رفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، تقريره الأخير حول الصحراء المغربية إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، واقفا من خلاله عند مجموعة من النقط التي تهم ملف قضية الصحراء المغربية، لاسيما على مستوى الاحتجاجات الأخيرة التي تعرفها مخيمات تندوف، وكذا دور الاتحاد الإفريقي في حل الملف، فضلا عن الاستثمار المغربي في الأقاليم الجنوبية، علاوة على دور الجزائر في هذا النزاع.
ووقف التقرير الحديث مجددا عند انتهاك البوليساريو للاتفاقات العسكرية وقرارات مجلس الأمن، وكذا حرية تنقل المراقبين العسكريين التابعين لبعثة المينورسو، شاجبا على الخصوص أعمال البناء التي باشرها “البوليساريو”، شرق منظومة الدفاع، التي تشكل انتهاكات للاتفاق العسكري رقم 1 ولقراري مجلس الأمن رقم 2414 و2440.
وفي هذا الصدد، اعتبر صبري الحو الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، أن التقرير جاء بمجموعة من الحقائق والمستجدات المبنية في عمقها على التأثير لحلحلة ملف قضية الصحراء المغربية، محملا مسؤولية استمرار المشكل إلى البوليساريو، إلى جانب دولة الجزائر.
وبخصوص الاحتجاجات التي تشهدها مخيمات تندوف، والتي وقف عندها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قال صبري الحو، في تصريح لبيان اليوم، إن “هذه المظاهرات سيطرت بشكل كبير على المشهد السياسي في المخيمات، وهو ما يوضح بأن مخيمات تندوف يسود فيها رأي واحد”.
وأشار الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، أن هنالك جيل جديد من الشباب الذي له رأي آخر يطالب بالتغيير ويبادر إلى تقديم تصورات أخرى مخالفة للطرح الحالي، مشددا بأن “الزعماء الوهميين للبوليساريو لا يمكن اعتبارهم الممثل الشرعي للصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف، لاسيما وأن المخيمات تعرف قمعا في غياب حرية التعبير، استنادا إلى ما جاء في تقرير هيومن رايتش ووتش الأخير”.
وسجل الحو ظهور مجموعة من الأصوات التي بدأت تنافس على الزعامة، وهو ما وقف عنده تقرير أنطونيو غوتيريس الذي وضع قيادة البوليساريو في حجمها الحقيقي، مشيرا إلى أن المطالبة بالاستقلال يعد طرحا مخالفا لمضامين قرارات مجلس الأمن في هذا الملف.
تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، وقف كذلك، عند الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، والخطوات العملية التي يقوم بها المغرب في المدن الجنوبية، وهو ما ورد في التقرير المذكور، الذي قال بوجود “تنمية حقيقية في المنطقة وهو ما يظهر من خلال انخراط الساكنة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي المغربي”.
وتعليقا له على هذه النقطة، دعا صبري الحو إلى “التشبث بمبدأ الواقعية، عوض الاستمرار في هدر فرص التنمية بالمدن الجنوبية للمغرب، باسم أسطورة الاستقلال والاستفتاء”، مردفا بأن الترويج لمثل هذه الخطابات أصبح تهديدا للمنطقة وكذا للساكنة المحتجزة في المخيمات.
ولم تفت الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء الوقوف عند دور الاتحاد الإفريقي في هذا الملف الإقليمي، مشيرا إلى أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أكد على مساهمة ومشاركة الاتحاد الإفريقي في حل هذا الملف الذي بين يدي الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي لا يمكن اعتباره نزاعا حول الاختصاصات بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وذكر الحو بأن الاتحاد الإفريقي أصبح، هو الآخر، مشرفا على عملية التفاوض السياسي بين المغرب والبوليساريو والجزائر، وذلك، من خلال وضع الملف بين اللجنة السياسية الثلاثية للاتحاد الإفريقي، موضحا بأن هذا الأخير لم يتحدث عن طرح “الاستفتاء” الذي لم يعد مرجعية في المفاوضات السياسية.
وحول سبل حل هذا الملف، ذكر صبري الحلو أن “الحل في جوهره سياسي توافقي وعملي، وأيضا قانوني مبني على نصوص ذات مرجعية دولية”، مشددا على أن “الحكم الذاتي هو الحل الوسط، بحيث لا يمكن أن نصل إلى سقف الاستقلال الذي لم يعد حلا مقنعا ومنطقيا، من هنا، فإن الحل ممكن وما ينقصه إلا الحل السياسي”.
وأكد الحلو مجددا بأن السياق الزماني والاستراتيجي تغير، ومعه يجب أن تتغير النظرة لحل الملف، من خلال التحلي بالواقعية والإقٌرار بأن الأقاليم الجنوبية هي جزء من الواقع المغربي الذي لا يمكن التغاضي عنه.
> يوسف الخيدر