الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مرعب ومهول وبشع…، وما تعرضه القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية يدمي القلوب والمشاعر، ويبكي العيون.
لحد الآن خلف الزلزال آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، والكثير الكثير من الخراب والدمار، سواء في جنوب تركيا أو في شمال سوريا أو في مناطق أخرى من البلدين.
اهتزازات الأرض أحس بها الناس كذلك في بلدان أخرى بالجوار، وأصاب الرعب والهلع هذه الشعوب أيضا، وأدرك الجميع أننا كلنا نحيا فوق هذه الأرض المشتركة، وكلنا معنيون بمصيرها، ومسؤولون عن حمايتها، وعن التضامن الإنساني بيننا جميعا.
الجميع ينشغل هذه الأيام بأخبار الزلزال المفجع في تركيا وسوريا، والكل، عبر العالم برمته، يتابع مستجداته الأليمة، ويتعاطف مع الشعبين والبلدين، ويفكر في حال اللاجئين السوريين الذين هوت مصيبة الزلزال على رؤوسهم في هذا الفصل البارد والمطير، وزادت على معاناتهم المتواصلة منذ زمن…
تنقل الصور مشاهد أكوام الأنقاض والمساكن المدمرة والمنهارة وركض طواقم الإنقاذ في كل اتجاه لتقديم المساعدة والإسعاف، وتتحدث الأخبار عن مناطق وقرى حالت ظروف مختلفة دون حتى أن تصلها فرق الإسعاف المحلية أو الأجنبية…
عشرات الآلاف من البيوت انهارت، والكثير من المنشآت والتجهيزات التحتية، وانضاف آلاف المشردين إلى عشرات الآلاف من الضحايا والقتلى، وأيضا الجرحى والمصابين، علاوة على الأيتام والأرامل والأسر المكلومة، وانتشر في كل مكان اليأس والحرمان والعجز والخوف والحزن، وانهمرت الدموع…
هنا لا صفة لما حدث سوى الرعب والبشاعة والهلع، والناس بهذه المناطق كلها ليسوا في حاجة إلى منابر وخطب وهتافات وبيانات التعاطف، وإنما هم بحاجة إلى مساعدات عملية ملموسة عاجلة تشعرهم ولو ببعض الاطمئنان والمواساة.
عمليات الإنقاذ والبحث عن ضحايا أو مفقودين تحت الأنقاض تحتاج أن تتعزز وتتكثف، عمليات الإيواء الفوري والتغذية والوقاية من البرد والعلاجات الطبية هي أيضا تحتاج للمساندة والتعزيز والدعم، وكذلك المساندة اللوجيستية على الميدان…
وعلى هذه المستويات، الجميع معني بالدعم والمساعدة للشعبين والبلدين، والكل مدعو لإدراك المسؤولية الجماعية المشتركة على مصير هذه الأرض الواحدة، والحاجة إلى تضامن إنساني متجدد يكرس التعاون والتلاحم.
إن إحساس الناس في العراق ولبنان بوقع الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وأيضا احساس شعوب وسكان مناطق أخرى في بلدان عربية وأوروبية مجاورة، وشعورهم جميعا بالخوف والهلع، يؤكد الحاجة لفهم الدرس، والعمل من أجل بناء نظام إقليمي جديد ينتصر للتعاون والوحدة، ويسعى للقضاء على الأزمات السياسية والحروب والمعاناة الإنسانية وسط دول المنطقة، وخصوصا بالشرق الأوسط الساخن والمشتعل…
استمرار الحروب في أجزاء من هذه المنطقة، وتواصل المعاناة الإنسانية هناك منذ سنين، هو مثل الزلازل كذلك، ويخلق الرعب والمآسي والخيبة والحرمان، بل هو بمثابة زلازل سياسية وعسكرية حقيقية تتواصل منذ مدة بلا توقف…
الشعبان التركي والسوري يستحقان اليوم منا، ومن كل الناس، التعاطف والتضامن، والدعوة إلى الدعم والمساندة لتخفيف المعاناة الإنسانية، وعلى كامل المجتمع الدولي، وأيضا البلدان المسلمة والعربية، الاستنفار والتدخل لتقديم كل المساعدة الضرورية، طبية ولوجيستية وإنقاذية وغذائية ومالية وتجهيزية وإنسانية، والوقوف إلى جانب الشعبين والبلدين.
<محتات الرقاص