الترسانة القانونية المنظمة للعقار بالمغرب تشوبها اختلالات

ذكر تقرير تركيبي حول واقع حال قطاع العقار، أن تنوع الأنظمة القانونية التي تنظم العقار وتعدد المتدخلين والفاعلين المؤسساتيين يمثلان أبرز إكراهين يواجههما قطاع العقار المغربي.
وكشف هذا التقرير، الذي قدمه خلال المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة، عبد المجيد غميجة، عضو اللجنة العلمية للمناظرة، أن هذه الحالة أفرزت عددا من الإكراهات والاختلالات والقيود التي تحول دون تنقية الوضعية القانونية والمادية للعقار وتنظيم تبادله واستعماله.
ولاحظ التقرير أن هناك العديد من النصوص القانونية المنظمة للعقار تعود إلى بداية القرن الماضي في عهد الحماية، مسجلا أن تنوع البنية العقارية بالمغرب نجم عنه تعدد النصوص القانونية التي تنظم العقار بمختلف أشكاله، مما أدى إلى تشتت وتداخل القواعد المطبقة على الملكية العقارية، مع ما ينتج عن ذلك على مستوى الأوضاع القانونية المعقدة والمركبة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من المجهود التشريعي الهام، فإن الترسانة القانونية المنظمة للعقار تشوبها بعض الاختلالات، وخاصة غياب رؤية شمولية ومندمجة من أجل تحيين وتحديث هذه الترسانة، فضلا عن عدم ملاءمة مختلف النصوص المسيرة للعقار مع القوانين الأخرى المتعلقة باستعماله، وغياب التنسيق والتوافق وكذا غياب مراسيم تطبيقية وآليات تنظيمية.
كما سجل التقرير أن النظام العقاري المغربي تطبعه الازدواجية، حيث يتعايش نظام العمارات المرقمة المنظمة وفق مقتضيات الترقيم العقاري ونظام العمارات غير المرقمة والذي يوجد خارج حقل تطبيق هذه المقتضيات.
ويتميز النظام العقاري المغربي بتنوع بنياته. ففضلا عن الملكية الخاصة التي تمثل نسبة 75 في المائة من الوعاء العقاري الوطني، هناك الملك العمومي للدولة، والملك الخاص للدولة، والمجال الغابوي، ومجال الجماعات الترابية، وأراضي “الكيش” وأراضي الأوقاف.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن هذا التنوع لا يمثل إشكالية في حد ذاته، فإن طريقة تدبيره تنطوي مع ذلك على العديد من الإكراهات التي تؤثر سلبا على تأمين الوضعية القانونية لهذه الأنظمة العقارية المتنوعة، وعلى تعبئتها واندماجها في التنمية.
وقد أثر هذا التعدد والتنوع في البنية العقارية على مراقبة وتنظيم الملك العقاري على المستوى المؤسساتي.
ويتعلق الأمر بوزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الداخلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والوزارة المكلفة بالتجهيز، وكذا المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر.
هذا التعدد على مستوى المتدخلين يطرح إشكالية التنسيق والتوافق بين مختلف الهيئات المكلفة بالتدبير وعدم توحيد الرؤية في ما يتعلق بالتحكم في هذا الميدان، وتنظيم استعماله وتعبئته.
وكشف التقرير عن وجود العديد من الاختلالات المرتبطة بهذه الوضعية، والمتمثلة، بالخصوص، في صعوبة التحكم في الحالة المادية للأملاك العقارية العمومية غير المرقمة، وغياب قاعدة معطيات مخصصة للعقار العمومي، ونشوب نزاعات بين الأنظمة العقارية العمومية وصعوبة إعادة تشكيل الاحتياط العقاري العمومي لمواكبة المشاريع التنموية.
ومن جهة أخرى، سجل التقرير ضرورة تأمين الملكية العقارية وتعزيزها، وضمان استقرار المعاملات العقارية وحماية حقوق ملاك وذوي الحقوق الفعليين وتوطيد الثقة والادخار العقاري.
ومن بين الإكراهات المطروحة في مجال تأمين العقار وحماية الملكية العقارية، شدد التقرير، بالخصوص، على ضرورة متابعة تعدد النزاعات بين مختلف الأنظمة العقارية وبطء تطهير الأوضاع العقارية الموروثة والمتقادمة ومساطر نزع الملكية وضعف نجاعة الخبرة التي تجريها لجن إدارية للتقييم.
وتهدف المناظرة، المنظمة تحت شعار”المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، إلى فتح نقاش موسع بغية تشخيص واقع السياسة العقارية للدولة بمختلف تجلياتها، والوقوف على أبرز الإكراهات والاختلالات التي قد تعيق قطاع العقار عن الاضطلاع بوظائفه الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، واقتراح التدابير التشريعية والتنظيمية والإجرائية الكفيلة بضمان إصلاح فعال لقطاع العقار وتحسين حكامته.

Related posts

Top