الكاتب المغربي فؤاد العروي.. ساخرا

 ينوع الكاتب المغربي فؤاد العروي في كتاباته؛ فإلى جانب كونه روائيا وقصاصا أصيلا وباحثا أكاديميا، نجده حريصا على تخصيص حيز من وقته لكتابة نصوص ذات طابع نقدي، نقد المجتمع ومشاكل الهجرة والعادات والعلائق الإنسانية بوجه عام.
 هذا الكاتب المقيم بالمهجر، وتحديدا بهولاندا، الذي اختار اللغة الفرنسية وسيلة للتعبير عن آرائه وما يختلج في وجدانه والذي حظيت إنتاجاته الأدبية بالتتويج في محافل دولية، على سبيل الذكر: «القضية الغريبة لسروال الداسوكين» الفائزة بجائزة الغونكور للقصة القصيرة.. ظل محافظا على روحه الخفيفة حتى وهو يكتب نصوصا ذات طابع جدي، كما أنه لم يضح بالبعد الجمالي والإبداعي لهذه النصوص، رغم منحاها التقريري.

الحلقة الثانية

الرائحة الطيبة لشهر الصيام

إنها مناسبة لنتمنى للمسيحيين المقيمين بالمغرب صياما طيباـ أجل الصوم المسيحي بدأ في فاتح مارس وسيستمر أربعين يوماـ كما يجب عليهم هم أيضا أن يتمنون رمضانا كريما لمضيفيهم المسلمين هذه الأيام.
 ستكون عادة جميلة أن يتم تكريس روح التسامح والتعايش السلمي التي يجب أن تسود باستمرار في بلدنا الجميل.
 تساءلت في محيطي. قليل من الناس يعرفون أن الصيام، الرمضان المسيحي إجمالا، كان قد بدأ.
لكن لا ضير، فهذا يتوافق مع روح هذا العصر المتسم بالمعاناة والتوجس.
نقرأ في الإنجيل قول القديس ماثيو:
“وإذا صمتم فلا تعبسوا كالمرائين، فإنهم يكلحون وجوههم، لِيظهر للناس أنهم صائمون. الحق أقول لكم إنهم أخذوا أجرهم. أما أنت، فإذا صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك، لكيلا يظهر للناس أنك صائم، بل لأبيك الذي في الخفية، وأَبوك الذي يرى في الخفية يجازيك”.
 إلى أولئك الذين يستغربون كوني أقوم بالاستشهاد بالإنجيل، لا أملك إلا أن أحيلهم على هذه الواقعة المثيرة والمجهولة: الإنجيل نص مقدس بالنسبة للمسلمين. لماذا لا يتم الاستلهام منه لأجل الخروج بفتوى تحرم رائحة النفس الكريهة لرمضان؟
 منطقيا، يجب عليهم أن يقرؤوه ويستلهمون منه على قدم المساواة مع القرآن.
  فضلا عن ذلك، في النص نفسه لماثيو، نجد:
 ” وإذا صليتم، فلا تكونوا كالمرائين، فإنهم يحبون الصلاة قائمين في المجامع وملتقى الشوارع، لِيراهم الناس”.
هذا الأمر نجد مثيلا له تماما في القرآن.
 لهذا السب أتوجه من خلال هذا المقال بنداء إلى مجلس العلماء:
لماذا لا تستلهمون سادتي من نص ماثيو هذا للخروج بفتوى تحرم رائحة النفس الكريهة التي تنبعث من أفواه الصائمين خلال رمضان؟
 لماذا لا تعملون بوصفته: ” فإذا صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك، لكيلا يظهر للناس أنك صائم”، مع عصرنتها بعض الشيء:
 “…ونظف أسنانك بالفرشاة وبمعجون أسنان جيد..”.
 أتذكر أحد الطوبوغرافيين بمدينة خريبكة، الذي كان فمه يتعفن بشكل فظيع خلال رمضان- كان ذلك لا يحتمل- والذي أجابني حين أبديت له هذه الملاحظة، بأن هذه الرائحة الكريهة تروق لله (ما الذي يعرفه هذا المواطن عن العفن والرائحة الكريهة؟).
 بين هذا الطوبوغرافي الساذج والقديس ماثيو، يا سادتي العلماء، قولوا لي بجد، من معه حق؟  

ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top