“عريضة الحياة” تلقى تجاوبا قويا داخل المغرب وخارجه

من المقرر أن تنتهي مساء يومه الجمعة المهلة التي حددتها لجنة تنسيق عريضة المطالبة بإحداث “صندوق مكافحة السرطان”، لكن التجاوب الكبير الذي لقيته مبادرة “عريضة الحياة” من قبل المواطنين المغاربة سواء داخل المغرب أو خارجه، جعل اللجنة تفكر جديا في تمديد المهلة إلى حين استكمال جمع توقيعات كل الأشخاص الراغبين في دعم المبادرة.
وكانت لجنة وطنية تشكلت من عدد من الأكاديميين والنشطاء قد أطلقت منذ حوالي أسبوع هذه العريضة الوطنية مستندة إلى الفصل 15 من الدستور والقانون التنظيمي رقم 44/14 المتعلق بالعرائض الوطنية، من أجل مطالبة الحكومة بإحداث حساب خصوصي لدى الخزينة العامة للمملكة “يسمى صندوق مكافحة السرطان ويعنى بالتغطية الشاملة لمرضى السرطان بكل أشكاله”.
وتنص العريضة على ضرورة “إجراء قانون مالي تعديلي لأحكام القانون المالي 2020 وإحداث الحساب المرصود لأمور خصوصية والمسمى “صندوق مكافحة السرطان”، مع تضمين مشروع القانون المالي لسنة 2021 مادة تتوخى إحداث نفس الحساب”.
ودعت العريضة إلى جعل الحساب المقترح “أداة قانونية لمساعدة المرضى بالسرطان”، هذا الداء الفتاك الذي يقض مضجع آلاف المرضى وأسرهم، ماديا ومعنويا، على أن تكون “المدفوعات في الحساب منتظمة بدل أن تكون جزئية، وأن تدفع كقيمة موحدة للجميع بدلا من أن تكون مستندة إلى الاحتياجات، وبلا شروط باستثناء شرط المرض، وتمول أساسا من الضرائب والإعانات والموارد المختلفة الآتية من المؤسسات العمومية والجماعات الترابية وغيرها مما يسمح به أي تشريع أو نص تنظيمي”.
العريضة جاءت على خلفية حملة دشنها عدد من المرضى والنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة على موقع “فيسبوك”، حيث تم خلال الأسابيع الأخيرة تعميم عدد من “الهاشتاغات” المتضامنة مع مرضى السرطان ومطالبهم بتوفير الدعم والدواء، من قبيل هاشتاغ “ما بغيناش نموتو بالسرطان”، أو “لنكن نحن أملهم”، ومن ثم تم تطوير هذه الحملات بمبادرة من الأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي، إلى دعوة للتوقيع على عريضة وطنية تستند إلى الحق الدستوري في تقديم العرائض من قبل المواطنين إلى الحكومة.
وقال عمر الشرقاوي في تدوينة على حسابه الفيسبوكي إن “عريضة الحياة بعيدة عن السياسة وحساباتها الضيقة، وهدفها إنساني محض لكنها لا تقصي أي مواطن أو مواطنة من تقديم الدعم لهاته المبادرة، مهما كانت مواقفه السياسية والفكرية والإيديولوجية”.
وأضاف إن العريضة “ليست ناطقة رسمية باسم السرطان تحتكر الحديث باسمه، بل هي صرخة مجتمعية بسيطة تحاول تقديم يد العون لمحاصرة رقعة السرطان إلى جانب مبادرات أخرى، وهي مستعدة لدعم أي قرار أو مبادرة تحقق الهدف المنشود ولا يضيرها أن تفشل وينجح الآخرون في تحقيق مبتغى مكافحة السرطان وتخفيف أعباءه المادية عن المرضى وذويهم”.
وفيما وضعت لجنة التنسيق الوطنية في بداية الحملة سقف 5000 توقيع من أجل استكمال النصاب القانوني الذي يتطلبه القانون التنظيمي للعرائض، فقد فاقت التوقيعات هذا الرقم في الأيام الأولى من الحملة، مما جعل اللجنة ترفع السقف إلى مليون أو على الأقل 500 ألف توقيع، “حتى يمكننا مخاطبة الحكومة من موقع قوة”، كما أكد على ذلك عمر الشرقاوي، على إثر اجتماع للجنة عقدته يوم الاثنين الماضي. ومن المقرر أن تكون اللجنة قد عقدت مساء أمس الخميس اجتماعيا ثانيا من أجل تقييم مسار الحملة وتقرير ما إذا كان سيتم تمديد آجالها لوقت أطول.
وانخرط آلاف المواطنين المغاربة تلقائيا، من داخل المغرب وخارجه، في دعم الحملة، من خلال التطوع لتوزيع العرائض وجمع التوقيعات، حيث تم تخصيص منسقين عبر المدن المغربية لتنظيم العملية، فيما تطوع عدد من المغاربة المقيمين بالخارج أيضا لمساندتها في عدد من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وسويسرا وإيطاليا وإسبانيا، ودول عربية كالسعودية وقطر والإمارات.
وأعطت وزارة الصحة بدورها دفعة لهذه الحملة من خلال إعلانها منذ أيام عن التكفل المجاني بعلاج الأطفال دون سن الخامسة المصابين بالسرطان بالمؤسسات الصحية والاستشفائية العمومية، حيث عبر المواطنون عن أملهم على أن يتم تعميم هذه التغطية من خلال موافقة الحكومة على إحداث صندوق التكفل بمرضى السرطان.
يذكر أنه يسجل سنويا بالمغرب، حوالي 40 ألف حالة جديدة للإصابة بالسرطان، حسب الأرقام الرسمية لوزارة الصحة، فيما يبلغ عدد الأشخاص المصابين بالسرطان، الذين يتم التكفل بهم حاليا، 200 ألف حالة، ويحتل المغرب بهذه الأرقام المرتبة 145 عالميا من المصابين بهذا الداء.
ودقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ناقوس الخطر، مؤخرا، بشأن “اختفاء أدوية السرطان” من مجموعة من المستشفيات العمومية، وانعدام حوالي 30 نوعا منها في جناح أمراض السرطان والدم.
وطالبت الجمعية بـ”التدخل الفوري” لتزويد صيدليات المستشفيات بالأدوية، وتوفير الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض والأورام السرطانية وأمراض الدم بشكل استعجالي، وفقا للبروتوكولات الطبية المحددة من طرف منظمة الصحة العالمية.

 سميرة الشناوي

Related posts

Top