بقدر ما أسعدتنا في هيئة تحرير”بيان اليوم” عشرات ردود الفعل المنوهة بالمستوى المهني للملف الذي نشر في عدد 20 غشت المتزامن مع عطلة العيد حول:”حقيقة سوق المياه المعدنية بالمغرب”، استغربنا فعلا، وبكثير من الشفقة، لبعض التعليقات والتدوينات التي تطايرت في الأيام الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو اقترفتها بعض الأقلام المتهافتة…
لم نكن نرغب أن نفتح جبهة السجال مع أحد، قناعة منا أن دورنا هو أن نمارس عملنا الصحفي ونترك للقراء حق تقييمه سلبا أو إيجابا، ولكن الكثير من الجهل الذي أحاط بِنَا جعلنا نخاف أن يبسط هذا العمى رجليه ويرخي بكامل ترهله ويصير عند الناس هو الحقيقة، فرض علينا ممارسة حقنا في التوضيح.
أولا، هذه صحيفة وطنية تُمارس العمل الصحفي بمختلف أجناسه، ومثلها مثل غيرها يحق لها أن تنشر التحقيقات والملفات، وأن ترفع سقف الجهد المهني، ومن يريد منافستها في ذلك، فالواقع يعج بالقضايا والملفات، وليشمر على ساعده وعقله، ويختبر قدراته و…مصداقيته.
ثانيا، من يعتقد أن كل صحيفة ممتلكة لهوية سياسية وخط تحريري واضحين هي تعمل كما لو أنها ثكنة عسكرية، أو أن الصحفيين لا يفعلون شيئا سوى انتظار تعليمات أو “أوكازات” المركز السياسي كل صباح، هو جاهل وغارق في(قلة لفهامة)، وعليه أن يمسح عينيه ألف مرة ليرى ما يجري حقيقة في الميدان.
ثالثا، في”بيان اليوم” إشتغلنا على ملف:”سوق المياه المعدنية” كما نشتغل على المواضيع الأخرى التي تقررها هيئة التحرير، وعمل الصحفي المكلف بالموضوع طيلة أسابيع متنقلا بين المدن والقرى ذات الصِّلة، وقام بعمل ميداني مولته الصحيفة نفسها رغم شُح مواردها، واتصل بكل ذي علاقة بالملف، وأعطينا الكلمة للجميع، وقدمنا محتوى متكاملا وموضوعيا.
رابعا، تمنينا من بعض الصغار الذين هاجمونا لو قرأوا فعلا ما نشرناه وألا ينتقدوه فقط بالسمع أو بخلفية العداء الراسخة في نفسياتهم المريضة، لأنهم لو قرأوا فعلا لما وجدوا أننا نشرنا مقالا أو تقريرا وإنما ملفا متكاملا شمل سبع صفحات وتضمن آراء متعددة.
خامسا، كل ما سلف ذكره أعلاه، يفيد أن الحديث يجب أن يكون حول عمل صحفي متميز أنجزته صحيفة وطنية، و(لي حسدنا يدير بحالنا)، على حد القول المغربي الرائج، أما الإجتهاد الأعوج وربط ما لا يربط، والسعي لنسب عمل صحفي لجهة حزبية أو إغراق الموضوع في عقلية صبيانية لا ترى في الأشياء سوى تصفية حسابات السياسة أو الأمزجة، فهذا لا يُبين سوى جهل هؤلاء الصغار قصيري النظر والعقل ومنعدمي الحياء.
سادسا، نحن في: “بيان اليوم” لسنا من كارتيل التبزنيس أو صحافة اعطيني نعطيك، والمعروفة في حارة مهنتنا، والتي نعرف أيضا أسماءها ومن يجيد اللعب داخل تفاهتها الوضيعة والفاضحة، ونحن لا نختبئ وراء الكلمات والتباسات العلاقات لما نريد التعبير عن مواقفنا، وبسبب هذا الوضوح التحريري والفكري والسياسي بقي هذا الصرح الإعلامي الوطني التقدمي صامدا وشامخا منذ حوالي نصف قرن.
سابعا، أما من أمعن في جر الحقائق من الذيل ومشى بها يكذب ويصيح نازعا سرواله وبقية أشيائه، وربط عملا صحفيا، أعلن عنه أياما قبل نشره، بمصير مؤسسات في الدولة أو بقرارات سياسية كبرى، فلا نرد عليه سوى بالشفقة عليه والدعاء له بالشفاء من جهل تمكن من عقله.
أيها الصغار جدا:
الرجوع لله، إنكم تهينون هذه المؤسسات وتعبثون بعقلنا كلنا، ورجاء ارتقوا بمستواكم.
ثامنا، في ملف: “سوق المياه المعدنية” الذي نشرته صحيفتنا يستطيع القرّاء الاطلاع على الأرقام والبيانات، ومعرفة مواقف الشركات الوطنية العاملة في هذا الميدان، وأيضا الآراء العلمية لبعض الخبراء والمختصين، بالإضافة إلى إفادات مسؤولين عموميين ونشطاء جمعويين، كما نقلنا معطيات من نقاشات دولية حول الموضوع، ونقلنا الواقع التنموي الهش من بعض المناطق المعنية بمنابع المياه، وتصريحات لرؤساء جماعات محلية من انتماءات حزبية مختلفة، وكل هذا جعل العمل المهني الميداني الجيد الذي أنجزه الصحفي الزميل حسن أنفلوس بمعيّة المصور رضوان موسى، منجزا حضي بإعجاب وتقدير واسعين وسط المهنة وحواليها، وتناقلت معطياته مواقع الكترونية مهنية حقيقية.
تاسعا، في الملف، ترتيبا على ما سبق، لم نستهدف أحدا أو جهة، ولكننا اتصلنا بالجميع وصرح لنا الكثيرون، وسنبقى كما كنّا دائما، قبل نشر الملف وبعده، نساند المقاولات الوطنية المنتجة وندعمها ونعمل من أجل أن تكون قوية وناجحة، ونعمل كذلك من أجل أن تتمتع المناطق المجاورة للمنابع والحاضنة للثروات الوطنية والطبيعية بالتنمية الشاملة وظروف العيش الكريم لساكنتها.
عاشرا، وفِي البدء والختام، نحن نواصل عملنا الصحفي بذات الحس الوطني التقدمي المعهود فينا مُذ كنّا، أما التعبير عن المواقف السياسية، فهذا له مستوياته وهياكله، ونحن لا نشعل حروبا نيابة عن أحد ولا ننتج مواقف نيابة عن جهة أخرى.
هذه الصحيفة، وأيضا الحزب الذي تشترك معه الأفق والقيم، ينتجان أسلوب تعامل بمثابة الدرس في العلاقة بينهما وفِي تدبير مقاولة صحفية، ويكفي لبعض الجاهلين أن يسألوا عن ذلك من يعمل في هذه المؤسسة ومن يتعامل معها أو أن يطرقوا بابنا ونحن نشرح لهم لإنقاذهم من أثقال جهلهم.
أما من يستمتع بجهله ويقبض عليه، فعذرا نحن لا نملك له شيئا ولن نستطيع مساعدته، وسنتركه يعوي راكضا عاريا لاهثا تافها إلى أن تتعرى كل عوراته ويكشفه الناس…
نقطة، انتهى التوضيح.
*مدير النشر > محتات الرقاص*