«الكنز الثمين ومسرحيات أخرى» لأحمـد بويـدي

«الكنز الثمين ومسرحيات أخرى» هو عنوان الكتاب المسرحي الموجه لفئة الأطفال، الصادر في طباعة أنيقة من الحجم المتوسط «97 صفحة»، عن منشورات مقاربات بمدينة فاس، لمؤلفه الفنان التشكيلي والمسرحي : أحمد بويدي.
يضم الإصدار بين طياته أربع مسرحيات : الكنز الثمين – مدينة العقاب – المتشرد – انتباه خطر متنوع. وقد صمم غلافه بلوحة جميلة وجد معبرة للفنانة التشكيلية : بشرى الزياني.
كتبت حوارات النصوص بلغة مسرحية سلسة، تراعي الفئة الموجهة إليها، إذ أفلح مبدعها في إبلاغ الرسائل التي توخى إيصالها لقرائه الصغار.بحيث جاءت المواضيع متنوعة من نص لآخر. ففي مسرحية «الكنز الثمين» المكونة من ثمان مشاهد، تحضر قيمتا الكتاب والقراءة، ومدى أهميتها في حياة الفرد والمجتمع. إذ تفلح المعلمة في إخراج التلميذين «زيد وعمر»، من حالة الخمول والكسل والتهاون، ومن لا مبالاتهما اتجاه الدرس المقدم أمامهما، ناهيك عما يطلب منهما إنجازه خارج الصف، لكن مربية النشئ ستنجح في جعلهما شغوفين ومحبين للكتاب والقراءة.
بينما مسرحية «مدينة العقاب» ذات العشر مشاهد، التي جعلت الشمس، التراب، الهواء، الماء والشجرة، تتحاور وتتعارك مع الميكروبات الثلاثة، والطفل الشقي، الذي قرر في النهاية الاعتماد على نفسه للتخلص من الميكروبات والجراثيم، التي تغلغلت في جسمه باستهتار سابق منه.
ويحضر الجانب الإنساني بقوة في مسرحية المتشرد، الثالثة في ترتيب النصوص في الكتيب، إذ تروي عبر مشاهدها التسعة، قصة سالم الذي وجد نفسه بالشارع، بعد أن ضاق درعا من تصرفات وسوء معاملة زوجة أبيه له، إذ يشرع في البوح لأقران له استدرجوه إلى الكلام، عندما كانوا مارين بالصدفة أمامه، ووعدوه بالمساعدة إن أخبرهم بدواعي اختيار الشارع عوض بيت الأسرة..
– سالم : حسنا سأحكي لكم قصتي : كنت أعيش مع أمي وأبي حياة سعيدة.. ولكن كل شيء تغير بعد مرض أمي وبعد وفاتها..
وبفضل تضامن وتآزر هؤلاء الأصدقاء الجدد، سينهي سالم حياة التسكع بالشارع.
النص الرابع والأخير في هذه المجموعة المسرحية، من عنوانه : «انتباه خطر متنوع» نستشف أنه تربوي تحسيسي، إذ تتمحور أحداثه حول السلامة الطرقية، وقسمه كاتبه إلى تسع مشاهد، عنون الأول ب قف 1، وتتواصل محكياته وصراعات شخوصه إلى قف 9، وقبلها في قف 8، يعترف السائق المتهور بالأخطاء التي ارتكبها، والتي كادت تودي بحياته وحياة آخرين معه، لم يكتف بالاعتراف بل انضم إلى الأطفال ووضع يده في أيديهم، متطوعا برفقتهم في حملات تحسيسية حول مخاطر الطريق، على كل متهور، سائقا كان أم راجلا..
«انتباه خطر متنوع» سبق وقدمت في جولة فنية، فوق خشبات مجموعة من قاعات العرض، بالمركبات الثقافية ودور الشباب، من طرف فعاليات شابة لجمعية بصمات بدار الشباب مديونة..
أما المجموعة قيد الدراسة العاشقة ليس إلا «الكنز الثمين ومسرحيات أخرى»، فقد صاغ لها مقدمة شفافة وموضوعية الكاتب والمخرج المسرحي، الأستاذ عبد الحق قيس الذي قال عن رفيق دربه : «يمكن تصنيف أحمد بويدي ضمن الكتاب الذين يؤمنون إيمانا راسخا على أن المسرح ليس مجرد وسيلة ترفيهية فقط، بل يجب أن يتميز بمنح الفرصة للاستكشاف ولم لا التعجب والتأمل..»
كما تم الاحتفاء بهذه المجموعة، صبيحة اليوم الأخير من فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته السادسة والعشرين، حيث استضاف فضاء الطفل تحتإشراف المديرية الجهوية للثقافة، الدار البيضاء سطات. حج إلى هذا الفضاء أزيد من ثمانين طفلا، وزعهم المبدع «أحمد بويدي» إلى ثلاث مجموعات، ووزع المسرحيات ومعها الأدوار على المتعطشين الصغار للمعرفة والمتعة، ثم مرنهم على قراءة الحوارات بالطريقة الإيطالية، حيث استحسنوا المبادرة، ليختتم الصبيحة الثقافية والفنية، بتوقيع كتاب «الكنز الثمين ومسرحيات أخرى» للأطفال ولأطرهم التربوية والإدارة الحاضرة برفقتهم.
على ندرة الإصدارات الأدبية المغربية الموجهة للأطفال، لا يسعنا إلا أن نرحب بهذا المولود الأول للفنان والجمعوي الحاصل على ديبلوم مدرسة الفنون الجميلة – شعبة الفن بالدار البيضاء سنة 1993، والذي راكم في مسيرته الفنية العديد من المعارض التشكيلية الفردية والثنائية والجماعية، وأكيد أن الكنز الذي استخرج منه ابن سيدي عثمان «أحمد بويدي» هذه النصوص الأربعة، سيستدرجه للتنقيب مجددا عن محكيات مسرحية أخرى لفلذات أكبادنا.

> عبد الحق السلموتي

Related posts

Top