اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

شكل إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي نظمته الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، مناسبة لتأكيد عدد من المواقف المفصلية والأساسية المرتبطة بعلاقة القوى الوطنية السياسية والحقوقية والمدنية المغربية، بل المغرب ملكا وحكومة وشعبا بالقضية الفلسطينية، والتي يجعلها عنوانا عريضا واحدا، ألا وهو الإيمان الراسخ  بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الحرة المستقلة ذات السيادة الوطنية، عاصمتها القدس الشرقية، وتجسير جميع الجهود والدعم للدفع بعملية السلام من أجل تمكين الفلسطينيين داخل الوطن وفي الشتات من حقوقهم التي لا تقبل التصرف.

الفلسطينيون لن يقبلوا ببقاء الاحتلال للأبد

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الرسالة التي وجهها للأمم المتحدة بمناسبة تخليد هذا اليوم التضامني، والتي اختار السفير الفلسطيني بالرباط جمال الشوبكي قراءتها بالمناسبة “إن المجتمع الدولي  لطالما رفض ما تقوم به إسرائيل من سياسات الضم الاستعماري والتوسع الاستيطاني واستباحة المقدسات المسيحية والإسلامية، لكن هذا الموقف الدولي الداعم”، وفق كلمة الرئيس ينبغي، “أن ترافقه تدابير عملية لترجمة الإجماع الدولي إلى واقع، بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله على أرضه وإنجاز السلام العادل والشامل في المنطقة”.

وأبرز الوضع المتأزم الذي تشهده القضية في الوقت الراهن، حيث ترفض إسرائيل حل الدولتين بشكل صارخ وتصر على تعميق احتلالها بدلا من إنهائه وانتظار جاهزية الأطراف للحوار وتحقيق السلام، وهو ما يعني وفق رسالة الرئيس محمود عباس عمليا ترك إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تستكمل الضم من خلال فرض الواقع غير القانوني وتغيير الحقائق على الأرض”.

وهذا الأمر “يزيد من تعقيد الوضع القائم ويجعل حل الدولتين أكثر صعوبة وربما مستحيلا”، مشددا أنه “على إسرائيل أن تختار بين حل الدولتين وفق الشرعية الدولية أو حل الدولة الواحدة للجميع”، معلنا أن “الفلسطينيين لن يقبلوا ببقاء الاحتلال للأبد”.

وأكد أن اللحظة فارقة، فإما أن تنتصر فيها الإرادة الدولية ومعها حل الدولتين أو يترك حل الدولتين رهينة لإرادة المحتل وهذا يعتبر تخليا عن هذا الحل، داعيا من جانبه كرئيس للسلطة الفلسطينية إلى عقد مؤتمر دولي تحت الرعاية الرباعية الدولية كآلية استحدثها مجلس الأمن لهذه الغاية، وبمشاركة الأطراف المعنية كافة بهدف الانخراط في عملية سلمية حقيقية تحتكم للشرعية الدولية بهدف إنهاء الاحتلال وحل القضايا كافة، وتحديد رزمة من الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة لتحقيق سلام عادل”.

وقال في هذا الصدد “نحن جاهزون للعمل مع المجتمع الدولي بما في ذلك مع الرباعية الدولية ومجلس الأمن لإنقاذ حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967 قبل فوات الأوان، وهنا نجدد التأكيد بأننا نمد أيدينا للسلام العادل والشامل، ونعيد التأكيد على أهمية عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الرباعية الدولية والانخراط في عملية سلمية حقيقية تحتكم للشرعية الدولية، بهدف إنهاء الاحتلال وحل القضايا كافة وتحديد رزمة من الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة تمكن الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله في دولته على حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية”.

استعجالية حلحلة ملف القضية الفلسطينية  

ومن جانبه أكد محمد بنجلون الأندلسي رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، في كلمته في فعاليات هذا اللقاء التضامني، على استعجالية حلحلة ملف القضية الفلسطينية التي أصبحت من أقدم القضايا والملفات المعروضة على منظمة الأمم المتحدة، والعمل بشكل حثيث على إلزام إسرائيل باحترام والانضباط للقرارات الدولية الصادرة عن المنتظم الدولي في الملف.

كما دعا إلى وحدة الصف الفلسطيني ووقف أي مزايدة حول قرار التحرير الذي رسمه الميثاق الذي وضعته منظمة التحرير الفلسطينية، قائلا في هذا الصدد: “لا يمكن المزايدة على هذا القرار بانتماءات أخرى أو ولاءات أخرى أو بمنهجية إيديولوجية أخرى، إلا بعقيدة التحرير، مشددا “على أن التوافق الفلسطيني والمصالحة الفلسطينية والاختيارات الأولية لإرادة التحرير هي التي ينبغي أن تبقى قائمة”.

ولم يفت رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني والتي تعد أول هيئة أسستها قيادات أحزاب وطنية وهيئات نقابية لدعم القضية الفلسطينية، “أن يؤكد على الدعم الواضح واللامشروط الذي ما فتئ يحمله الشعب المغربي للقضية والشعب الفلسطيني، قائلا “فلسطين في قلوبنا، وكوطني مغربي أؤكد أنه لا ينبغي أن يدور في بال أو خلد الفلسطينيين أو القيادة الفلسطينية أو أي طرف كان أن الشعب المغربي تخلى عن القضية الفلسطينية أبدا، والشعب المغربي تعد القضية الفلسطينية هي أولوية أولوياته”.

ومن جانبه عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، في رسالة له بالمناسبة تلاها بالنيابة فتحي الدبابي، مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام بالمغرب، عن “قلقله اتجاه الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة – بما فيها القدس الشرقية، قائلا “إنها لا تزال تشكل تحديا كبيرا للسلام والأمن الدوليين”.

وأبدى غوتيريتش منسوبا عاليا من التشاؤم حيال التوصل حلحلة القضية وإقرار حل الدولتين، بقوله باحتمالية أن يؤدي استمرار انتهاكات حقوق الفلسطينيين، إلى جانب توسيع المستوطنات، إلى تآكل احتمالات التوصل إلى حل يقوم على وجود دولتين”.

وأقر بالصعوبات التي يواجهها المنتظم الدولي لفتح جسور الحوار بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي والذهاب في اتجاه تنفيذ القرارات الأممية التي تنهي الصراع، حيث اعتبر أنه رغم البوادر المشجعة للاتصالات الأخيرة التي تمت مؤخرا بين المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، نتيجة المجهود والسعي الحثيث للمجتمع الدولي من أجل استئناف الحوار الإسرائيلي-الفلسطيني، غير أنه اعتبر ذلك غير كاف لاحتواء الحالة.

ودعا الطرفين إلى العمل البناء لإنهاء إغلاق غزة وتحسين الظروف المعيشية لجميع الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، والابتعاد عن اتخاذ أي منهما لخطوات أحادية الجانب والتي لا تزيد سوى من تعقيد الوضع”.

 

التزام مستمر بالدفاع عن القضية الفلسطينية

وفي كلمة قيادة الأحزاب السياسية، أشاد محمد نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بالمضامين العميقة التي تضمنتها الرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس، إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، قائلا “إن الرسالة تبرهن مرة أخرى على ثباتِ موقف المغرب، مَلِكاً وحكومةً وشعباً، في الالتزام بالدفاع عن قضية فلسطين، وعن القدس الشريف، دفاعاً مبدئيا وعمليا في نفس الوقت”.

وأكد بن عبد الله، أن المغرب سيظل دائما رافعا لراية فلسطين مستغلا في ذلك بشكل ذكي وهادف ما تتيحه الظروف الجديدة التي تميز علاقاته بالمنطقة، مشددا في ذات الوقت أن حزب التقدم والاشتراكية، انطلاقاً من مبادئه التحررية والتزامه بالقضايا العادلة للشعوب، وإيماناً راسخاً منه بأن القضية الفلسطينية هي بمثابة قضية وطنية لجميع أفراد الشعب المغربي”، معلنا عن تجديد تضامن حزبه مع “الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل تحقيق كافة حقوقه الثابتة والمشروعة، ومن أجل حريته وكرامته وسيادته الوطنية”.

وأكد الأمين العام، على أن حزب التقدم والاشتراكية يدين بشدة سياسة الاستيطان ومحاولات ضـم أراض فلسطينية، والعدوان المتكرر والعنصري الذي تشنه، في كل مرة، قوات الاحتلال على الأماكن المقدسة في فلسطين الشقيقة، ومحاولات تهويدها وطمس معالمها الحضارية، مجددا في ذات الوقت إدانته للاعتداءات والحصار الذي تعرض له قطاع غزة.

وبدوره أكد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، على تسجيله بارتياح للمضامين التي حملتها الرسالة الملكية الموجهة للجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه، والتي أكد فيها جلالة الملك مواصلة المغرب لجهوده لعودة طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات.

وذكر الأمين العام في هذا الصدد، بالجهود الحثيثة التي مافتئ يقوم بها جلالة الملك بصفته رئيسا للجنة القدس من أجل الوفاء بالتزاماتها، والحفاظ على الأماكن المقدسة، ودعوته لجنة القدس للانعقاد في دورتها 21 بالمغرب لدراسة السبل الكفيلة بصيانة المدينة المقدسة وصيانة تراثها التاريخي الحضاري ورمزيتها الروحية وهويتها الدينية وتحيين هياكل وكالة بيت مال القدس بما يعزز دورها وتدخلها في خدمة الساكنة المقدسية ودعمها والنهوض بأوضاعها.

وأكد في ذات الوقت على ما تمثله القضية الفلسطينية بالنسبة للمغاربة، قائلا “القضية الفلسطينية كانت دائما وستظل محل إجماع بالنسبة للشعب المغربي، بعد قضية الوحدة الترابية للمملكة، وسنظل أوفياء  لثوابتنا وعلى العهد الذي قطعناه في الدفاع عنها حتى ينال الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة والقادرة على الدفاع عن نفسها وذات السيادة وعاصمتها القدس”.

ودعا ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، القوى السياسية والحركة المدنية إلى التوجه للقوى المحبة للسلام داخل إسرائيل سواء منها الحركة الحقوقية أو الاجتماعية والمدنية، مقرا بصعوبة ما يطرحه بالقول “هناك من يرفض الدولة الإسرائيلية كدولة، ونحن نقبل بها كدولة ضمن إطار الدولتين، وفي غياب أي محاور من جانب الحركة المجتمعية العربية والفلسطينية علينا أن نفتح جسر الحوار مع القوى المؤمنة بالسلام داخل إسرائيل”.

وأردف موضحا “ينبغي تغيير موازين القوة لصالح القوى المحبة للسلام داخل إسرائيل لتكون هي مادام الاختيار الواضح الذي حددناه في النضال هو المقاومة الشعبية السلمية، وهذا الاختيار يقول لشكر “يفرض علينا البحث في التوجه إلى القوى المحبة للسلام في إسرائيل”.

ولتوضيح الرؤية وإبعاد الاتهام عن سلكه المسلك الذي اتبعته رسميا مجموعة من الدول العربية، قال لشكر، هذه ليست استراتيجية للأنظمة والدول فهي تمتلك السبل التي يمكن لها طرقها، لكن نحن كقوى شعبية لابد من التفكير في كيفية إحداث تأثير لدى القوى المحبة للسلام وكذا التأثير على القوى والحركة الحقوقية والمجتمعية والمدنية في إسرائيل”.

واختار السفير اليمني عز الدين أصبحي، في كلمة باسم السفراء العرب المتواجدين بالمملكة المغربية، التأكيد على ما تمثله القضية الفلسطينية في وجدان الشعوب والدول العربية، قائلا “إنها تمثل محور قضايانا وأول همومنا وآخر آمالنا، نحن أتينا من هذه الثورة ومن رحمها ومنها استلهمنا كل مسار نضالنا على المستوى العربي”، معتبرا أن القضية الفلسطينية “تمثل المخرج من المأزق العربي الذي نعيشه من تشرذم وتشظي”.

وشدد على أنه بدون إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية أساسية لا يمكن أن تنعم المنطقة العربية بالسلام من أقصاها إلى أقصاها، مشددا بالقول “على أن ذلك مشروط بإعادة ترتيب الدول العربية لأولياتها وذلك بالعودة إلى جعل القضية الفلسطينية في مقدمة قضايانا المختلفة حتى ننعم بالسلام والأمن وإعادة اللحمة على مستوى كافة الأقطار العربية تلك هي القضية والطريق التي نبحث عنها، وستبقى فلسطين موحدة للهم وباعثة للأمل”.

ومن جانبه دعا نور الدين سليك عن الاتحاد المغربي للشغل، كهيئة نقابية شاركت في تأسيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، إلى تجديد مسار التعبئة داخل الحركة التضامنية المغربية والتي حملت القضية الفلسطينية على الدوام.

وأكد على بذل المزيد من الجهد والرفع من زخم المساندة للشعب الفلسطيني، قائلا “إن المغرب بكل قواه الوطنية وبمختلف شرائحه كان على الدوام مساندا قويا للقضية الفلسطينية”.

فنن العفاني

Related posts

Top