سيطر الباعة المتجولون على طرقات مدينة مكناس وساحاتها لدرجة في بعض الأحيان يصعب على بعض السكان الالتحاق بمنازلهم المتواجدة في هذه الشوارع والساحات التي تصبح أسواقا، ناهيك على مجموعة من الممارسات التي يمكن تصنيفها ضمن خانة “البلطجة” والدفاع عن الحق المكتسب!. وقد ارتأت السلطات المحلية والجماعات، تنظيم هؤلاء الباعة تحت لواء جمعيات وكلفت هذه الأخيرة بإحصاء المستفيدين المحتملين. غير أن ما يصل من أخبار لا يطمئن، بحيث أن هناك أماكن بأرقام معينة لا تتعدى المترين سجل فيها أكثر من ثلاث أشخاص : ” واحد بائع والباقي من ذوي القربى”. بل استفاد من هذه العملية بعض المستشارين في الجماعة، على أساس بيع الدكاكين مستقبلا..
كما لا يخفى على الجميع أن السياسات الحكومية المتبعة مند مطلع الاستقلال وظروف الجفاف المتعاقبة على بلادنا، كان من نتائجها الأساسية هجرة سكان القرى وبناء مدن صفيحية بمحيط المدن الكبرى بغض الطرف من بعض المسؤولين المحليين وفي الكثير من الأحيان بتواطؤ مكشوف لأسباب انتخابية.
ومن نتائج هده الهجرة الغير المنظمة والغير المكونة لتلبية حاجيات السوق لجأ بعض الشباب، من أجل كسب لقمة العيش، إلى الانخراط في تجارة غير مهيكلة ولا منظمة أطلق عليها اسم الباعة المتجولون أو الفراشة.
هده الظاهرة التي عرفت توسعا كبيرا مند مطلع التسعينيات من القرن الماضي، بحكم التحاق جحافل من المعطلين من سكان المدن بهده التجارة التي لا تتطلب رأس مال كبير ولا تجربة معمقة في التجارة / الشيء الذي أصبح يضر بالاقتصاد المهيكل وبخزينة الدولة ناهيك عن التشويه الذي لحق بالجمالية العامة للمدن /الأمر الذي دفع بالمسؤولين إلى التفكير في تنظيم هذا القطاع، من هنا جاءت فكرة خلق أسواق نموذجية تجمع هؤلاء التجار وتؤطرهم.
كغيرها من المدن، عرفت مدينة مكناس أحزمة البؤس بمحيطها وسيطر الباعة المتجولين على طرقاتها وساحاتها لدرجة في بعض الأحيان يصعب على بعض السكان الالتحاق بمنازلهم المتواجدة في هذه الشوارع والساحات التي تصبح أسواقا عشوائية، ناهيك على مجموعة من الممارسات التي يمكن تصنيفها ضمن خانة “البلطجة” والدفاع عن الحق المكتسب، نموذج ما وقع بساحة الهديم، حيث نظمت إحدى الجمعيات مهرجانا حاول الباعة المتجولون من خلال عرض سلعهم أمام منصة السهرات منع المتفرجين من تتبع فقراته!، ليس هذا فحسب، بل إن هؤلاء الفراشة تسببوا في خسارات كبرى للمدينة حين اقترض المجلس البلدي عدت ملايير من الدراهم من صندوق التمويل الجماعي لبناء سوقين في حي البرج واللذين لا زالا فارغين ليومنا هذا!، لأن كل من فتح دكانا داخل السوق لا يصله الزبائن بحكم أن كل السلع معروضة في الأرصفة ؟ .
لاجتثاث هده الظاهرة المضرة بالاقتصاد وجمالية المدينة، فكرت الدولة في تنظيم هؤلاء التجار من الصنف الثاني بإحصائهم أولا، وبناء أسواق خاصة بهم ثانيا، وهنا بدأ الإشكال وأسباب الفشل : في بادئ الأمر قامت السلطات بعملية احصاء هؤلاء الفراشة فكانت الاحصائيات تتغير بين ليلة وضحاها، حيث كان عدد الباعة المتجولين أو الفراشة لا يتعدى 1200 ليصل الى 3000 شخص في ظرف أسابيع.
تم بناء ثلاث أسواق أو أكثر بكل من حي “عين الشبيك وسيدي سعيد وسيفيطا وسيدي بوزكرى، عين السلوكي….” لاستيعاب كل هذه الأعداد الهائلة من الباعة، لكن النتائج جاءت مخيبة للأمل لأن المعضلة لم تحل بل استفاد من هذه الأسواق وخاصة واجهات السوق الأمامية، أناس لا علاقة لهم بالباعة المتجولين حيث أصبحت المقاهي والمطاعم وبيع اللحوم وغيرها.
وبقيت شوارع مكناس على حالها حيث لا يمكنك المرور في مجموعة من الأحياء والساحات.
وأمام هذا الفشل ارتأت السلطات المحلية والجماعات، تنظيم هؤلاء الباعة تحت لواء جمعيات كلفت بإحصاء المستفيدين المحتملين. غير أن ما يصل من أخبار لا يطمئن، بحيث أن هناك أماكن بأرقام معينة لا تتعدى المترين سجل فيها أكثر من ثلاث أشخاص : ” واحد بائع والباقي من ذوي القربى”.
هناك أسماء لا علاقة لها بالتجارة استعملت نفوذها لتسجيل أشخاص كواجهة. يتكلم المتضررون في هذه العملية عن استفادة بعض المستشارين المعروفين بالاصطياد في الماء العكر في الجماعة، من العملية على أساس ن بيع الدكاكين مستقبلا..
أمام هذه الوضعية، لا يسعنا سوى أن نلفت انتباه المسؤولين إلى ما يقع من تجاوزات من أجل اتخاذ التدابير بالجدية والصرامة اللازمة لتنظيم هذا القطاع ربحا للوقت وصونا للمال العام وحفاظا على كرامة المواطن.
< حسن الزعيم