اعتادت النرويج، التي تأتي معظم ثروتها من استغلال حقولها النفطية، على أن تكون في مقدمة البلدان الصديقة للبيئة. بلد احتضن السيارة والسفينة والعابرة الكهربائية منذ سنوات وأصبح صاحب أحسن مؤشر للتنمية البشرية هذا العام والعام الماضي. اليوم تجري في مياه النرويج أزيد من مائتي سفينة كهربائية وهجينة، وأصبحت البلاد بذلك ضمن الدول الأوائل لأحسن مؤشر للأداء المناخي 2021 إثر تصنيفها في المرتبة الرابعة عالميا بعد السويد والمملكة المتحدة والدانمرك والمغرب، البلد العربي والإفريقي الرائد في المناخ والطاقات المتجددة. إلا أن تتويج دولة النرويج كبلد رائد في المناخ تزامن مع موافقة المحكمة العليا على استغلال النفط في القطب الشمالي وكذا بدأ احتجاجات المنظمات غير الحكومية على منح تراخيص جديدة لاستخراج النفط بالقطب الشمالي والذي يتعارض مع اتفاق باريس للمناخ.
في الواقع، لا يزال وزن الهيدروكربونات كبيرا مع 45٪ من إجمالي استهلاك الطاقة، وقد مكنت حقيقة وجود النفط والغاز الطبيعي على أراضي النرويج من تشكيل أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم، لكن هل من الممكن إيجاد بديل موثوق للوقود الأحفوري؟
زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة
لا تزال النرويج بعيدة عن حياد الكربون، فقد بدأت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع مرة أخرى في عام 2018 (+ 0.4٪)، بينما انخفضت بنسبة 2.5٪ في الاتحاد الأوروبي الذي ليست النرويج جزءا منه. خلال نفس الفترة، وكانت النتيجة هي إطلاق 52 مليون طن من مكافئ الكربون في الغلاف الجوي في عام 2018، ويرجع ذلك الى النقل البري الذي زادت انبعاثاته أيضا في عام 2018 على الرغم من الطفرة في التنقل الكهربائي، والحركة الجوية، والصناعة البحرية وصيد الأسماك.
يعتبر استغلال النفط والغاز نفسه مسؤولا عن 27.3٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون النرويجية وفقا لمصادر رسمية، تثير الاستكشافات الجديدة في بحر بارنتس قلق دعاة الحفاظ على البيئة، أخيرا عند مقارنة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البلاد مع عدد السكان، لم تعد النرويج تبدو خضراء جدا: 8.84 طن من ثاني أوكسيد الكربون لكل فرد سنويا مقابل 5.2 طن في فرنسا، وفقا لآخر تقرير.
هناك إشارات قوية يتم تمريرها وسيجلها التاريخ الإيكولوجي العالمي لمن أراد فهمها أو أراد إلى ذلك سبيلا، فكما حكمت المحكمة في المغرب ضد قرار تحفيظ ضاية دار بوعزة باعتبارها “ملكا مائيا” ضد وكالة الحوض المائي أبو رقراق لكونها آخر منطقة رطبة بجهة الدار البيضاء سطات، مما دفع بمجموعة من الجمعيات البيئية الرائدة في المغرب برفع ملتمس لوقف هذا النزيف، نفس السيناريو عرفته أوسلو حين حكمت المحكمة العليا بالنرويج يوم الثلاثاء 22 دجنبر 2020 لصالح الدولة ضد المنظمات البيئية التي تعتقد أن هذا النشاط يتعارض مع الالتزامات المرتبطة باتفاقية باريس للمناخ، انتكاسة لم تتقبلها المنظمات غير الحكومية بالنرويج، وضاقت بالدولة التي لا تزال تسوق الخطاب المزدوج، حيث تدعو تارة إلى تبني الأخلاق المناخية، على سبيل المثال، كثافتها العالية من السيارات الكهربائية، ولكنها تمارس تارة أخرى سياسة استغلال النفط الشاملة التي يعتمد عليها اقتصادها جزئيا.
المجتمع المدني البيئي يترافع
“اختارت المحكمة العليا الولاء للنفط النرويجي على حقوقنا في مستقبل قابل للحياة”، كما أكدت رئيسة منظمة أصدقاء الأرض الشباب وكانت منظمة غرينبيس قد قدمت شكوى عام 2016 ضد وزارة البترول، بشأن منح تراخيص استكشاف في بحر بارنتس في القطب الشمالي، هذه التراخيص انتهكت حسب غيرنبيس اتفاقية باريس للمناخ وحق النرويجيين في بيئة صحية وآمنة للأجيال الحالية والمستقبلية، وفق المادة 112 من الدستور، وكانت هذه المرة الأولى التي تعقد فيها محاكمة باسم هذه الفقرة، وخلصت هيئة المحكمة الى عدم وجود “صلة كافية بين تغير المناخ والخسائر في الأرواح البشرية في النرويج”، حيث أوضح القاضي هوجيتفيت بيرغ أنه إذا توافقت المحكمة العليا مع المنظمات البيئية، فسيكون ذلك بمثابة بداية للتخلص التدريجي المنظم من أنشطة الوقود الأحفوري النرويجي، واختتم حديثه بالقول “سيتعين علينا اتخاذ قرار خارج إطار هذه المحاكمة”، لكن المنظمات غير الحكومية حققت انتصارا مهما عندما قضت المحكمة بأن النرويج مسؤولة عن انبعاثات النفط والغاز النرويجية في الخارج.
النرويج بطلة العالم في الطاقة المائية
قد تكون النرويج بطلة العالم في الطاقة المائية، لكن استهلاكها للطاقة ليس نظيفا، حيث تنتج الطاقة الكهرومائية 95٪ من الكهرباء النرويجية، على اعتبار أن النرويج هي دولة غنية بالشلالات والأنهار والبحيرات الجليدية، وتستغل البلاد هذا المورد المتجدد منذ نهاية القرن التاسع عشر. وأصبحت النرويج أكبر منتج للطاقة الكهرومائية في أوروبا والسادسة في العالم، وقدرتها هي في الغالب تتجاوز الاستهلاك المحلي، حيث تقوم بتصدير جزء من إنتاجها الكهربائي إلى الدنمارك والمملكة المتحدة “التلاميذ النجباء” في مؤشر الأداء المناخي العالمي.
وتعتمد المملكة الاسكندنافية على التنقل الكهربائي لتقليل انبعاثاتها الملوثة، لكن المفارقة العجيبة أن هذا البلد ملك النفط في العالم خصوصا بعد موافقة المحكمة العليا باستخراج النفط في القطب الشمالي. القرار الصادر الثلاثاء الماضي أقلق المجتمع البيئي الدولي، قمة التناقض تعيشه دول متقدمة مثل النرويج حيث استبشر الخبراء خيرا بعد التحدي الذي وضعه البرلمان النرويجي لنفسه قبل أربع سنوات بحظر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في أفق عام 2026 في مضايقها البحرية المصنفة في قائمة التراث العالمي إنسانية.
وبعدما قررت الأمم المتحدة هذا العام إدراج معيار جديد في مؤشر التنمية البشرية مع الأخذ بالاعتبار التأثير المناخي لكل دولة وبشكل أكثر دقة البصمة الإيكولوجية للأنشطة البشرية وكذا انبعاثات الغازات الدفيئة، أدى هذا المعيار إلى إسقاط العديد من البلدان بشكل عام من لائحة الترتيب العالمي، في حين حافظت النرويج على تقدمها العالمي فيما يتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، حيث تبلغ انبعاثات النرويج 8.3 طن للفرد مما يجعلها من بين أهم ثلاثين قيمة في الترتيب، وحافظت جل الدول التي صنفها مؤشر الأداء المناخي 2021 لجيرمان ووتش على مراتبها المتقدمة حسب مؤشر التنمية البشرية الجديد، حيث احتلت دولة السويد المصنفة الرابعة عالميا بأحسن مؤشر للأداء المناخي صنفها مؤشر التنمية البشرية 2020 في المرتبة السابعة، في حين تم تصنيف المغرب صاحب المقعد السابع كأحسن مؤشر للأداء المناخي، تم تصنيفه في المرتبة 121 من بين 189 شملتها الدراسة.
ثامن بلد منتج للنفط عالميا
تدين النرويج بثروتها إلى الرواسب الهيدروكربونية الضخمة التي تم استغلالها في بحر الشمال منذ السبعينيات، لكن عاصمتها أوسلو تم تصنيفها كعاصمة خضراء لأوروبا في عام 2019، وتعتبر النرويج المنتج الثامن في العالم للغاز والرابع عشر النفط، الموارد التي تمثل 20٪ من ناتجها المحلي الإجمالي و 67٪ من صادراتها، لكنها تتفوق بفارق كبير على أوروبا بأكملها من حيث التنقل بدون محرك احتراق فالسيارة الكهربائية النرويجية الصنع تحقق نجاحا كبيرا، حتى أن حكومته الطموحة، وهي واحدة من رواد العالم في فرض ضريبة الكربون منذ عام 1991، مع التنصيص على الحظر التام على بيع السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل بحلول عام 2025.
واحتلت النرويج المرتبة الأولى من بين 153 دولة في مؤشر البلدان الجيدة، والذي يقيم أداء السياسات البيئية للدول. وبينما احتل المغرب المرتبة 77 عالميا والرابعة عربيا لا تزال النرويج واحدة من أكبر سبعة دول ملوثة لكوكب الأرض من حيث انبعاثات الكربون، وبالرغم من ذلك ففي شوارع أوسلو العاصمة النرويجية، عندما تتحول إشارات المرور إلى اللون الأحمر ليس من غير المألوف رؤية مجموعة من السيارات الكهربائية والهجينة حيث أصبح النرويجيون يشترون السيارات الكهربائية والهجينة أكثر من سيارات البنزين ففي مارس 2019 كانت 58.4٪ من التسجيلات الجديدة تتعلق بالسيارات “النظيفة”، وتعتزم المدينة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 95٪ قبل عام 2030 مقارنة بعام 2009، وهو هدف يتجاوز بكثير الالتزامات التي تم التعهد بها في اتفاقية باريس.
أوسلو والاستراتيجية المناخية الطموحة
في الوقت الذي أصبحت تحتل فيه العاصمة الرباط المرتبة الأولى وطنيا بأحسن مؤشر للمناطق الخضراء، بعدما ضاعفت المعيار العالمي المصرح به من طرف منظمة الصحة العالمية و المحدد في 10 متر مربع للفرد الواحد، في مقابل ذلك سطرت العاصمة أوسلو استراتيجية مناخية رائدة وطموحة جعلتها تصنف العام الماضي كأحسن مدينة خضراء في العالم، وقال العمدة ريموند جوهانسن: “إنها الاستراتيجية المناخية الأكثر طموحا في أي مدينة رئيسية في العالم”، ففي أوسلو 20٪ من أسطول السيارات يعمل بالطاقة الكهربائية أو الهجينة، وتنتشر على طول شوارع العاصمة محطات الشحن الكهربائي للعربات، ما تتشكل قوائم الانتظار فالبنية التحتية تكافح بالفعل لتلبية الطلب، وقال ستور بورتفيك مسؤول التنقل الكهربائي في أوسلو سيتي هول: “لم يعد لدينا مناجم فحم، لذا لم يكن هناك مزيد من التقدم في هذا المجال”.
وسيستغرق تحويل صناعة الصيد وتربية الأحياء المائية الملوثة عملية أطول بكثير، فمنذ التسعينيات ركز النرويجيون على النقل البري والبحري والجوي وهو المسؤول حاليا عن 31٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون 38٪ في فرنسا في عام 2017 و42٪ في المغرب.
ونفذت الحكومة النرويجية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين سلسلة من الحوافز الجذابة فمشترو السيارات الكهربائية أو الهجينة معفيين من ضريبة القيمة المضافة والمحددة بنسبة 25٪ للسيارات الأخرى وكذا من ضرائب الكربون – حوالي 20٪ – مما جعل سعر هذه السيارات التي عادة ما تكون أغلى ثمنا أقرب إلى مستوى نظيراتها من البنزين أو الديزل، ويعفى اصحاب السيارات الكهربائية أيضا من دفع رسوم المرور الإلزامي للوصول إلى المدينة ومواقف السيارات؛ حرية استخدام الممرات المخصصة عادة للحافلات وسيارات الأجرة؛ ويمكنهم إعادة شحن بطاريات الليثيوم الخاصة بهم مجانا في المحطات المخصصة لهذا الغرض.
وسائل النقل المستدام الصديقة للبيئة
إذا كان المغرب قد بذل مجهودات كبيرة في سبيل توفير أسطول للحافلات الكهربائية في كل من الدار البيضاء ومراكش وقريبا في أكادير، وكذا خلق خطوط الترامواي في العاصمة الرباط والدار البيضاء، فإن العاصمة أوسلو النرويجية تتوفر حاليا على 100 حافلة من أصل 600 حافلة تعمل بالكهرباء، والأكثر من ذلك سيتم إدخال الحافلات المستقلة التي تتحرك بدون سائق، وسيكون هذا الأمر ضروريا كما أكد بيتر هوجنيلاند المتحدث باسم جمعية السيارات الكهربائية النرويجية التي تدافع في أوسلو عن مصالح حوالي 75000 من سائقي السيارات: “نحن جميعا في عجلة من أمرنا”، وتهدف الجمعية إلى خدمة قضية جيدة: “نحن نناضل من أجل الحق في بيئة صحية ونظيفة”، كما يقول بيتر هوغنيلاند: “بعد بناء ازدهارنا على النفط والغاز الطبيعي، لدينا التزام أخلاقي نحن النرويجيون ببذل كل ما في وسعنا لحماية البيئة، وعلى عكس الدول الأخرى الغنية بالنفط، لم نكن نريد اقتصادا يعتمد على الهيدروكربونات وسرعان ما بحثنا عن بدائل”.
ومع ذلك، بفضل عائداتها من النفط والغاز، تمتلك النرويج الوسائل لدعم تحولها البيئي، يتم تسهيل ذلك من خلال المزايا الطبيعية الهائلة: الوديان شديدة الانحدار، والأنهار ذات التدفق الغزير، والأمطار الغزيرة والسدود التي كانت منذ فترة طويلة جزءا من المناظر الطبيعية النرويجية، تلبي حوالي 95٪ من استهلاك الكهرباء الوطني: كهرباء “خضراء” تسمح بتدفئة معظم الشقق في المدن الكبيرة، في أوسلو أيضا يعتمدون على حرق النفايات لتسخين المياه في المباني، وتخطط المدينة أيضا لالتقاط ثاني أكسيد الكربون الذي يتسرب من المحارق ودفنه في الأرض.
ويظهر المثال النرويجي أن الانتقال الطاقي سيكون أسرع من المتوقع، حيث يتذكر بيتر هوجنيلاند المتحدث باسم جمعية السيارات الكهربائية النرويجية قائلا: “كان الهدف الأولي هو 100000 سيارة كهربائية على طرقنا بحلول عام 2020″، ومع ذلك حققنا في نهاية عام 2019 بالفعل 250000 وهذا يمثل 10٪ من أسطول المركبات النرويجي مقارنة بـ 0.5٪ في فرنسا، حيث سيشهد سوق السيارات الكهربائية العالمي طفرة حاسمة على مدار العامين المقبلين، مع وصول أنواع أرخص وأكثر توفرا، ويوضح بيتر هوجيلاند قائلا: “في الوقت الحالي، لا يوجد سوى نطاق محدود للغاية وفترة الانتظار للحصول على واحدة تصل أحيانا إلى عامين”، ويضيف قائلا :” إنني جد مقتنع بأن شركات صناعة السيارات الكبيرة التي تتشبث بالبنزين ستنزل قريبا إلى سلة مهملات التاريخ، المستقبل في مكان آخر” ويتوقع: “إذا لم تخرج أوروبا من خمولها، فإن السوق العالمية ستهيمن عليها الصين”، حيث ينتج الصينيون بالفعل ويشترون سيارات كهربائية أكثر من بقية العالم، إنها عملية لا رجوع فيها “، فبينما يمثل نشاط 486 مصنعا صينيا للمركبات الكهربائية نصف المبيعات العالمية، تهيمن الصين على السوق الدولية لبطاريات الليثيوم الضرورية للسيارات الكهربائية بنسبة 65٪ من الإنتاج مقابل 1٪ فقط في الاتحاد الأوروبي.
السيارة الملوثة بين التكيف والاختفاء
زار النرويج العام الماضي العديد من مسؤولي شركات تصنيع السيارات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، جاءوا لمراقبة “المعجزة” النرويجية، مطمأنين أنفسهم باستمرار الديزل والبنزين لأطول فترة ممكنة، لكنهم فهموا أنه يجب عليهم التكيف أو الاختفاء حيث يمكن للمستهلك تغيير عاداته في رمشة عين. كل ما يحتاجه المستهلك هو خوض التجربة الجديدة والواقع الجديد وقليل هم من يودون الرجوع إلى السيارة التي تستعمل الوقود الأحفوري، فقد أظهرت دراسة حديثة أن 4٪ فقط من مالكي السيارات الكهربائية يخططون للعودة إلى سيارات البنزين أو الديزل. وتبقى السيارات الكهربائية أكثر نظافة وكفاءة وقريبا ستصبح أرخص كما يؤكد بيتر هوجنيلاند المتحدث باسم جمعية السيارات الكهربائية النرويجية: “الصين من جانبها، تستثمر بالفعل في إنتاج مركبات الهيدروجين (التي لا ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون) وتستهدف إنتاج مليون وحدة بحلول عام 2030.
السفينة الكهربائية
شارك المهندس أود موين في تصميم أول قارب كهربائي في النرويج، وهو عبارة أمبير تيمنا بالعالم الفيزيائي أمبير، تجربة ما زال يتحدث عنها بكل إثارة وحماس يقول: “قبل خمس سنوات، قمنا بتحليل جميع خطوط العبارات في النرويج”، منذ ذلك الحين ونحن نعلم أنه يمكن تزويد مائة عبارة بحرية على الأقل بالكهرباء، إذا فعلنا ذلك، فسنخفض انبعاثاتنا بشكل كبير فحتى الآن 9٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البلاد تأتي من سفن الصيد البحري ومن العبارات، وسيتأتى هذا مع خفض تكاليف صيانة السفن وتشغيلها”، اليوم تبحر بالفعل أكثر من 200 سفينة كهربائية أو هجينة في مياه البلاد.
السؤال المطروح هل سينفجر سوق السفن الكهربائية مثلما انفجر سوق السيارات؟ “إنها كلمة لا نحبها كثيرا نحن صانعو البطاريات” يعلق هالفارد هاوسو نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات والتسويق في إحدى الشركات الكندية المنتجة لبطاريات الليثيوم. وتريد النرويج بالتأكيد أن تكون في الطليعة في هذا المجال، فمنذ عام 2017 استضافت بيرغن ثاني أكبر مدينة في النرويج مؤتمرا سنويا حول كهربة حركة المرور البحري حضره جميع الفاعلين الرئيسيين في القطاع البحري النرويجي بالإضافة إلى الشخصيات السياسية، يقول هالفارد هاوسو: “نقوم حاليا بتوريد البطاريات لـ 182 سفينة”، وخلال المؤتمر اكتسبنا عملاء جدد حيث من المنتظر أن تنتشر عملية كهربة السفن حول العالم في السنوات القادمة، لكن آمل أن يكون هناك ما يكفي من الليثيوم”.
الأثر البيئي لاستخراج معدن الليثيوم
من المتوقع أن يتضاعف السوق العالمي لبطاريات الليثيوم أربع مرات بحلول عام 2027، وتتواجد الرواسب الرئيسية المستغلة لهذا المعدن اليوم في تشيلي وأستراليا والأرجنتين والصين وفي الولايات المتحدة وكندا، ومع ذلك، فإن استخراجه يثير أيضا تساؤلات من وجهة نظر بيئية: اعتمادا على العمليات، يمكن أن يكون جشعا جدا في الماء أو حتى المواد الكيميائية السامة مثل حمض الهيدروكلوريك.
فبعد السيارات والعبارات والسفن الكهربائية، تريد النرويج أن تمضي إلى أبعد من ذلك وتأمل أن تصبح سياراتها وسفنها وحتى طائراتها كهربائية بالكامل بحلول عام 2040، بعد تجربة الطائرة الكهربائية العام الماضي والتي كان على متنها أحد الوزراء النرويجيون حيث اضطر ربان الطائرة إلى الهبوط اضطرارا في إحدى البحريات، حادث مؤسف ومخيف قليلا لكن ربما يكون الثمن الذي يجب دفعه للبقاء في طليعة حضارة ما بعد الكربون.
واليوم تقدم النرويج درسا تاريخيا لدول العالم في الانتقال الطاقي حيث ستظل المملكة الاسكندنافية متربعة على عرش حضارة “ما بعد الكربون”، وستعتمد على التنقل الكهربائي للحد من انبعاثاتها الملوثة. لكن المفارقة كما تؤكد الجمعيات البيئية، وعلى رأسها منظمة أصدقاء الأرض الشباب ومنظمة غرينبيس، أنه من خلال عائدات مبيعات الوقود الأحفوري تمول النرويج انتقالها الطاقي، فهي تلوث في مكان ما في الخارج لتنتقل طاقيا في الداخل.
إيسلندا بطلة الطاقة الحرارية الأرضية
تعتبر أيسلندا الدولة التي استفادت من دفء قبوها وهي واحدة من الدول ذات الأداء الجيد عندما يتعلق الأمر بالطاقة المستدامة، لكن تظل ايسلندا من البلدان التي تعاني من تبعات تغير المناخ. تخيل معي وأنت في بداية شهر غشت 2019 من عام حيث تبدو سفوح بركان وكأنها منتجع جبلي في جنوب غرب ايسلندا، وأنت تتنزه رفقة عدد لا يحصى من السائحين، وبينما أنت تستمتع بأشعة الشمس ويشير مقياس الحرارة إلى 24 درجة مئوية أي عشر درجات أكثر من متوسط ارتفاع المعايير الموسمية في المنطقة الجنوبية الغربية، وعند سفح مخروط البازلت الأسود، يبدو لك نهر ريكجادالسا وهو رشفة من الماء الجليدي الذائب جاهزا منسوبه للارتفاع من قاعه لينتشر بين الأرابيسك المتكون من تدفقات الحمم الباردة. وتتسلق رفقة السياح إلى قمة أوكجوكول للتأمل أمام كتل الجليد المتناثرة، حيث ستعيش اللحظة وتقنع بأن أول ما اختفى في أيسلندا كان هو هذا النهر الجليدي الذي امتد في عام 1890 على أكثر من ستة عشر كيلومترا مربعا، وتم الاحتفال به منذ نهاية غشت الماضي بواسطة لوحة برونزية: “كل أنهارنا الجليدية ستواجه نفس المصير على مدى الـمائتي عام القادمة” يقول أحد المواطنين الايسلنديين وهو يقرأ النص المنقوش على اللوحة البرونزية للأجيال القادمة، ويضيف: “يشهد هذا النصب على أننا نعرف ما يحدث وما يجب القيام به، أنت فقط تعرف ما إذا كنا قد فعلنا ذلك”، فأزمة المناخ في إيسلندا لم تعد أزمة، إنها شبه روتينية.
استخدام الطاقة الحرارية الجوفية
إن زراعة الحدائق ليست المجال الوحيد الذي يستفيد من هذه الثروة المفاجئة، أحواض الأسماك، المصانع، المكاتب، المساكن الجماعية، المنازل الفردية، حمامات السباحة، المدارس … جميع المباني التي يمكن ربطها بشبكة الطاقة الحرارية الأرضية تمثل في ايسلندا 90٪ والبقية يتم تسخينها بالكهرباء، والتي هي 99٪ من مصادر متجددة: محطات توليد الطاقة الهيدروليكية والجوفية. في إيسلندا وسائل النقل العمومي فقط هي التي تستهلك الوقود الأحفوري، لذلك، في المجموع يتم تغطية أكثر من 85٪ من احتياجات الطاقة الأولية للبلاد من خلال الموارد المتجددة.
ومع ذلك فإن الأيسلنديين اليوم يدركون تماما ظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤثر على كوكب الأرض، ويشككون في نموذجهم الخاص، لقد اجتذبت الكهرباء منخفضة التكلفة بالفعل الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى بلدهم الصغير، وأصبحت هذه الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 340.000 نسمة المستهلك الرئيسي للكهرباء للفرد (54.4 ميغاواط/ساعة، متقدمة بفارق كبير على البلد الثاني النرويج: “23.7 ميغاواط/ساعة”. ويستمر الطلب في الازدياد مع تأثير واضح للغاية على المناظر الطبيعية: في هذه المنطقة، وهي أصغر بست مرات من فرنسا، تم تركيب خمسين محطة طاقة هيدروليكية كبيرة للشبكة الوطنية وحوالي 200 محطة صغيرة على المستويات المحلية. بالنسبة لمحطات الطاقة الحرارية الجوفية الست الكبيرة، تظهر على بعضها علامات نفاد البخار، حيث أن الأصوات ترتفع لدرجة أن نظام الطاقة في إيسلندا قد لا يكون مستداما. بعد استطلاع للرأي أجرته احدى المؤسسات تبين أن ثلثي المستجوبين قلقون بشأن تأثيرات تغير المناخ، خاصة أن مصانع المعادن التي أقيمت هنا للاستفادة من الكهرباء هي أيضا ملوثة للغاية، تضاف انبعاثاتها إلى تلك المرتبطة بالسياحة التي انفجرت من 1.3 مليون زائر في عام 2015 إلى 2.3 مليون في عام 2019، وهذا يعني أن إيسلندا تمتلك رقما قياسيا آخر، فهي البلد الأوروبي الذي ينتج اقتصاده أكبر نسبة من ثاني أوكسيد الكربون للفرد: 16.9 طن “+ 32٪ بين عامي 1990 و 2017”.
الحياد الكربوني في أفق عام 2040
بالطبع، على المستوى العالمي، يكون تأثير الغازات الدافئة المنبعثة من هذا البلد قليل السكان للغاية متناهي الصغر بالكاد يمثلون 0.01٪ من الإجمالي العالمي أي أقل بقليل مما يلوثه المغرب، لكن ظاهرة الاحتباس الحراري واضحة هناك فالأنهار الجليدية فقدت 7٪ من حجمها منذ عام 1995 وبالنسبة للسكان الذين كانوا مقتنعين بأنهم يعيشون في منطقة “نظيفة”، فمن الصعب تجاوز هذه الأرقام، لذلك وضعت الحكومة خطة مناخية استباقية، الهدف: تحقيق الحياد الكربوني في عام 2040، قبل عشر سنوات من الاتحاد الأوروبي.
طموح إيسلندا يجعلها تعيش الواقع فبعد صدمات النفط في عامي 1973 و 1979، أدرك الآيسلنديون أن أراضيهم المليئة بالمياه والحرارة والينابيع الساخنة كانت جنة للطاقات الخضراء، ولفترة طويلة كان الأيسلنديون يستخدمون هذه فقط لغسل ملابسهم، حيث قررت الحكومة الايسلندية الاستفادة من هذه الطاقة النظيفة منذ السبعينيات، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط، لبناء شبكة تدفئة وطنية، وهذا يعتمد في نفس الوقت إلى حد كبير على الطاقة المائية لأن حوالي 11٪ من الأراضي مغطاة بالأنهار الجليدية التي تتدفق منها أنهار عالية التدفق.
انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في تزايد
تنتج ايسلندا اليوم طاقة كهربائية أكثر بكثير من احتياجاتها المنزلية، حيث يستهلكون بالكاد 5٪ منها، وفي الواقع ثلاثة مصانع ألمنيوم ضخمة مملوكة لمجموعات أجنبية تبتلع 75٪ من الطاقة الكهربائية لوحدها، هذه المصانع التي نمت انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بشكل مطرد لتصل إلى 1.3 مليون طن في عام 2014، أو أكثر من ثلث الإجمالي الوطني، لذلك بحثت السلطات الايسلندية عن أنواع أخرى من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة أقل وضوحا في المناظر الطبيعية من هذه المجمعات المعدنية الضخمة
ويأسف طوماس غوبجارستون لواقع الأنهار الجليدية العظيم، وهو أحد أكثر النشطاء البيئيين حماسة في البلاد، ويقول: “أخذتني دراساتي بعيدا عن بلدي لمدة 11 عاما وعندما عدت في عام 2005، كانت السدود تنمو في كل مكان، الحفر الجيوحرارية أيضا، نبيع للسائحين قصة أيسلندا الجميلة التي ستكون أرضا خاصة بها، لكن كل ما يبدو مستداما ليس كذلك”ـ ويستدل طوماس بمورد الطاقة الحرارية الأرضية الذي تم استغلاله بشكل مفرط لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، حتى هيليشيوا أكبر محطة لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية في البلاد – تعمل منذ عام 2006 – والتي زادت طاقتها الإنتاجية من الكهرباء إلى 303 ميجاوات في عام 2010 ولكنها تمكنت فقط من إنتاج 276 ميجاوات بعد ثلاث سنوات، ويقول توماس: “لقد ضخوا الكثير من البخار وفقدت الآبار طاقتها”. لذلك، قاموا باختبار عمليات بديلة ولكن هذا تسبب في الشعور بالزلازل في القرى المجاورة لذا فهم يتخلون عن الآبار التي تجف وتحفر أكثر وأكثر”.
إلى جانب تأثيرها على المناظر الطبيعية، بدأت هذه الصناعة في التعرض لانتقادات بسبب انبعاثاتها الجوية، من المسلم به أنها منخفضة للغاية مقارنة بمحطة توليد الطاقة بالوقود الأحفوري، ولكن بين عامي 1990 و 2014 زادت بنسبة 200٪ انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وبنسبة 250٪ لثاني أوكسيد الكبريت، ومع ذلك فإن هذه المصانع قريبة نسبيا من المنازل حيث يشكو السكان المحليون من مشاكل في الجهاز التنفسي تتعلق بثاني أكسيد الكبريت والغثيان والصداع، وينددون بانتظام بمعدلات التلوث المحلية التي تتجاوز معايير السلامة، وبشكل عام تمثل الطاقة الحرارية الأرضية 6٪ من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في البلاد، رقم لا يزال مرتفعا جدا في عيون الآيسلنديين.
طموح الطاقة الحرارية الجوفية النظيفة
لذا تعمل آيسلندا على الطاقة الحرارية الجوفية النظيفة بنسبة 100٪ للمستقبل في بيئة من الخيال العلمي. بدواماتها السميكة من الدخان الأبيض، وأنابيبها الضخمة التي تنساب في واد كامل، وملاجئها المعدنية على شكل نصف كروي موضوعة في جميع أنحاء الصخرة البركانية. تشبه محطة هيليشواي لتوليد الكهرباء الشهيرة بالفعل قاعدة تجريبية على المريخ، فمنذ عام 2007 شرعت شركة سويسرية على مشروع تقليل انبعاثات الغاز من محطة الطاقة من خلال ترسيخها مبدأ تم اختباره على ثاني أوكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين الذي يتم التقاطه في الغلاف الجوي ويذوب في الماء ثم يحقن على عمق يتراوح بين 600 و1000 متر في طبقة من البازلت حيث يتلامس مع هذا الصخور، يتحول ثاني أوكسيد الكربون إلى كالسيت و كيبريتيد الهيدروجين إلى بيريت. وكانت النتائج الأولى التي تم الكشف عنها في عام 2016 جد حاسمة، فقد تم ترسيخ كل الغاز الذي تم التقاطه بهذه الطريقة تقريبا في غضون عامين وبتكلفة تنافسية، وتهدف الشركة السويسرية إلى التقاط 1٪ من جميع الانبعاثات العالمية بحلول عام 2025،لذلك لتحقيق حياد الكربون في عام 2040 تعتمد إيسلندا أيضا على تدابير احتجاز ثاني أكسيد الكربون الطبيعية عبر إعادة التحريج وتكاثر الأراضي الرطبة وما إلى ذلك، وتعمل قبل كل شيء على تقليل انبعاثاتها على وجه الخصوص تلك المتعلقة بالنقل (23٪ من الإجمالي) والتي انفجرت تحت تأثير النمو الاقتصادي وطفرة السياحة حيث قفز بين عامي 1990 و 2014 أسطول المركبات بنسبة 78٪. ويتم إعادة تقييم ضريبة الكربون على الوقود الأحفوري، المطبقة منذ عام 2010 بانتظام، واعتبارا من عام 2030، لن يسمح بأي تسجيلات جديدة للمركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري.
وقبل كل شيء يعمل العديد من الباحثين على أنواع الوقود البديلة حيث تستضيف محطة توليد الكهرباء هيليشواي أيضا مشروعا تجريبيا لخلايا وقود الهيدروجين، وهو وقود لا تنبعث منه أية غازات دفيئة سوى بخار الماء فقط، حيث يمكن اعتبار إنتاجه في إيسلندا مستداما، وفي الواقع فالهيدروجين الذي يتم الحصول عليه عن طريق التحليل الكهربائي للماء، بينما في أي مكان آخر يتم صنعه دائما من الموارد الأحفورية أو الخشب، و في غضون ذلك تتطور السيارات الكهربائية (19٪ من المبيعات في 2018) بفضل سياسة الحوافز من السلطات العامة.
في محطة طاقة سابقة تعمل بالفحم الحجري في ضواحي العاصمة، أسس المهندس الميكانيكي صابور اسغيرسون شركة من خمسة موظفين قبل خمس سنوات، إنه مقتنع جدا بأنه راهن على الطاقة الأيسلندية النظيفة للغد: طاقة الرياح، ويقول: “قبلنا، لم يفكر أحد في الأمر حقا”، بدت الطاقة الهيدروليكية والطاقة الحرارية الأرضية مثقلة بالديون، ولم يتم تكييف أي تركيب مع العواصف التي نعرفها هنا”، فبعد تصميم توربينات الرياح لمنازل منعزلة في وسط الطبيعة، العديد منها في إيسلندا، أطلقت الشركة توربينات جديدة قادرة على تحمل رياح تزيد سرعتها عن 200 كيلومتر في الساعة، وهو منتج تمتلك فيه الشركة الناشئة طموحات دولية، ومع ذلك في آيسلندا يجب أن تقتصر هذه التقنيات البديلة على سوق متخصصة، حيث سيتم دمج الطاقة الحرارية الأرضية في الحياة اليومية للآيسلنديين – حتى أنها تستخدم لإزالة الثلوج من مواقف السيارات في الهواء الطلق وتذويب الجليد في ملاعب كرة القدم – ويبدو أنها مرتبطة بشكل لا يمكن إصلاحه بمستقبل البلاد، ومن ناحية أخرى، لابتكار مستقبل أخضر لنفسها، وسيكون عليها بالتأكيد أن تفعل أكثر من مجرد حبس انبعاثات الكربون في البازلت، وسيتعين على إيسلندا إيجاد توازن بين احتياجاتها المتزايدة من الطاقة والحفاظ على بيئتها الهشة.
المغرب البلد الرائد إفريقيا في الطموح المناخي
صنف المغرب ضمن أكثر سبع دول التزاما في العالم بمكافحة تغير المناخ، واحتل المغرب مرتبة جيدة في مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2021 واحتلت المملكة المغربية المرتبة السابعة عالميا والأولى إفريقيا وعربيا ، بعد السويد والمملكة المتحدة و الدانمرك وقبل النرويج البلد الرائد والأخضر والصديق للبيئة، وقبل الصين البلد الأكثر إنتاجية للطاقة الكهربائية المتجددة في العالم: الأول إنتاجية في الطاقات الشمسية والريحية والهيدروليكية، وقبل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، أهم الدول العظمي في الطاقات النظيفة، يسلط مؤشر الأداء المناخي الضوء على دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى 56 دولة أخرى ويستند إلى أربعة معايير: انبعاثات غازات الدفيئة والطاقات المتجددة واستهلاك الطاقة وسياسة المناخ. وعزز المغرب خلال السنوات الماضية جهوده لصالح التنمية المستدامة بفضل زيادة حصة الطاقات المتجددة وتطوير الطاقات المتجددة والجديدة، وتشمل هذه الجهود إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم والعديد من مزارع الرياح التي تعمل بالشبكة، وقد رحبت هذه المبادرات من قبل مؤلفي تقرير مؤشر الأداء المناخي الذين ذكروا أن الدولة “تسير على المسار الصحيح لتحقيق هدفها المتمثل في 42٪ من قدرة الطاقة المتجددة المثبتة في 2020 و 52٪ في 2030”.
بذلت المملكة المغربية العديد من الجهود للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، الأمر الذي جعلها تحصل على مراتب متقدمة في فئة “مكافحة انبعاثات الغازات الدفيئة” وكذلك في فئة “سياسة المناخ”. وتأمل الحكومة المغربية في أن تساعدها استراتيجيتها طويلة المدى لعام 2050 في أن يصبح المغرب رائدا على المستوى الدولي، خصوصا وأن الدولة تسير على المسار الصحيح فالمغرب حسب التقرير يحتل مرتبة أعلى من دول مثل فرنسا و ألمانيا أو الولايات المتحدة، التي تتواجد في المراتب الأخيرة.
< بقلم: محمد بنعبو
(*) خبير في المناخ والتنمية المستدامة
رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة