يعد العنف الأسري الجسدي أو المعنوي من أكبر انتهاكات حقوق الإنسان، ويطلق عليه مسميات من قبيل الإساءة الأسرية أو الظلم الزوجي، وله عدة تمظهرات منها الاعتداء الجسدي أو التهديد النفسي، كالسيطرة والتخويف والحرمان الاقتصادي.. إلى غيرها من ممارسات التعامل اللاإنساني.
غالبا ما يقع العنف الأسري عندما يتوهم المعتدي أن العنف حق من حقوقه الشرعية، وهو أمر عاد ومقبول يجعله يكرره، لينتقل إلى الأجيال من أفراد نفس الأسرة، الذين يحسون أيضا أن العنف مقبول.
ومع تفشي وباء “كوفيد – 19” ، نجد أكثر من ثلث سكان العالم يعيشون وضعا استثنائيا وهو الحجر الصحي، مما يعني تزايد الضغوطات والقلق الذي قد يترجم إلى عنف، وأمام تفاقم الوضع والطوق الصحي ازدادت حدة العنف الأسري داخل المنازل في مجموعة من الدول العربية والغربية.
وفي هذا الصدد، نجد دولا عدة منها دول عربية تحذر مواطنيها وتضع إجراءات للحماية من بينها لبنان، حيث ارتفعت نسبة التبليغ عن العنف الأسري بنسبة 60 في المائة، وهو ما دفع بالجمعيات اللبنانية إلى تكثيف جهودها للحد من هذه الظاهرة الشنيعة.
أما في تونس فقد صرحت وزيرة المرأة والأسرة أن حالات العنف قد تضاعفت خمس مرات خلال فترة الحجر الصحي، مما جعل وزارتها تقدم الدعم النفسي ومراكز الإيواء للمعنفات، ويسير هذا الوضع على دول غربية، ففي بريطانيا أكدت الشرطة تزايد حالات العنف المنزلي المرتبطة بالوباء، مما جعل الشرطة والمنظمات الحقوقية تتعاون للتصدي لها.
أما في فرنسا، فقد أعلن وزير الداخلية عن وسيلة إضافية لمساعدة ضحايا العنف المنزلي في الوقت الحالي، حيث بإمكان الضحية تبليغ الصيدلية الأقرب لمقر السكن والتي ستبلغ الشرطة. وقد أوضحت تقارير أن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للعنف خلال فترة المنعزل المنزلي.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن نحو 243 مليون امرأة حول العالم تتراوح أعمارهن ما بين 15 و49 عاما تعرضن خلال الأشهر الماضية لعنف جسدي أو جنسي من قبل شريك أو أحد أفراد العائلة، رغم أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير، لأن نسبة 40 في المائة فقط يعلنن وجود عنف ضدهن طلبا للمساعدة، وفي ظل المنعزل المنزلي صار الأمر أكثر تعقيدا، حيث ثمة معاناة وقسوة لا يخرجان إلى الوجود جراء الوضع الناجم عن استفحال كوفيد – 19.
أما في المغرب، فالجهود مبذولة في هذا الصدد. فقد أطلقت منظمات وجمعيات نسائية مجموعة من التحذيرات من تزايد أحداث العنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي، حيث وجهت رسالة إلى وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة في المغرب جميلة المصلي، ووزير الصحة خالد ايت الطالب صرحت أن معدل العنف تجاه النساء قد ازدادت وتيرته داخل الأسر نتيجة الضغوطات والتوترات النفسية وصعوبة في التواصل مع الجمعيات الحقوقية، رغم أنها قامت بتدابير حماية النساء ضحايا العنف وظروف المنعزل مع فرض أقصى العقوبات في جميع الجرائم والجنح الواقعة خلال هذه الفترة.
وأعلن الاتحاد الوطني لنساء المغرب كذلك، عن إطلاق شبكة وطنية للدعم النفسي والاجتماعي عن بعد، عبر تفعيل 12 خلية إنصات في كل جهات البلاد، وذلك بالموازاة مع البرنامج الخاص الذي أطلقه الاتحاد في 27 مارس الماضي عن طريق منصة “كلنا معك” لمواكبة النساء والفتيات ضحايا العنف على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وتتكون خلايا اليقظة من متخصصين في مجال علم النفس وعلم الاجتماع والاستشارة النفسية والوساطة الأسرية ومساعدين اجتماعيين عن بعد.
وتهدف الشبكة إلى الإنصات للنساء والشباب والأشخاص في أوضاع هشة، والتخفيف من عزلتهم خلال فترة الطوق الصحي، بالإضافة إلى الإرشاد والتوجيه بشأن البدائل المتاحة من أجل الحفاظ على التماسك الأسري عبر الوقاية من النزاعات وحماية النساء والفتيات من كل أنواع العنف.
بقلم: عائشة قاديري