القرار: 2414

القرار الصادر عن مجلس الأمن يوم الجمعة، بخصوص قضية الصحراء، يجب قراءة مضامينه وتوصياته باستحضار السياق الإقليمي والدولي كذلك، وأيضا باستدعاء ما شهدته المنطقة في الشهور الأخيرة، سواء مناورات الجبهة الانفصالية في المنطقة العازلة وسلوكاتها الاستفزازية أو المناورات المماثلة التي كانت تقترفها الديبلوماسية الجزائرية، وأيضا الرد الصارم الذي ما فتئ المغرب يعبر عنه ضد كامل هذه الرعونة.
عندما نقرأ القرار رقم: 2414، على ضوء هذا السياق المشار إليه، نخلص إلى كونه أبرز الدور الحصري للأمم المتحدة ولم يشر مطلقا إلى أي جهة أخرى، دولية أو إقليمية، ودعا الأطراف إلى التعاون مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة…
المعطى الآخر، الذي يستحق أن يشار إليه هنا، يتعلق بكون المنتظم الدولي أمر، من خلال هذا القرار، الطرف الآخر بإخلاء المنطقة العازلة “فورا”، وسجل معارضة مجلس الأمن لنقل ما زعم الانفصاليون أنه “هياكل إدارية” إلى بئر لحلو شرق منظومة الدفاع، وبالتالي فمجلس الأمن شدد على ضرورة عدم القيام بأي تغيير في الوضع العام الميداني وأن تحترم الأطراف التزاماتها ضمن اتفاقية وقف إطلاق النار…
هذان المعطيان المذكوران يقودان، بالنتيجة، إلى التأكيد على أن قرار مجلس الأمن انتصر للموقف المغربي، ذلك أن المملكة رفضت بقوة أي تلويح أو مناورة لإقحام جهة أخرى في الإشراف على مسلسل حل هذا النزاع المفتعل، وبقيت مصرة على الدور الحصري للأمم المتحدة، وما فتئت تتقدم بالمبادرات المتجاوبة مع المنتظم الأممي…
ومن جهة ثانية، المغرب أدان بقوة استفزازات الانفصاليين في المنطقة العازلة، ولم يخف رفضه الصارم لذلك منذ البداية، وتوجه إلى الأمين العام الأممي لكي تتحمل المنظمة الدولية مسؤوليتها في وقف هذه الخروقات التي لا تخلو من عدوانية، ومن ثم، عندما يأمر مجلس الأمن اليوم الطرف الآخر بإخلاء المنطقة العازلة “فورا”، ويعارض أي إجراء أحادي لتغيير معالم ومقومات الوضع في المنطقة، فذلك يعني، بوضوح، تأييد الموقف المغربي والانتصار له.
قرار مجلس الأمن مدد مهمة بعثة “مينورسو” بستة أشهر، وليس بسنة كما درج على ذلك في السنوات الأخيرة، وذلك بالنظر لدقة الوضع في المنطقة وحواليها، وأيضا لتوالي استفزازات الطرف الآخر، وحتى يستطيع مجلس الأمن العودة، في مدى قريب، لتقييم الوضع السياسي والميداني، ومراقبة مدى الالتزام بتوصياته على الأرض، وكذلك لحث مختلف الأطراف ذات الصلة على الإسهام الفعلي في بلورة مخارج وتقديم اقتراحات ومبادرات ملموسة، على غرار ما يقوم به المغرب، للوصول إلى حل سياسي نهائي للنزاع من شأنه أن يكفل الأمن والاستقرار في المنطقة.
وحتى تصريحات ممثلي البلدان الأعضاء في مجلس الأمن عقب المصادقة على القرار، سارت في ذات المنحى، وأبرزت جدية ومصداقية المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي وأشادت بجهود المملكة…
يتبين إذن أن صرامة الموقف الوطني المغربي وهجومية أدائه الديبلوماسي على هذا المستوى، نجحا، في النهاية، في تحقيق هذا الانتصار من خلال محتوى قرار مجلس الأمن كما تمت المصادقة عليه الجمعة، ومن ثم فقد فشلت مختلف المناورات التي سبقت ذلك، وأيضا تلك الألاعيب التي اعتمدت التباسات الصيغ اللغوية والتصريحات الغامضة سواء في نيويورك أو من لدن ممثلي خصوم المملكة…
المطلوب الآن هو مواصلة هذه المعركة الديبلوماسية والسياسية، سواء في اتجاه المنتظم الأممي أو لدى الدول العضوة بمجلس الأمن أو على الصعيد العالمي والقاري بشكل عام، أو في الميدان، من خلال البرامج التنموية لفائدة المواطنين، ومن خلال مشاركة القوى الوطنية الحية وتطوير المسار الديمقراطي والإصلاحي العام ببلادنا، لتعزيز الجبهة الداخلية التي تكرس إجماعا حقيقيا حول عدالة القضية الوطنية.

< محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top