معها الآراء على “بورصة الكتب المدرسية، وترتبك معها حسابات أولياء أمور التلاميذ، على اعتبار أن البعض منهم لم يحسم في قراره و لم يقبل بعد على شراء الكتب و المستلزمات المدرسية.

رضا إد القاضي(صحفي متدرب)

****

خالد الشكراوي: التعليم عن بعد يجب أن يصبح مؤسساتيا بنسب معينة

قال خالد الشكراوي، باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إن التعليم عن بعد يجب أن يصبح مؤسساتيا بنسب معينة حتى بعد انقضاء جائحة «كوفيد-19»، وذلك تحسبا للأزمات التي قد تحدث مستقبلا.
واعتبر الباحث، في نقاش عبر الويب نظمه المركز، في إطار برنامجه الأسبوعي «حديث الثلاثاء»، لمناقشة الدخول المدرسي في ظل أزمة «كورونا»، أن الأزمة الراهنة فرصة لاستخلاص الدروس ووضع تصورات استباقية لمواجهة أي أزمة مستقبلية، داعيا إلى تفعيل الآليات التقنية وتدبيرها والاشتغال بالأدوات المتاحة قصد تنزيل هذا الورش على أرض الواقع.
وفي أفق انطلاق الموسم الدراسي الجديد تحت شعار «من أجل مدرسة متجددة ومنصفة ومواطنة ودامجة»، حث الشكراوي على وضع الثقة في الأطفال والشباب المغاربة، على اعتبار أنهم يتفوقون على الآباء في استعمال التقنيات الحديثة، مؤكدا أن الأزمة الحالية الناتجة عن «كوفيد-19» قد تشكل فرصة للتطور ومنعطفا لتطوير المنظومة التعليمية من خلال التفكير في مقاربات ديداكتيكية وبيداغوجية جديدة.
وبخصوص الأصداء التي أعقبت قرار وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي باعتماد المزاوجة بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري بشكل اختياري، دعا الباحث إلى الابتعاد عن «جلد الذات» وتجنب الانتقادات التي تغيب عنها المبادرات وتقديم الحلول، بالنظر إلى أن المملكة تواجه جائحة غير مسبوقة، سواء على مستوى السياسات العمومية أو التدبير العمومي بشكل عام.
وأضاف أن القطاع المعني واجه جملة من التحديات في خضم هذه الجائحة أبرزها إتمام الدورس باعتماد التعليم عن بعد دون تحضير مسبق، وتدبير الامتحانات بالموازاة مع التعامل مع سيناريوهات الدخول المدرسي الجديد، مبرزا أن القرارات المتخذة تتلاءم مع الإمكانات المتوفرة والظروف الاستثنائية، وتراعي المرونة في الطرح والتطبيق على حد سواء، على اعتبار أن إعداد دروس التعليم عن بعد يختلف عن إعدادها للتعليم الحضوري.
وعن مقارنة جودة التعليم الحضوري بجودة التعليم عن بعد، أخذا بعين الاعتبار غياب التأطير التربوي، قال الشكراوي إن من الصعب تقييم تجربة التعليم عن بعد من حيث الكيف، على اعتبار أنه تجربة جديدة على المستوى البيداغوجي، و»لا يمكن الحديث عن الكيف لأن الظرفية الراهنة لا تسمح بإجراء مقابلات ودراسات ميدانية بهذا الخصوص». واعتبر بهذا الخصوص أن تدبير التعليم عن بعد أسهل في المستويات العليا مقارنة بالمستويات الابتدائية التي تتطلب آليات مادية ومحسوسة.
أما بخصوص الرهانات التي تواجهها الساكنة القروية، بصفة خاصة، للولوج إلى وسائل التكنولوجيا اللازمة لمتابعة الدراسة، فقد أكد الباحث أن التحدي المطروح مهم جدا، بالنظر إلى أن الآليات التي يمكن اعتمادها على مستوى التعليم عن بعد ليس من السهل تنزيلها على أرض الواقع، وأن المشكلة الكبرى تكمن في التعامل مع المقاربة السمعية-البصرية وتقبلها وتتبعها داخل البيوت، وهو ما يستدعي إشراك مختلف المؤسسات التربوية في تدبير هذا الشأن.
من جهته، قال عبد الله ساعف، وهو أيضا باحث بارز بالمركز، إن المقاربة المعتمدة من لدن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي تتكيف مع تطور الأحداث الراهنة، معتبرا أن مقترح المزاوجة بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري بشكل اختياري يبقى قابلا للتعديل والتوسيع ويحتاج لإشراك جميع الفاعلين المعنيين في المشاورات واتخاذ القرارات.
وبخصوص التفاوتات الاجتماعية والطبقية على مستوى جودة التعليم، أوضح الباحث أن جودة التعليم يتم بناؤها عبر مراحل ولا يتم تحقيقها دفعة واحدة، داعيا في هذا الصدد إلى تفادي التركيز على رفع نسب التمدرس على حساب جودة النظام التعليمي.
وشدد ساعف على أن هناك حاجة ماسة، في خضم جائحة (كوفيد-19)، إلى تقديم برامج الدعم المناسبة للتلاميذ والطلبة تأخذ بعين الاعتبار المعطى الرقمي الراهن، فضلا عن إعادة النظر في كيفية إعداد المناهج والدروس بغية تحسين الأدوات والوسائل التربوية والبيداغوجية المتاحة في المنظومة التعليمية.
أما فيما يتعلق بخطر تفاقم أزمة قطاع التعليم جراء الأزمة الحالية، فقد حث الباحث جميع الفاعلين المعنيين على النزول إلى الميدان والاشتغال بدقة قصد معالجة أوجه القصور، وترصيد التجارب في هذا القطاع وتوسيعها. واعتبر أن أزمة (كوفيد-19) فرصة للعمل على تحسين النظام التعليمي المغربي، الذي حقق، ولا يزال، إنجازات مهمة على مر السنين، والارتقاء به لمواكبة التحديات الراهنة.
يشار إلى أن «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد» هو مركز مغربي للدراسات تم إنشاؤه عام 2014 في الرباط، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزءا لا يتجزأ من الجنوب الشامل.
ومن هذا المنطلق، يعمل المركز على تطوير مفهوم «جنوب جديد» منفتح ومسؤول ومبادر يصوغ سرديته الخاصة ويبلور تصوراته ومنظوره لحوض المتوسط والجنوب الأطلسي في إطار خال من أي مركب تجاه باقي العالم.

***

وزارة التضامن تصدر دليلا بروتوكوليا لاستئناف دخول تربوي واجتماعي آمن

كشفت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، عن دليل بروتوكولي خاص يفصل عملية استئناف خدمات المراكز المستقبلة للأشخاص في وضعية إعاقة لسنة 2020/2021 التي ستنطلق ابتداء من 15 شتنبر الجاري وفق أنماط ملائمة للتكفل الاجتماعي، ومراعاة لحدة الإعاقة وإمكانية التأطير وشروط الاستيعاب داخل المراكز.
وتأتي هذه الإجراءات تنفيذا واتباعا للتدابير الاحترازية الرامية للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، بعد فترة توقف الخدمات الحضورية بالمراكز المستقبلة للأشخاص في وضعية إعاقة من أجل ضمان دخول تربوي واجتماعي آمن.
وفي بلاغ لها أشادت الوزارة بالتفاعل الإيجابي للجمعيات التي تنجز مبادرات اجتماعية خلال هذه الظرفية الاستثنائية التي تشهدها بلادنا، كما تدعو الوزارة الجميع إلى مزيد من الانخراط الفعال والتعبئة الشاملة، من أجل تمكين هذه الفئة من المواطنات والمواطنين وضمان الحماية اللازمة لهم والمساهمة في اندماجهم الكامل وتفادي انعكاسات فترة الحجر الصحي.
كما دعت الوزارة أمهات وآباء وأولياء الأمور على التواصل بشكل مستمر مع المختصين العاملين بالمراكز، واحترام إجراءات السلامة الصحية والوقائية من أجل رفع مختلف التحديات لتجاوز الصعوبات الراهنة التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا المستجد.

***

عن التعليم الهجين

انتشرت أزمة وباء كورونا اللعين كالنار في الهشيم في كل المجتمعات البشرية..ولم ينج قطاع التربية والتعليم من تداعياتها ونحن على أبواب الموسم الدراسي الاستثنائي الجديد.
بدون شك، ومع رفع وزارة التربية والتعليم تحدي فتح المدارس في وجه التلاميذ مع احترام الإجراءات الاحترازية تطرح تساؤلات عديدة منها:هل مؤسساتنا التعليمية قادرة على رفع هذا التحدي؟ وهل هي مستعدة للدخول المدرسي في ظل محدودية الإمكانيات الوقائية الاحترازية لمواجهة «كوفيد 19 «غير المرئي  وكذلك في ظل شح الموارد البشرية الكافية لتنظيم حركية التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية..إنه تحد خطير وغير مضمون  في ظل ظهور بؤر الوباء ببعض المؤسسات التعليمية. 
ففي حالة ظهور البؤر بإحدى المدارس، سيتم إغلاق  المدرسة إلى موعد لاحق وسيتم تطبيق نمط التعليم عن بعد في حين ستستمر الدراسة بالنمط الحضوري. وهنا سيغيب مبدأ تكافؤ الفرص. .
لقد طالب بعض أولياء أمور التلاميذ باستمرار نظام الدراسة حضوريا وعبروا عن ذلك في المطبوع الذي وفرته الوزارة لكنهم ألحوا على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية وكذا البرتوكول الصحي  وعدم الاختلاط  وارتداء الكمامات والقيام بالتعقيم..وهي مسؤولية مجتمعية تتقاسمها الأسرة والمدرسة باعتبارهما شريكين في خدمة مصلحة التلميذ وصناعة مستقبل أفضل وركيزتين هامتين لدعم مسيرة التنمية المستدامة. 
إن حالة الترقب والخوف التي تمر بها بلادنا والتي فرضتها جائحة كورونا  والقلق الذي تعيشه الأسر  وعدم قدرة وزارة التربية الوطنية على اتحاد قرار حاسم بخصوص عودة التلاميذ التامة والمستمرة إلى الفصول الدراسية أو الالتزام التام بالدراسة عن بعد..فالحل وهو مسك العصا من منتصفها وتوزيع الزمن المدرسي بين المنزل والأسرة. 
إن عيون الأسر وكذا نساء ورجال التعليم شاخصة لاستقبال هذا الموسم الدراسي الاستثنائي..كيف سيكون التعليم الهجين؟ وهل سيتمكن التلاميذ من الالتزام بكل شروط السلامة الصحية لحماية أنفسهم وأساتذتهم وأسرهم من عودة انتشار كورونا؟
إن الترقب والقلق والخوف لا يغيب ولن يغيب طالما أن العالم لم يتوصل بعد إلى اعتماد اللقاح المناسب والمؤكد لمواجهة وباء كورونا..لذا تواجه المؤسسات التعليمية اختيارا جديدا مع عودة الدراسة والاستعداد لموسم دراسي استثنائي  متأرجح بين نمط التعليم الحضوري داخل الفصول الدراسية  وبين الحضور الافتراضي والدراسة عن بعد.. 
مهم أن يتواجد التلاميذ في المدارس من أجل التفاعل مع أساتذتهم واكتساب مهارات العمل التطبيقي والتواصل مع التلاميذ والأساتذة.  فالتعارف الشخصي  وجها لوجه، يكسب التلاميذ ثقة بأنفسهم  ويمنح الأساتذة مفتاحا لمعرفة طبيعة تلاميذهم عوض أن يكونوا مجرد صور أو أرقام أو أسماء.
إن التعليم الهجين في نظري يتضمن خلفيتين مهمتين:  الوقاية من انتشار كوفيد19 بشكل تزايد ومنح التلاميذ الاستراحة من القلق اليومي  والاشتغال بمسائل التعقيم  والحفاظ على المسافة والتباعد  وعدم الاختلاط…ثم العودة إلى المدارس لتنشيط الحركة والتفاعل المباشر بين التلاميذ والأساتذة. 
أما عن التعليم الحضوري الذي قررت وزارة التربية والتعليم تطبيقه مع بداية هذا الموسم الدراسي الاستثنائي يفرض على المجتمع المدرسي والأكاديميات والمديريات الإقليمية  توفير المستلزمات الصحية من معلمات وحمامات وآليات قياس درجات الحرارة  والحرص على تفادي التجمعات داخل وخارج المدارس…وهذا بالطبع يشكل تحديا ليس بالأمر السهل في ظل الواقع الذي تعيشه مؤسساتنا التعليمية  حيث شخ الموارد البشرية خاصة الأعوان والإداريين  ومحدودة الإمكانات الخاصة بشروط السلامة لحماية التلاميذ والأساتذة.
إن اختيار نمط التعليم الحضوري في الوقت الحالي يعتبر مغامرة. فنحن نخشى على تلامذتنا الاختلاط في المدارس
فلا نعلم من هو مصاب  ومن هو سليم 
 إذن يظل التعليم الهجين هو النمط التعليمي المناسب حاليا. لكنه يتطلب إعداد الأساتذة وبناء منهج تفاعلي ووضع أساليب  تتوافق مع المنهج واختيار التكنولوجيا لكل منهج  وإشراك جمعيات آباء و أولياء التلاميذ في نمط التعليم الهجين  لدمج ما يحصل عليه التلميذ في المدرسة  مع الحياة اليومية. 
إن التعليم الهجين يظل نهجا جديدا سيستمر في ظل أزمة كورونا، وربما سيكون هو مستقبل  التعليم للأجيال القادمة.

خليل البخاري 

Related posts

Top