الفلاحة وفرص الشغل .. رؤية إعلامية

قال الصحافي، ومعد ومقدم برنامج خير لبلاد، على القناة الثانية، بن داوود كساب، إنه من خلال مواكبته واشتغاله ضمن برنامج خير البلاد، وفي مجموعة من مناطق المغرب باختلافها، والحلقات التي قام بتغطيتها والاشتغال عليها، لاحظ أن هناك تحول وتطور ملموس بالنسبة لطريقة الاشتغال لدى مجموعة من الناس.
وتابع الصحافي كساب، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه “مثلا إذا أخدنا العنصر النسوي، تبين من خلال المبادرات التي اشتغلن عليها في المجال الفلاحي، أنها غيرت حياتهن، واستطاعت أن تنقلهن وتخرجهم من دائرة العوز والحاجة، فأصبحن مدبرات جيدات، يشتغلن بشكل حرافي، ويبحثن عن الأسواق بأنفسهن لتسويق منتجاتهن.

أزيلال .. تحدي البطالة

وأبرز معد ومقدم برنامج خير لبلاد، مجموعة من الأمثلة الحية، عن ما أشار إليه، مبرزا على سبيل المثال تعاونية نسائية، بمنطقة تيموليت بإقليم أزيلال، ضواحي أفورار، أغلبية أعضائها نساء (15 عضو أنثى من جملة عضو 19)، موضحا أن هؤلاء النساء هن مجموعة من الشابات خريجات الجامعات، كن معطلات أو عاطلات، قبل أن يشتغلن على تثمين زيت الزيتون البلدي، وتابع قوله: “بدأن عملهن قبل 5 سنوات بقنطار من الزيتون فقط، يعملن على عصره وتحضير الزيت منه، واستمرت إلى أن وصلت في إحدى السنوات إلى ثلاثين طن، وبفعل العمل التعاوني استطعن تطوير مدخولهن، وأن يحسن من طرق عيشهن، وأصبحن لا يتنازلن عن الرتبة الأولى في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، لثلاث سنوات على التوالي، وما أثارني في الحلقات التي صورت معهن، أن لغة البكائية ولغة لا شيء تحقق غير حاضرة لديهن، على اعتبار أن مشكل التسويق يعتبر من بين المشاكل الكثيرة الموجودة عند مجموعة من التعاونيات، لكن هاته النساء يأخذن المبادرة، يحضرن المعارض الجهوية، بل تفكيرهم يصب على محاولتهن كراء محلات بمجموعة من المدن لتجاوز مشكل التسويق”.

أمزميز .. حضور قوي ودخل جيد

وفي السياق ذاته كشف الصحافي بن داوود كساب، عن تجربة ثانية، معتبرا أنها لا تقل أهمية عن الأولى، مشيرا إلى أنها مائة في المائة نسائية، واشتغلت على تثمين منتوج التفاح في وقت كانوا الفلاحين والفلاحات يبيعونه بثمن زهيد، وكان السماسرة يتحكمون في السوق بالثمن الذي يريدونه “ثمن هزيل جدا، علما أن جودة منتوج تفاح بمنطقة أنوكال التي تبعد عن أمزميز بقرابة 20 كلم جيدة ومتميزة.
وقال كساب إنه “رغم صعوبة المسالك، استطعن هؤلاء النساء الحصول على مقر وعلى وحدة للتبريد، وعملوا على تثمين 3 أنواع من التفاح، والإيجابي في العملية، أنهن طورن المنتوج، وأصبح يباع بثمن جيد، وأصبح لجميع النساء دخلا محترما، والأدهى من ذلك أنه رغم مشاكل السماسرة، استطعن تطوير منتوجهن، ويشتغلن على محو الأمية، وغيرن صورة المرأة بالمنطقة، حتى أصبحت أكثر حضورا مقارنة مع الرجل من ناحية تحسين الدخل”.

الحوز .. التكوين طريق للاكتفاء الذاتي

وفي الإطار ذاته، قال كساب، “هناك تجربة أخرى أيضا فريدة من نوعها في إقليم الحوز، وهي تجربة الفرق المهنية، مجموعة من الشباب خضعوا للتكوين في المجال الفلاحي، وأصبحوا يشتغلون في ضيعات آبائهم، وفي ضيعات آخرين من خلال “زبير الشجر”، يعني حصلوا على التكوين، وأهلهم لحصولهم على دخل فردي، الضعيف منهم يحصل على 100 درهم في التدخل الواحد لدى الفلاحين، واليوم الفلاح يبحث عن من يتدخل من المؤهلين، هؤلاء الشباب وعددهم سبعة، يقومون بالغرض، وقريبا سيتم بث الحلقة التي غطت هذا الموضوع”.

تالوين .. لغة التفاؤل والطموح

وأكد الصحافي كساب، على أن تجارب أخرى، دائما في إطار التشغيل كرافعة، وتتجسد في العمل في إطار تعاونية، مؤكدا أنه أعطى نتائج إيجابية جدا، ونمى المناطق وأعطى قيمة للمنتوج وللمرأة، “هذه أنا أشهد بها من خلال حضوري بمجموعة من المناطق، وفي هذا الصدد، هناك تجربة استأثر اهتمامي في إحدى الحلقات التي اشتغلت عليها، شاب طموح لا يتجاوز 30 سنة من عمره، يشتغل على الثوم، في منطقة أساكي المعروفة بالثوم والزعفران ضواحي تالوين، منطقة، والمنطقة معروفة كمجال لإنتاج الثوم، لكن بالشكل العشوائي والتقليدي، وبأثمنة رخيصة في ظل السمسرة دائما، هذا الشاب استطاع أن يحدث تعاونية ويشتغل على مشتقات الثوم “زيت الثوم، مسحوق الشعر من الثوم..”، ما أثارني فيه هو طموحه، وحضور لغة التفاؤل لديه، كما أن لديه تكوين دراسي جيد، وحاصل على دبلومات، لكنه فضل الاستقرار بمنطقة أساكي، وأن يحرك وينمي المنطقة، بالثوم العلامة البارزة بالمنطقة”.

طريق محاربة الهشاشة والفقر

أبرز الصحافي كساب، أنه من خلال متابعته لمجموعة من المناطق، ومجموعة من المبادرات الفلاحية الناجحة، سواء في إطار تعاوني أو مبادرات شخصية فردية، تبين له بالملموس أن ما يصطلح عليه بمحاربة الفقر والهشاشة في البادية أخذت مسارا إيجابيا مقارنة مع المدن، معتبرا أن محاربة الفقر والهشاشة من خلال المبادرات الفردية لمجموعة من الفاعلين في الحقل الفلاحي بالقرى والبوادي أعطت آثارا إيجابية مقارنة مع المدن، مضيفا: “هؤلاء الشباب والشابات أو العنصر البشري بشكل عام، استفادوا من الدعم والوسائل والتجهيز والدورات التكوينية، وكل هذه الأمور ساهمت في أنه يخلق لنفسه دور إيجابي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يعني في الوقت الذي كان فيه المنتوج يسوق بشكل عادي جدا، أصبح لدى أصحاب هذه المبادرات عقلية مهنية، أصبحوا مهنيين أكثر، يشتغلون بلغة السوق، لهم دراية واسعة في ثقافة الماركوتينغ، وهذه الأمور التي قد لا نراها في مناطق أخرى (حضارية)، يعني التكوين والمهنية أنتجا فلاحا مبادرا وناجحا، وهذه ليست صورة خيالية، بل ما رأته عيني، في مجموعة من المبادرات، مثلا إلى وقت قريب، كان الثمر يباع بشكل تقليدي وعشوائي، لم يكن هناك حس التعليب والتثمين والتجويد، حاليا المستهلك لا يهمه أن يقتني كليوغراما من الثمر بثمن زائد قليلا إذا وجد منتوجا جيدا ومعلبا، يعني ثقافة الفلاح أصبحت متطورة، أصبح له هاجس تطوير المنتوج، وهذه الأمور كلها لن تعود إلا بالنفع على بنية المجتمع أو القرية، وهذا ما لمسته عن قرب”.

انتقال لوجيستيكي وثقافي

من جهة أخرى، قال الصحافي، ومعد ومقدم برنامج خير لبلاد، بن داوود كساب، إنه إلى جانب الانتقال من ما هو تقليدي إلى ما يمكن اعتباره عصري أو شبه عصري، والذي يلاحظ على مستوى وسائل اشتغال الفلاح، هناك انتقال آخر ويمس أساس عقلية وثقافة الفلاح، مشيرا إلى أنه أصبح يعي أين يذهب، أصبح يحسب، أصبح عقلاني في تدبيره، مستطردا أن الفعل التعاوني، وبحثه عن المعلومة التي لم يعد في انتظار من يقدمها له، من ساعداه على ذلك، إلى جانب أهمية التكوين في المجال الفلاحي وإحادثه لفرص الشغل، مضيفا: “هناك معاهد كثيرة ومدارس متطورة، وهناك خريجين استطاعوا أن يشتغلون في ضيعات كبيرة أو مشاريع خاصة بهم، أو في ضيعات أسرهم، وهناك تجربة جميلة جدا ولو أن الحلقة الخاصة بها لم تبث بعد، في الجنوب المغربي بجهة سوس ماسة، إحدى التعاونيات تشتغل على إنتاج الحليب، انتقلوا من نسبة إنتاج معينة إلى نسبة كبيرة جدا، لكنهم لم يهملوا جانب التكوين والجانب التربوي والاجتماعي، يعني أبناء الفلاحين الذين غادروا المدرسة، يلتحقون بالتكوين في المجال الفلاحي، ويشتغلون في ضيعاتهم أو ضيعات أخرى، أو إنشاء مشاريع خاصة بهم، وهناك قرابة 400 خريج في تلك المنطقة فقط”.

***

بن سليمان .. تعاونية فلاحية مصدر رزق أسر بالمنطقة

على بعد 55 كلم تقريبا، عن العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، توجد التعاونية الفلاحية العثامنة، التي تأسست سنة 2011، وبالضبط، بدوار الغزاونة، جماعة الزيايدة، إقليم بنسليمان.
أربعة أسر إلى جانب المالكين والمسيرين، يعيشون بشكل دائم على مداخيل هذه التعاونية، التي تنتج أكثر من 3900 لتر من الحليب يوميا، إلى جانب عمال آخرين مياومين يشتغلون بشكل موسمي وعند الحاجة.
قرابة 100 أسرة تستفيد من خدمات التعاونية، التي تهدف أساسا إلى تأطير ومواكبة الفلاحين وتسويق منتوجهم الحليبي اليومي وتمويلهم بالمواد العلفية والبدور وغيرها، ويشار إلى أنها تعد أول تعاونية تحصل على شهادة السلامة الصحية onssa بجهة الشاوية ورديغة وإقليم بنسليمان.
معضلة التسويق

في هذا الصدد قال مسير التعاونية، كساب بن لحسن، إن مشاكل التشغيل بالنسبة للفلاحين الصغار والمتوسطين تكمن في أداء مصاريف تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي وصعوبة المساطر وعدم تدخل الدولة لإيجاد حلول لهذه التنظيمات المهنية، مؤكدا أن التعاونية التي يسيرها تساهم في خلق فرص الشغل للشباب، موضحا أنه يتم إقتناء الأبقار للمنخرطين وتوزيعها عليهم، ويكون الأداء يكون بالتقسيط.
وكشف بن لحسن، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن من أهم الإكراهات التي اصطدموا بها هي «حملة المقاطعة»، كاشفا أنه كان عندها تأثير كبير على الفلاح، وأدى فيها الثمن كثير جدا، وتراكمت الديون على التعاونيات وافلست العديد من التعاونيات، داعيا إلى تعويض الخسائر من طرف الوزارة الوصية والدولة ومواكبة الفلاحين في الظروف الراهنة.
وتابع بن لحسن قوله: «بالنسبة لي كمسير للتعاونية لدي ضيعة لتربية الابقار وإنتاج الحليب، وأنتج حوالي 600 لتر من الحليب يوميا، أشغل شخصين واحد رسمي وآخر يشتغل كحارس ليلي، بالنسبة للفلاحة أصبحت تعاني من عدة إكراهات منها معضلة التسويق وهي المشكل الذي أصبح يهدد القطاع برمته، حيث أصبح الفلاح يشتغل ليلا ونهارا حتى ينتج المحصول، وفي الأخير لا يجد سوق لتسويقه بثمن يعوض له أتعابه»، مضيفا أن سعر اللتر الواحد من الحليب وصل إلى درهم ونصف في الوقت الذي تتجاوز تكلفته ثلاثة دراهم ونصف، معتبرا أن «هذا يعني أن القطاع الفلاحي برمته يعاني من تكلفة الإنتاج وثمن التسويق».

***

عبيد السعداوي:

طلاق مشاريع لفائدة صغار الفلاحين سيمكن من خلق مزيد من فرص الشغل

أكد مدير الغرفة الفلاحية لجهة الدار البيضاء سطات، عبيد السعداوي، على أن مسألة التشغيل في العالم القروي تعتبر في صلب اهتمامات الغرفة الفلاحية لجهة الدار البيضاء سطات بالنظر للدور الذي يمكن أن تلعبه في التنمية القروية.
وتابع السعداوي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن التشخيص الذي قاموا به خلص إلى ضرورة القيام بالاستفادة من المكتسبات التي أتت بها استراتيجية مخطط المغرب الأخضر في إعادة هيكلة نسيج الإنتاج الفلاحي من خلال مشاريع الدعامة الثانية التي تخص الفلاحة التضامنية، عبر إطلاق العديد من المشاريع لفائدة صغار الفلاحين خصوصا النساء والشباب منهم.
وأوضح السعداوي أن المشاريع المشار إليها تهم إعادة تثمين المنتجات المجالية بهدف تحسين تسويقها، موضحا أنه في هذا الإطار سجل تدخل الغرفة الفلاحية عبر مواكبة الفلاحين خصوصا الشباب في الجوانب المتعلقة بالتأطير عن قرب والتحسيس والتكوين بغية تجويد المعارف والخبرات المكتسبة وتطويرها بما يتماشى مع التقنيات المستحدثة وتشجيع المبادرات الطموحة بما يساعد على تحسين الإنتاجية، مشيرا إلى أنه الشيء الذي سيمكن من خلق مزيد من الثروة وفرص الشغل، وتابع قوله: “نسوق على سبيل المثال تكوينات في مهن تثمين اللحوم و كذلك تثمين إنتاج الحليب عن طريق صناعة الأجبان وكذلك مهن تتعلق بالصحة الحيوانية كتقنيي تنقية حوافر المواشي”.
وشدد مدير الغرفة الفلاحية لجهة الدار البيضاء سطات، على أن كل هذه التكوينات تمت بالاستعانة بخبرات أجنبية لدول لديها باع طويل في هذه المجالات.

Related posts

Top