تتجه الحكومة الألمانية الجديدة برئاسة أولاف شولتز إلى مراجعة موقف الحكومة السابقة التي عمرت فيها أنجيلا ميركل طويلا، وأنهت مسارها بإشعال فتيل التوتر الدبلوماسي بين برلين والرباط.
حكومة أولاف شولتز أعلنت نيتها تسريع عملية طي صفحة الخلاف مع المغرب. فقد اعتبرت الوزارة الفيدرالية الألمانية للشؤون الخارجية، أول أمس الاثنين، في بلاغ لها، أن مخطط الحكم الذاتي يشكل “مساهمة مهمة” للمغرب في تسوية النزاع حول الصحراء.
وأبرز المصدر ذاته أن “ألمانيا تدعم الجهود المبذولة من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل، دائم ومقبول على أساس القرار 2602”.
من جهة أخرى، سلطت الحكومة الفيدرالية الألمانية الضوء على “الدور المهم” الذي تضطلع به المملكة “من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة. ويتجلى ذلك على الخصوص، في مجهوداتها الدبلوماسية لفائدة عملية السلام الليبية”.
وأبرز بلاغ الوزارة الألمانية للشؤون الخارجية “الإصلاحات واسعة النطاق” المنفذة من طرف المملكة خلال العقد الماضي، ودورها كـ”حلقة وصل” مهمة تربط بين الشمال والجنوب، على الصعيد السياسي، وأيضا الثقافي والاقتصادي.
وفي هذا الإطار، يضيف المصدر ذاته، يعد المغرب “شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي وألمانيا في شمال إفريقيا”، مبرزا جودة المبادلات الاقتصادية، الثقافية والتجارية القائمة بين المملكة وألمانيا.
موقف حكومة أولاف شولتز يظل فضفاضا بخصوص مستقبل العلاقات الديبلوماسية، وخاصة الموقف الواضح من ملف الصحراء المغربية. وبالتالي، فهو يثير تساؤلات حول ما إذا كانت ألمانيا تنوي تغيير موقفها من القضية الأولى لكل المغاربة ملكا وحكومة وشعبا، لاسيما وأن جلالة الملك محمد السادس سبق أن أكد أن المغرب يريد مواقف دولية أكثر جرأة بشأن الصحراء المغربية، ما يعني أن المغرب لم يعد يقبل بالمواقف الضبابية.
ومن شأن تعبير ألمانيا عن موقف أثر جرأة جول الصحراء المغربية أن يذيب أسباب الخلاف بين الجانبين، والتي دفعت المغرب في مارس الماضي إلى استدعاء سفيرته لدى برلين زهور العلوي للتشاور حول موقف ألمانيا – الذي وصفه بـ”السلبي”- من اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء و”محاولة استبعاد الرباط من الاجتماعات الإقليمية حول ليبيا”.
و كان وزير الخارجية ناصر بوريطة قد وجه حينها مراسلة إلى مختلف الوزارات المغربية تحث على “تعليق كل أشكال التواصل والتفاعل والتعاون في جميع الحالات وبأي شكل من الأشكال مع السفارة الألمانية وهيئات التعاون الألمانية والمؤسسات السياسية التابعة لها”.
وأوضح بوريطة في المراسلة أن وزارته اتخذت قرارها بسبب “سوء تفاهمات عميقة حول ما يخص قضايا أساسية للمملكة المغربية”.
ويمكن القول اليوم إن استعادة نوعية العلاقات الثنائية مع المغرب بعد مرحلة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل ليست مرتبطة فقط بالرغبة السياسية لحكومة المستشار الجديد بقدر ما هي مرتبطة باستعداد ألمانيا كدولة لمراجعة موقفها من سيادة المغربية على أراضيه. فالمغرب ينتظر من برلين توجها دبلوماسيا واضحا تجاه وحدته الترابية، ولا يمكن استئناف العلاقات الثنائية بعيدا عن أي مراجعة للموقف الألماني تجاه قضية الصحراء المغربية.
مصطفى السالكي